السفير الإيراني في أبوظبي: من قال إننا لا نتحاور مع الإماراتيين بشأن الجزر؟

قال إن الخليج فارسي وعلى العرب أن يسموه كذلك

TT

كشف حميد رضا آصفي السفير الإيراني في الامارات العربية المتحدة عن حوار إيراني إماراتي بشأن الجزر الأماراتية المحتلة، ورد خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» عن أسباب عدم موافقة الحكومة الايرانية على إجراء حوار بشأن الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة منذ عام 1971 قائلا «من قال إننا لا نتحاور معهم»، رافضا في الوقت نفسه الخوض في تفاصيل الحوار، ومعتبرا أن بقاء هذا الحوار بعيدا عن الاعلام سيخدمه أكثر.

غير أن حميد آصفي اعتبر أن التصريحات الرسمية الاماراتية الأخيرة بشأن تشبيه احتلال الجزر الثلاث (طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى) بالاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية «هفوة كلام».

وكان موقف السفير الإيراني، والذي كان يشغل منصب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية لثماني سنوات، من الخلاف بين بلاده وجاراتها على الضفة الشرقية من الخليج العربي، بشأن تسمية الممر المائي، صارما قائلا «الخليج فارسي وهذا مثبت تاريخيا، وإذا كان لا يهمكم تسمية الخليج، فلماذا تسمونه عربيا؟ سموه فارسيا».

السفير حميد آصفي، الذي اعتبر أن حرص بلاده على العلاقات مع دول الخليج مسألة استراتيجية وليس تكتيكا، استخف بالتصريحات الاسرائيلية الأخيرة بشأن الهجوم على بلاده، وقال إنه لا يأخذ هذه التصريحات بمحمل الجد، محذرا تل أبيب من أن «أي خطوة حمقاء كهذه يمكن أن تؤدي لكارثة» على إسرائيل.

وهنا نص الحوار:

* لنبدأ من المخاوف التي يشعر بها الشارع الخليجي من جارته إيران.. كيف يمكن لكم كسفير إيراني في عاصمة خليجية مهمة مثل أبوظبي تبديد هذه المخاوف؟

ـ الأولويات الأساسية للجمهورية الإيرانية هي علاقات متطورة مع جميع الدول العربية وخصوصا جيرانها في الخليج، فنحن عبرنا مرحلة كبيرة في هذا المجال في تطوير العلاقات الايرانية الخليجية، وأؤكد لكم أننا نريد بناء علاقات قوية مع دول المنطقة بكل ما تعنيه هذه الكلمة، وليس الأمر تكتيك مرحلي انما إستراتيجية على المدى الطويل لإيران، فلدينا قواسم مشتركة في الدين والثقافة، والمهم هنا أيضا أن لدينا مصيرا واحدا مشتركا. الغرباء يأتون ويذهبون ولا يقومون إلا بتعميق الهوة والفرقة، لكن نحن باقون دائما، لذا فان أي خلاف بيننا يجب أن نحله بالحوار والوسائل الودية، فالقواسم المشتركة بيننا أكثر بكثير من نقاط الاختلاف، لكن بعض الأوساط تحاول دائما أن تشعل هذه الخلافات. وحتى أكون أكثر وضوحا فإن الخلافات بين الدول هي أمر طبيعي، فدول مجلس التعاون الخليجي بينها خلافات وكذلك الجامعة العربية ونحن نعتبر أن زيارة الرئيس أحمدي نجاد للمنطقة كانت رسالة مهمة لدول المنطقة لاستتباب الأمن وتعزيز العلاقات، وبالفعل بعد هذه الزيارة وجدنا أن العلاقة تطورت بشكل ملحوظ.

* أنت كسفير ما هو دورك في تخفيف الاحتقان والقلق بل وأحيانا التوتر بين بلادك والامارات العربية المتحدة؟

ـ إحدى أهم وظائفي تعزيز العلاقات الثنائية بين طهران وأبوظبي، وفي رأيي اننا نقوم بتعزيز نقاط الوحدة والاتفاق بيننا، والتقليل من نقاط الاختلاف يوما بعد يوم. وهنا أريد التأكيد على أن إيران ودول الخليج ليست في تنافس انما هي مكملة لبعضها البعض.

* كان قبل ايام تبادل تصريحات قوية بين طهران وأبو ظبي حول قضية الجزر الأماراتية، اذ وصفت طهران محاولات رئيس المجلس الوطني الاماراتي من اجل الجزر بأنها "مشبوهة"، وردت ابو ظبي أن احتلال جزرها لا يختلف عن الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية.. لماذا ترفضون الحوار حول قضية الجزر؟

ـ ومن قال أننا نرفض هذا الحوار؟

* هذا هو الموقف الإيراني الرسمي كما أن الإماراتيين يؤكدون أنكم لا تقبلون بالحوار معهم في شأن الجزر؟

ـ كل ما أود قوله إننا نتحاور، لكني أقول في الوقت ذاته أنني لا أريد أن أتحدث عن ما يجري بيننا عبر الصحف، لان طرح الموضوع والجدل حوله سيزيد من الخلافات ومن تجربة موثقة لدي فإن القضية لن تحل بل سيتسع الجدل حولها، لذا أظن ان الحوار (بين ايران والامارات) ليس مكانه الصحافة، لكن الذين قرأوا تاريخ ايران والامارات يعرفون بصورة جيدة أنه لا يمكن قياس تشبيه إيران باسرائيل. أعتقد أن هذه التصريحات كانت مجرد هفوة كلام.

* مئات الآلاف من الإيرانيين يعيشون منذ سنوات طوال في الخليج، والامارات خصوصا، بسلام وهدوء وأمان بالرغم من كل الخلافات السياسية، إلا أن الحال ليس كذلك بالنسبة للخليجيين في ايران، فالمظاهرات تخرج أمام السفارات الخليجية واللافتات الاستفزازية ترفع، ألا تعتقدون أن مثل هذه الافعال تتسبب في زيادة الاحتقان؟

ـ أولا نحن سعداء بأن تعيش الجالية الإيرانية في دول الخليج (الفارسي)، يسعدنا أن نرى ان للإيرانيين، والبالغ عددهم حاليا بين 450 إلى 500 ألف إيراني، دورا في تنمية دول المنطقة، وأنتم تعرفون أن الايرانيين من الجاليات الممتازة بالمنطقة، فهم أصحاب رؤوس أموال وأطباء ومتخصصون في مجالات مختلفة، لذا يسعدنا أن يساهم الايرانيون في إنماء المنطقة، لأننا نعتبر تنمية المنطقة وتطويرها يخدم أهداف إيران. أما بالنسبة للمظاهرات التي تتحدث عنها، فلم تخرج فعلا سوى مظاهرة واحدة فقط، ومن قام بها أعدادهم قليلة ولا تعد، والشرطة واجهتهم ولم تسمح لهم بالأستمرار في مظاهرتهم هذه، وأنا اشاطركم الرأي في أن مثل هذه المظاهرات تعقد الأمور وتزيد الاحتقان.

* هناك أصوات خليجية ترى أنكم تصعدون قضية تسمية الخليج، إلى فارسي بدلا من عربي، أكثر مما تستحق.. هل ترى أن مجرد اسم لممر مائي يستحق مثل هذا التوتر؟

ـ الخليج فارسي وهذا مثبت تاريخيا في الوثائق الدولية وحتى وثائق الأمم المتحدة، وإذا كان لا يهمكم تسمية الخليج، فلماذا تسمونه بالعربي؟ سموه فارسيا.. هذا غير ممكن أن يغير اسم تاريخي، ونقول أنه أمر غير مهم، هذا يجعل الناس في متاهة في اصل اسم الخليج، الذي هو فارسي.

* لنتحدث عن الحصار الاقتصادي الذي تسعى الولايات المتحدة الى فرضه عليكم.. كيف يمكن لكم التعامل مع هذا الوضع، فيما يتم تجميد حسابات وإيقاف مشاريع مشتركة؟

ـ استطيع القول أن لدينا إمكانيات كبيرة، ونحن منذ إنطلاق الثورة الاسلامية في عام 1979 والحصار مفروض علينا، أكثر من 95% من إحتياجاتنا الأساسية ننتجها داخل إيران، لاشك ان لدينا بعض المشاكل الداخلية مثل التضخم، لكن كل دول المنطقة تعاني من إرتفاع نسب التضخم ولسنا وحدنا. الحصار لا يقلقنا كثيرا واقتصادنا لم يتاثر بهذا الحصار.

* في ما يتعلق بالامارات، هل تحدثتم مع المسؤولين عن هذه القضية تحديدا وما حدث من بعض البنوك الاماراتية بشأن تجميد الحسابات؟

ـ نحن نتحدث مع كل دول المنطقة، ونؤكد على حقوقنا طالما أننا نعمل في إطار القوانين الدولية. التجارة البينية بين إيران والامارات تصل إلى 14 مليار دولار أميركي، وهو لا يتضمن مواد تتعلق بالبنية التحتية، هل أستيراد مواد أستهلاكية مثل السكر والشاي يتناقض مع القوانين الدولية؟

* الشارع الخليجي قلق من الملف النووي الإيراني، وهنا أقول تحديد الشارع وليس الحكومات، حتى الآن لم تصدر أي تصريحات إيرانية تطمئن الدول الخليجية من عدم أستهدافها عسكريا في حال تعرض إيران لهجوم أميركي.. لماذا لا تطمئنون جيرانكم؟

ـ نحن مع شعوب الخليج في هذا القلق مما يحدث في المنطقة، فهم لايزالون يعانون من آثار الحرب الأميركية على العراق، طبيعي أن أي مواجهة في المنطقة تجعل الجميع في وضع صعب لكني لا أرى أن الولايات المتحدة يمكن أن تقدم على خطوة مثل الهجوم على إيران، اميركا أكثر هشاشة من أن تهاجم عسكريا إيران، السياسة الأميركية مبنية على التهديد.

* وزير النقل الاسرائيلي هدد قبيل ايام بهجوم أسرائيلي على إيران.. كيف تردون؟

ـ بداية فإن الجهات الاسرائيلية العليا قالت إنها ضد هذه التصريحات، ثانيا فإن الكيان الصهيوني يحاول التغطية على مشاكله الداخلية بتصديرها للخارج، ثالثا هم يرون أن (الرئيس الأميركي جورج) بوش يمضي شهوره الأخيرة في البيت الأبيض، ولن يتجرأ على أي خطوة ضد ايران وهم يريدون أن يدفعوه لذلك، رابعا الاسرائيليون يعولون على الحرب النفسية في هذه التصريحات، ولكني أقول وبكل صراحة أن اسرائيل تعلم ماذا سيجري عليها لو قامت بمثل هذه الخطوة الحمقاء، خطوة مثل هذه ستؤدي لكارثة على اسرائيل، إلا أني أؤكد أن لا تأخذوا هذه التصريحات على محمل الجد.

* الاتهامات تلاحقكم بتدخلكم في العراق.. كيف يمكن أن نرى عراقا مزدهرا بدون أي تدخلات أجنبية؟

ـ المسؤولون العراقيون الرسميون، مثل رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، لم يصرحوا أن هناك تدخلات إيرانية في بلادهم ولم يتهموا ايران بذلك، لكن هذه الاتهامات لا تتعدى نوابا بالبرلمان أو بعض وسائل الاعلام. إيران لا تتدخل في الشؤون الداخلية، حتى أن زيارة المالكي الأخيرة لإيران أكدت نظرة الحكومة العراقية في هذا الاتجاه، الكل يعرف أن المشكلة هي الحضور الأميركي للمنطقة، نحن منذ البداية طرحنا الموضوع ولازلنا نعتبر أن هذا الموضوع هو لب المشكلة، نحن بالعكس دعمنا العراق عبر دعوة الدول العربية لفتح سفارات لها في بغداد لمساعدة العراق، لو أردنا التدخل لما أتخذنا هذه الخطوات، بالنسبة لإجتماعات دول الجوار إيران تعتبر أهم عناصر هذه الاجتماعات.

* أخيرا.. لماذا تتهمون بأن لكم أطماعا في العراق؟

ـ نحن لسنا لدينا أطماع في اراضي العراق أو أي ارض عربية، هذه اتهامات واهية ينشرها الاميركيون لتغطية حروبهم في العراق، نحن ندعم العراق وكنا ولا زلنا نصر على دعم العراق، ويسعدنا أن نرى الحكومة العراقية تتقدم.. الامن للعراق هو أمن لنا أيضا.