أربيل: تقرير ديمستورا اقتطع مناطق كردية لا جدال عليها من خارطة كردستان

المتحدث باسم حكومتها لـ«الشرق الاوسط»: المبعوث الأممي تخطى حدوده

جنود عراقيون يديرون نقطة تفتيش شمال بغداد امس (أ.ف.ب)
TT

اثارت المقترحات التي قدمها الدبلوماسي السويدي استيفان ديمستورا المبعوث الدولي الخاص الى العراق في تقريره الاول، بشأن حل قضية كركوك والمناطق المتنازع عليها بين اربيل وبغداد، زوبعة كبيرة في الاوساط السياسية الكردية والعربية والتركمانية في العراق على حد سواء. وقال مسؤولان كرديان بارزان ان ديمستورا تخطى حدود مهامه، وان تقريره اقتطع «مناطق كردستانية لا جدال ولا غبار عليها من خارطة كردستان».

وشنت شخصيات كردية هجموما قاسيا على التقرير الاممي، حيث وصفه بعض النواب الكرد في البرلمان العراقي بانه اشبه بـ«اتفاقية سايكس بيكو التي جزأت كردستان»، فيما اعتبره نواب آخرون بانه «نوع جديد من التمييز العنصري على اساس جغرافي»، بينما دعا نواب في البرلمان الكردستاني الى «وقف نشاط ديمستورا فورا»، في حين رأى البعض الآخر بانه لا ضير من انتظار التقرير الثاني والثالث، الذي من المقرر لديمستورا تقديمهما لاحقا قبل اتخاذ موقف نهائي حيال مقترحاته التي ترمي الى ايجاد حل لمشكلة جميع المناطق المشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي القاضية بتطبيع الاوضاع في تلك المناطق وتقرير مصيرها اداريا بموجب استفتاء شعبي حر ونزيه لسكانها.

ومن جانبه اكد نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة اقليم كردستان في مؤتمر صحافي مشترك عقده في اربيل مساء اول من امس مع عدنان المفتي رئيس البرلمان الكردستاني بان «ديمستورا تجاوز الحدود الرسمية لمهامه في صياغة وبلورة تلك المقترحات».

اما دواعي الرفض الكردي لتقرير ديمستورا فقد لخصها المتحدث الرسمي باسم حكومة اقليم كردستان جمال عبد الله قائلا ان «ديمستورا عندما حضر الى البرلمان الكردستاني في 17 ديسمبر (كانون الاول) 2007 تعهد اولا بتقديم مساعدات لوجستية وفنية بغية تنفيذ مضامين المادة 140 من الدستور العراقي كما هي، والا تتخطى مهامه حدود بنود تلك المادة، وثانيا الاستناد الى نتائج انتخابات عام 2005 في حال تعذر اجراء الاستفتاء في المناطق المشمولة، الا ان ما ورد في تقريره الاخير يتعارض تماما مع تلك التعهدات، بمعنى ان ديمستورا تخطى حدود ما تم الاتفاق معه بهذا الصدد».

وتابع عبد الله في حديث خاص لـ«الشرق الاوسط» قائلا: ان «تقرير ديمستورا لم يتناول ايضا ازالة الحيف والمظالم التي تعرض لها المواطنون الكرد في تلك المناطق ابان عهد النظام السابق، مثل الممارسات العنصرية والتمييز الطائفي، كما انه تجاهل الحقائق الجغرافية والتاريخية لهذه المناطق، مضيفا ان ما تقدم به ديمستورا هو مجرد مقترحات قابلة للمناقشة والتحوير او التعديل، وقال ان «القرار النهائي اللازم لترجمة مقترحات ديمستورا الى قرار واجب التنفيذ على ارض الواقع ينبغي ان تتخذه خمس شخصيات اساسية، هي الرئيس جلال طالباني ونائباه ورئيس الحكومة نوري المالكي ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني». مشيرا الى ان حكومة الاقليم قررت التشاور ثانية مع ديمستورا ومع اعضاء اللجنة التي تعمل معه، وتسليمه تقريرا مفصلا يتضمن آراء وملاحظات الحكومة بشأن تلك المقترحات واسباب ودواعي قلق الجانب الكردي حيالها، مؤكدا ان الحكومة ستنتظر نتائج التقريرين الثاني والثالث لديمستورا، الذي من المقرر تقديمهما خلال الاسبوع القادم، بغية اتخاذ القرار النهائي بشأنها.

وفيما اذا كانت الاشهر الستة المتبقية من العام الحالي كافية لتطبيق تلك المقترحات على ارض الواقع، قال عبد الله ان «الامر يعتمد على طبيعة تلك المقترحات، فاذا جاءت على نحو يستدعي المزيد من الدراسة والتمحيص والتعديل، ثم الاتفاق بشأنها مجددا فاعتقد انها ستحتاج الى فترات اطول بكثير، وهنا لا بد من الاشارة الى ان ديمستورا سعى في تقريره الاول الى تقديم مقترحات ترضي جميع الاطراف الكردية والتركمانية والعربية، لكن النتائج جاءت معاكسة للمطلوب تماما ولكن اذا تم الالتزام بمضامين المادة 140 من الدستور فقط فان الامر لا شك سيحتاج الى وقت اقصر».

اما قادر عزيز ممثل رئاسة اقليم كردستان لدى اللجنة العليا المكلفة بتنفيذ المادة 140 والموجود حاليا في العاصمة السويدية ستوكهولم لحضور مؤتمر ترعاه وزارة الخارجية السويدية، فقد اكد في حديث هاتفي مع «الشرق الاوسط»، ان الموقف الرسمي للجانب الكردي حيال مقترحات ديمستورا يتمثل في البلاغ الرسمي الصادر عن البرلمان الكردستاني، وقال «ان احد اسباب رفضنا لتلك المقترحات هو انها قطعت مناطق كردستانية لا جدال ولا غبار عليها من خارطة كردستان، مثل عزل منطقة قراج عن قضاء مخمور ضمن محافظة اربيل، ومندلي ضمن ديالى ومنحتنا مناطق هي اصلا تحت ادارة حكومة الاقليم منذ عام 1992 مثل آكري وغيرها».