إسرائيل توافق على إعطاء فرصة للتهدئة.. وحماس تعتبر القرار تمهيدا لعدوان على القطاع

وسط تصعيد جديد للتوتر العسكري بينهما

جندي إسرائيلي يرافق عددا من الفلسطينيين معصوبي العينيين اعتقلوا خلال عملية اجتياح قطاع غزة أمس (رويترز)
TT

في الوقت الذي كانت فيه قوات إسرائيلية تتوغل في قطاع غزة وتقتل 4 فلسطينيين من بينهم طفلة، والصواريخ الفلسطينية تتساقط على البلدات الجنوبية الاسرائيلية، قرر المجلس الوزاري الاسرائيلي الأمني المصغر، أمس، إعطاء فرصة أخرى للجهود المصرية لتحقيق تهدئة مع مواصلة استعدادات الجيش لعملية واسعة في حالة فشلها.

في غضون ذلك اعتبرت حركة حماس أن إصرار اسرائيل على الشروط التي وضعتها لقبول التهدئة يدلل على أنها حسمت أمرها بشأن خيار العدوان ظهر امس وتمهد الطريق لشن عدوان جديد على القطاع.

وأمر رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، أعضاء المجلس الوزاري بإبقاء تفاصيل البحث سرية. ولكن حسب المعلومات المتسربة، فان الوزراء ترددوا في الموقف طيلة أربع ساعات من النقاش، واتخذوا قرارهم في النهاية بناء على مضمون خطاب رئيس أركان الجيش، غابي اشكنازي.

وحسب مصادر سياسية مطلعة، فإن اشكنازي عرض إشكاليات قرار التهدئة مقابل إشكاليات عملية الاجتياح، فقال ان «التهدئة ستتيح لحماس الاستمرار في الحكم لفترة معينة وستخفف الضغوط الشعبية عليها بسبب الحصار وتتيح للحركة التفرغ لتعزيز قدراتها العسكرية، ولكنها بالمقابل تتيح التقدم في المفاوضات لاطلاق سراح الجندي الأسير، جلعاد شليط، في حالة اصرار اسرائيل عليه كشرط لموافقتنا على التهدئة». في المقابل فان عملية الاجتياح ستؤدي الى توجيه ضربات قاصمة لقوة حماس العسكرية وستضعفها سياسيا، بيد انها لا تضمن وقف اطلاق الصواريخ والقذائف تماما وستكلف خسائر جدية بالأرواح، حيث يقدر أن يموت آلاف الفلسطينيين وعشرات وربما مئات الاسرائيليين وستؤدي الى اعادة الاحتلال الاسرائيلي لمناطق واسعة في قطاع غزة ولفترة طويلة تصل الى عدة شهور.

وسجل رئيس الشاباك (جهاز المخابرات العامة)، يوفال ديسكين، معارضته للتهدئة بسبب خوفه من تعزيز قوة «حماس» في القطاع وفي الشارع الفلسطيني عموما، سياسيا وعسكريا، الامر الذي قد ينعكس على من قوته في الضفة. وقال ديسكين ان حماس تعاني من ضائقة شديدة بسبب الضغط الجماهيري عليها. فالجمهور بدأ يتذمر بصوت عال من فشلها في الحكم. والتهدئة ستكون بالنسبة اليها، الفرج الذي يعيد لها مجدها، وربما تؤدي الى كسر الحصار الدولي ضدها. وقال ديسكين: نحن نطالب العالم بمقاطعة حماس، ونهاجم أبو مازن عندما يعود الى الحوار معها، فماذا سنقول الآن إذا ذهبنا الى تهدئة معها؟. وقد وافق معظم الوزراء على رأي ديسكين.

وفي النهاية، تكلم وزير الدفاع، ايهود باراك، فقال انه يرجو أن يصغي الوزراء جيدا لما قاله رئيس الأركان. وأعرب عن قناعته بأنه في نهاية المطاف لن يكون هناك بد من تنفيذ عملية اجتياح واسعة لأنه لا يثق بأن حماس ستلتزم بالتهدئة لفترة طويلة. ولخص رئيس الوزراء، أولمرت، النقاش بالقول ان هناك مصالح مشتركة بين اسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية ينبغي أخذها بالاعتبار. فالأطراف الثلاثة معنية بأن يقتنع الجمهور في بلدانهم «بأننا عملنا كل ما في وسعنا من أجل حقن أرواح الأبرياء». وقال ان كلا من الرئيس المصري، حسني مبارك، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، يريدان اعطاء فرصة للتهدئة على أمل التوصل الى اتفاق حول التسوية الدائمة. ولذلك اقترح اعطاء مصر فرصة أخرى للتهدئة بشرط أن تتضمن بندا تتعهد فيه حماس بتخفيف شروطها لاطلاق سراح شليط. وصادق المجلس على تفاصيل خطة الاجتياح كما كان أقرها قبل حوالي الشهر مع بعض التعديلات الطفيفة. وما عرف منها انها ستكون عملية حربية بكل معنى الكلمة، سيشارك فيها سلاح الجو وسلاح البحرية وسلاحا المدرعات والمشاة. وستعتمد على أقل ما يمكن من الاحتكاك المباشر. وستتضمن عمليات انزال في عدة مناطق، مما يشير الى انها ستنطوي على عمليات خطف لعدد من القادة. وفي غزة قال أيمن طه القيادي في حماس لـ«الشرق الاوسط» أن إصرار اسرائيل على الشروط التي وضعتها لقبول التهدئة يدلل على أنها حسمت أمرها بشأن خيار العدوان على الشعب الفلسطيني. واضاف «إسرائيل لا تريد أن تقول لا كبيرة لمصر وبالتالي فهي تحاول الظهور بمظهر الطرف الذي حاول كل الوسائل الدبلوماسية قبل الشروع في العمل العسكري».

وشدد طه على أن حركته لا يمكنها أن تقبل الشروط التي وضعتها اسرائيل للتهدئة، وتحديداًَ تقديم تعهد بالإفراج عن الجندي الاسرائيلي الاسير جلعاد شليط، مستدركاً أنه بالإمكان تضمين شليط في أي اتفاق في حال وافقت اسرائيل على الشروط التي تضعها حركات المقاومة للإفراج عنه وليس اقل من ذلك. واشار إلى ان حركات المقاومة تصر بشكل واضح على ضرورة رفع الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني وإعادة فتح المعابر، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني لا يمكنه ان يقبل ان يتم تنفيذ حكم الإعدام فيه وهو مستسلم. واكد طه أن اسرائيل تخطئ في حال ظنت انه عبر استخدام القوة العسكرية بإمكانها كسر ارادة الشعب الفلسطيني، محذراً من أن اسرائيل ستدفع الثمن غالياً في حال اقدمت على مثل هذه الحماقة، مذكرا بأن اسرائيل كانت تحتل كل غزة ومع ذلك لم تنجح في وقف عمليات المقاومة التي اجبرتها على الانسحاب. وأشار طه الى أن حركته ابدت «اقصى قدر ممكن من المرونة من اجل انجاح المبادرة المصرية»، مشدداً على ان مصر مطالبة حالياً باتخاذ موقف واضح إزاء التسويف الاسرائيلي. واعتبر طه أن الخطوة الطبيعية والتي يتوقعها منها الشعب الفلسطيني هو أن تقوم بإعادة فتح معبر رفح التجاري، قائلاً «إنه لا يمكن معاقبة حركات المقاومة الفلسطينية بسبب قبولها مبادرة التهدئة المصرية».