الأصوليون.. أسماء وكنى وألقاب

قيادي من «المقاتلة» يحكي لـ «الشرق الأوسط» عن تجربته مع أسماء وكنى الإسلاميين * السباعي: (المرء مع من أحب) والأصوليون استمدوا كناهم وأسماء معسكراتهم من التاريخ

بن لادن (أبو عبد الله) والظواهري (عبد المعز) وأبو عز الدين (زعيم الغرباء الأسبق) وأبو قتادة (عمر عثمان) وأبو مصعب (مصطفى مريم) وأبو حمزة (مصطفى كامل) وأبو زبيدة (زين العابدين)
TT

«ابو جندل»، «ابو القعقاع»، «الدكتور فضل»، «ابو حفص»، «ابو جهاد الحكايمة»، «ابو تراب»، «ابو عبد الله» «الدكتور عبد المعز» ، «ابو حمزة الليبي» كنى لعشرات من الاصوليين، تكررت في وثائق «القاعدة»، وتغيرت من حين لاخر بحسب الظرف والمكان، بعض هذه الكنى تم الكشف عنه من قبل المختصين في شؤون الحركة الجهادية، والبعض الاخر مازال مجهولا، بفعل ان بعض هؤلاء مازال ملاحقا من قبل القوات الاميركية، وفي قائمة اخطر المطلوبين ضمن الحرب على الارهاب. منتصر الزيات محامي الاصوليين كشف لـ«الشرق الاوسط»، ان اقبال الجماعات الاسلامية على استخدام الكنى في التخاطب بين اعضائها يعود لعدة اسباب، فهي إعمال للسنةإ باعتبار ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يطلق على اصحابه الكنى توثيقا للعلاقات فيما بينهم وبينه. واضاف الزيات في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الاوسط»: في مراحل العمل العلني يستخدمون الكنى احياء للسنة المطهرة، لكنهم يستخدمونها ايضا في العمل السري لتضليل أجهزة الأمن، بحيث اذا سقط احدهم في قبضة رجال الشرطة لا يستطيعون معرفة باقي اعضاء الخلية». وقال ان كنى الاصوليين تتغير مع مراحل انتقالهم من بلد لاخر، مثل رفاعي طه رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية السابق (الذي استقال من منصبه عام 1998)، وسلم الى مصر من سورية، كان يتنقل بكنية صلاح الاسمر، الا انه عرف بين قيادات الحركة الاصولية بعد ذلك باسم «ابو ياسر»، وهو مؤلف كتاب «إماطة اللثام عن بعض أحكام ذروة سنام الإسلام». وكان رفاعي طه «ابو ياسر» يتنقل بين أفغانستان وإيران وسورية والسودان، وفي إحدى هذه الرحلات كان قادماً من الخرطوم بجواز سفر سوداني، ماراً بسورية لكن قوات الأمن السورية اختطفته عام 2001، وحاولت عدة وساطات التدخل لإطلاق سراحه، ونظراً لبطء الإجراءات فقد ظل في أحد السجون بدمشق إلى أن وقعت أحداث سبتمبر 2001، ومن ثم أسرعت السلطات السورية بتسليمه إلى مصر ومن ثم فوتت على الجهات الوسيطة فرصة إطلاق سراحه.

وضمن الكنى التي استخدمها الدكتور ايمن الظواهري الرجل الثاني في «القاعدة»، خلال رحلته ما بين القاهرة وباكستان وافغانستان والسودان ثم العودة مرة اخرى الى افغانستان «الدكتور عبد المعز» و«الاستاذ نور» و«ابو محمد»، وهناك رسالة وحيدة، حصلت عليها «الشرق الاوسط» قبل 4 اعوام من كومبيوتر الظواهري، وقعها باسمه صراحة من دون استخدام الكنى التي كان يعرف بها، وقال فيها «ان الحركة الجهادية عصية على الاستئصال او التطويع او الاكراه او التنازل عن ثوابتها، رغم البطش الذي يصب عليها من دون توقف وبلا رحمة».

من جهته قال الدكتور هاني السباعي مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية: «يفضل أنصار الجماعات الإسلامية الألقاب والكنى التي يشتهرون بها ويستمدونها من عبق التاريخ، ولا يرجع ذلك إلى التخفي والكتمان والسرية فقط، بل يرجع ذلك التفصيل إلى التالي:

أولاً: الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان يطلق تلك الكنى والألقاب على بعض الصحابة كما فعل مع الصحابي علي بن أبي طالب الذي لقبه بأبي تراب، والصحابي عبد الرحمن بن صخر الذي لقبه بأبي هريرة لأنه كان يحمل هرة بين يديه، كما لقب الصحابي خالد بن الوليد بسيف الله المسلول.

ثانياً: انطلاقاً من الحديث الشريف (المرء مع من أحب)، فحب الجماعات الإسلامية للصحابة وقادة الإسلام في التاريخ خاصة المشهورين بالبطولات والعلم، عظيم فنجد من يتكنى بأبي حمزة تأسياً بعم الرسول صلى الله عليه وسلم حمزة بن عبد المطلب، ومنهم من يتكنى بأبي حفص تأسياً بكنية الصحابي عمر بن الخطاب، ومنهم من يتكنى بأبي بكر تأسياً بالصحابي عبد الله بن عتيق (أبو بكر الصديق)، ومنهم من يختار كنية أبي مصعب تأسياً بالصحابي مصعب بن عمير، وبأبي صهيب تأسياً بالصحابي صهيب الرومي، وبأبي جندل حباً للصحابي أبي جندل بن سهل بن عمير، ومنهم من يتكني بأبي بصير نسبة وتأسياً بالصحابي أبي بصير زعيم المستضعفين عقب صلح الحديبية. ومنهم من يتكنى بأبي قتادة نسبة الى الصحابي أبي قتادة الأنصاري، وقد تكون الكنية أبا ذر نسبة للصحابي أبي ذر الغفاري، وقد تكون الكنية أبا أنس نسبة إلى الصحابيين أنس بن النضر وأنس بن مالك، أو يحب التكني بأبي دجانة نسبة إلى الصحابي سماك بن خرشة الذي كان يربط رأسه بعمامة حمراء في المعارك.

ويضيف السباعي: «أحياناً يطلق الاسلاميون على أنفسهم ألقاباً تأسياً بألقاب بعض الصحابة أو القادة أو يتسمون بأسماء بعض العلماء والسلاطين الصالحين، فعلى سبيل المثال منهم من يلقب بالقعقاع نسبة إلى الصحابي القعقاع بن عمر، ومنهم من يلقب بالصاعقة نسبة إلى أحد مشايخ البخاري وتأسياً بالسلطان العثماني بايزيد الملقب بالصاعقة. ومنهم من يختار أن يدعى بصلاح الدين نسبة إلى السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، ومنهم من يلقب ببيبرس نسبة للسلطان المملوكي الظاهر بيبرس.

وقال السباعي أطلق على بعض معسكرات الجماعات الإسلامية ألقاب وأسماء بعض الصحابة أو أسماء أبنائهم وأحياناً أسماء بعض المعارك التي انتصر فيها المسلمون، فمثلاً نجد في افغانستان معسكر بدر نسبة إلى غزوة بدر، ومعسكر القادسية، وحطين ومعسكر الفاروق. اما عن مشاهير قادة الحركات الإسلامية فيقول السباعي: أسامة بن لادن كنيته أبوعبد الله، لأن اسم عبد الله من أحب الأسماء الإسلامية، الدكتور أيمن الظواهري كان يكنى بأبي محمد، ويلقب بعبد المعز، ونور الدين تيمناً بالسلطان نور الدين زنكي. وأبو عبيدة البنشيري واسمه الحقيقي علي أمين الرشيدي وهو امين الشرطة الذي قتل في بحيرة فكتوريا، وكان القائد العام لتنظيم القاعدة قد تكنى بأبي عبيدة نسبة للصحابي أبي عبيدة بن الجراح، وأبو مصعب السوري (مصطفي عبد القادر ست مريم) تكنى بهذه الكنية نسبة للصحابي مصعب بن عمير، وكذلك أبو مصعب الزرقاوي، وأبو مصعب عبد الودود قائد تنظيم قاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي، وأبو حفص المصري (محمد عاطف أبو ستة) الذي قتل في قندهار عام 2001، تأسياً بالصحابي عمر بن الخطاب، وأبو عمر البغدادي أمير دولة العراق الإسلامية نسبة إلى الصحابي الفاروق عمر، وأبو أنس الشامي أحد علماء تنظيم القاعدة الذي قتل في العراق، تأسياً بالصحابي أنس بن مالك، وأبو حمزة المهاجر وزير الحرب في دولة العراق الإسلامية تأسياً بالصحابي حمزة بن عبد المطلب، وكذلك أبو حفص الموريتاني أحد علماء تنظيم القاعدة، وأبو الفرج المصري أحمد سلامة مبروك، أحد قادة تنظيم الجهاد نسبة للعلامة أبي الفرج الجوزي صاحب كتاب «صفة الصفوة»، وأيضاً تيمناً بكلمة الفرج التي توحي بزوال الكرب، وأبو حازم مصطفى حمزة أمير الجماعة الإسلامية المصرية السابق، وأبو خالد عبد العزيز الجمل أحد قادة تنظيم الجهاد سابقاً، ومن أشهر الشخصيات في العصر الحديث الملازم أول خالد الإسلامبولي قاتل السادات كان يلقب بالظافر. «الشرق الاوسط» التقت ايضا القيادي السابق في «الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة»، الذي سافر الى افغانستان في ايام القتال ضد الروس، وكان شاهدا على كثير من مجريات الامور، وتحدث عثمان بن نعمان عن تجربته مع اسماء وكنى الاسلاميين الذين عرفهم عن قرب لاكثر من ربع قرن. ويكشف نعمان بن عثمان العضو السابق لمجلس شورى «المقاتلة» وهو من المجاهدين المخضرمين في افغانستان، ان كنيته في بيشاور قبل الدخول الى ارض الرباط، كانت «ابو تمامة الليبي»، لكنه عندما جاء الى بريطانيا وطلب اللجوء السياسي تغيرت كنيته الى «عبد المجيد الليبي»، وهي التي يعرف بها اليوم بين اخوانه ابناء الحركة الاسلامية. وقال ان اصدقاءه في مضيفة «الانصار» بشارع ارباب رود ببيشاور في الثمانينات هم الذين اختاروا له كنية ابو تمامة، وهي نسبة الى تمامة بن اثال الحنفي الصحابي الجليل، رضي الله عنه، مشيرا الى انه قبل بكنية ابو تمامة بعد ثبوت اعتقال اسلامي ليبي بنفس الكنية لدى اجهزة الامن في طرابلس، وضمن التقليد والمتعارف عليه انه يمكن استخدام كنية شخص ما بعد موته أو اعتقاله. وكانت مضيفة الانصار عبارة عن فيلا ضخمة تقع بالقرب من حي حياة اباد الذي تكثر فيه الفلل الفخمة، وكانت معدة لاستقبال المقاتلين العرب، وكذلك المرضى والمصابين من افغانستان، بحسب بن عثمان. وفي نفس المدينة كانت هناك مضيفة الفاتحين الامويين لابناء اليمن، وكان لمصر مضيفتان احداهما لابناء «الجماعة الاسلامية»، والاخرى لجماعة الجهاد، وايضا مضيفة «بيت الشهداء»، التي تتبع معسكر تدريب خلدن القريب من جلال اباد، والذي كان يشرف عليه ابو زبيدة الفلسطيني، وهو من مواليد السعودية، وكشف عن اسمه بالكامل بعد اعتقاله والتحقيق معه من قبل الاميركيين. واعتقل أبو زبيدة في باكستان عام 2002. وكان مساعدا «موثوقا به» لزعيم القاعدة أسامة بن لادن بحسب الوثائق الاميركية.

وفي عام 1984 ظهر بيت الأنصار في بيشاور. وأسس بيت الأنصار كمحطة نزل أولي أو استقبال مؤقت للقادمين للجهاد، قبل توجههم للتدريب، ومن ثم للمساهمة في الجهاد. وتزامن تأسيس بيت الأنصار مع تأسيس مكتب الخدمات في بيشاور من قبل الشيخ عبد الله عزام. وقد أدى تأسيس المكتب إلى نوع من التكامل مع بيت الأنصار، حيث يؤدي المكتب المهمة الإعلامية وجمع التبرعات، وحث المسلمين وخاصة العرب على الجهاد بالنفس والمال. ويؤدي البيت المهمة العملية في استقبال وتوجيه الراغبين في الجهاد أو الاطلاع على أوضاع الأفغان. ويقول ابن عثمان ان الاسلاميين في بيوت الضيافة لم يكن احد منهم يستخدم ابدا اسمه الحقيقي، وكان الجميع يتعامل بالكنى، واشار الى انه حتى اليوم فان اجهزة الأمن باتت لديها خبرة افضل بالممارسة في فك شيفرة خارطة كنى الاصوليين.