الراضي المرشح لأمانة الاتحاد الاشتراكي: ضميري لا يسمح لي بمغادرة الحزب حتى يستعيد عافيته وقوته

قال لـ«الشرق الأوسط»: إن الصحافة لم تكن رحيمة مع الحكومة المغربية الحالية منذ تشكيلها

TT

قال عبد الواحد الراضي، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي، ونائب الأمين العام المستقيل، انه ساهم في اتخاذ القرارات التي ساهم فيها المكتب السياسي ككل، وخارج هذا الاطار لم يتخذ أي قرار، لانه ليس مخولا لذلك، لا من طرف قانون الحزب، ولا من حيث الممارسة، مشيرا الى انه لم تكن لديه مسؤولية زائدة عن باقي اخوانه اعضاء المكتب السياسي، باعتبار ان نائب الرئيس في سائر الانظمة السياسة والحزبية ليست له سلطات.

وأضاف الراضي، احد مرشحي منصب الأمانة العامة للحزب الذي سيعقد مؤتمره الثامن الجمعة المقبل، انه لا يتهرب من المسؤولية، مشيرا الى انه لو مارس المسؤولية حقا، لقبل المحاسبة من اجلها.

وقال الراضي، وهو ايضا وزير للعدل في الحكومة المغربية، في حديث ادلى به لـ«الشرق الأوسط»، ان الذي دفع المؤتمرين الى تبني النظام الجديد للاقتراع لانتخاب القيادة الحزبية، هو رغبتهم في وضع حد للوائح السرية، التي كانت تروج في المؤتمرات السابقة. ولهذا السبب دافع المجلس الوطني للحزب واللجنة التحضيرية على نظام اللائحة بأغلبية ساحقة. وبالتالي اصبحت اللائحة احد نقاط التوافق، مشيرا الى ان المعترضين عليها اقتنعوا في النهاية بجدواها.

وردا على سؤال حول وجود من يعتبره المرشح المفضل للأمانة العامة للحزب لدى الدوائر العليا وخاصة القصر الملكي، قال الراضي «تعرفون ان الثقة هي رأسمال رجل السياسة. واذا كنت متمتعا بثقة الملك والشعب والحزب، فذاك هو الكمال الذي اسعى اليه. ولكن مع ذلك، يصعب علي ان اعلق على نوايا الآخرين». الى ذلك، قال الراضي ان الاتحاد الاشتراكي عاش في المدة الأخيرة مخاضا عسيرا. وكشف انه كان معترضا على علاج الأزمة بالكيفية التي تمت بها، حتى لا يدخل الحزب في ازمة ثالثة بعد أزمتي نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، ومشاورات تشكيل الحكومة، وأخيرا أزمة إقالة الأمين العام السابق، وهي ازمات، في نظره، يصعب على أي حزب كيفما كانت قوته ان يتحمل ثلاث ضربات متوالية. وأشار الى انه قدر، والحالة تلك، انه يمكن ان يكون نافعا خلال هذه المرحلة، بالنظر الى تجربته المتواضعة، وعلاقاته الطيبة بالجميع، اضافة الى تمتعه بشرعية حزبية وشعبية. فهو منتخب برلماني منذ عام 1977، وما زال يستشعر القدرة على العطاء وتوظيف رصيده وتجربته، لتحقيق هدف الانتقال في حزب الاتحاد الاشتراكي.

وقال الراضي انه في حال انتخابه امينا عاما للحزب، سيكون في طليعة مهامه اعداد وترتيب مسألة الخلافة، معتبرا ان هذه النقطة غائبة عن الحزب، وانه لو كان الاتحاد الاشتراكي، يعيش ظروفا طبيعية، لجاز القول آنذاك: «يكفي، نصف قرن». وشدد الراضي على القول: «لا يسمح لي ضميري ان اغادر الحزب حتى يستعيد عافيته وقوته، وبعد ان أكون قد بينت لرفاقي انه توجد طريقة بديلة للقيادة».

على صعيد آخر، قال الراضي في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في الرباط, ان الصحافة لم تكن رحيمة مع الحكومة الحالية منذ تشكيلها، مشيراً الى انه لم يشارك في الحكومة إلا بعد يقينه ان في امكانها تقديم شيء للمغرب.

* ما الذي دفعكم الى الترشح لمنصب الأمين العام، وقد تقاسمتم مسؤولية تدبير الحزب مع الأمين العام السابق محمد اليازغي، كنائب له، واستقلتما معا من مهامكما؟

ـ تعرفون ان القرارات الحزبية كلها، تتخذ داخل المكتب السياسي، بعد نقاش، وبالتالي فاني ساهمت في اتخاذ القرارات التي ساهم فيها المكتب السياسي ككل، وخارج هذا الإطار لم اتخذ أي قرار، لأني لست مخولا لذلك، لا من طرف قانون الحزب ولا من حيث الممارسة. ذلك انه لم تكن لي مسؤولية زائدة عن باقي إخواني اعضاء المكتب السياسي، باعتبار ان نائب الرئيس في سائر الانظمة السياسة والحزبية ليست له سلطات.

* الأمر هنا مختلف، فهل نفهم انكم تتنصلون من المسؤولية؟

ـ لا، ليس تهربا. لو مارست مسؤولية حقا، لقبلت المحاسبة من اجلها.

* سيعقد المؤتمر الجديد للاتحاد الاشتراكي، في اطار نظام اللائحة، ويوجد داخل الحزب من حذر من هذا الأسلوب باعتباره يمكن ان يؤدي الى تفجير الحزب وبلقنته. فما هي وجهة نظركم ازاء ذلك؟

ـ انظمة الاقتراع، تتساوى عيوبها ومزاياها. واي نمط مرتبط بالظروف والاهداف التي يحددها المسؤولون لأنفسهم. وبالنسبة لحالة حزبنا، فان الذي دفع المؤتمرين الى تبني النظام الجديد للاقتراع القيادة الحزبية، هو رغبتهم في وضع حد للوائح السرية، التي كانت تروج في المؤتمرات السابقة. ولهذا السبب دافع المجلس الوطني للحزب واللجنة التحضيرية على نظام اللائحة بأغلبية ساحقة. وبالتالي أصبحت اللائحة احد نقاط التوافق. وحتى المعترضون عليها اقتنعوا في النهاية بجدواها. نعم، يوجد من يربط اللائحة بالتيارات، وهو ما يمكن ان ينتج عنه عواقب سلبية في المستقبل، والمطلوب هنا، ان يطبق نظام اللائحة جيدا، وان لا يكون سببا في التفرقة. انا شخصيا مطمئن، وارى ان مرشحي هذه اللائحة أو تلك، متقاربون في كثير من الاهداف والتوجهات، وما يجمعهم أكثر مما يفرقهم.

* لكن المشكلة تكمن في ان نظام اللائحة لم يواكبه ولم يسبقه نقاش واسع، ويبدو ان الاوضاع الداخلية في الحزب لا تبرر الأسلوب الجديد. الم يكن في الإمكان ابتداع اسلوب انتقالي، ريثما تتهيأ الظروف الموضوعية؟

ـ النقاش لم يتوقف طيلة الايام التي سبقت المؤتمر. اعتقد شخصيا ان الامر محصور في مسألة الثقة.

* ماذا تقصدون بالثقة. هذه صفة أخلاقية، ونحن نتحدث في السياسة؟

ـ أعتقد أني شرحت ذلك، وأضيف انه في الانتخابات الحزبية السابقة، كان المناضلون يستنكرون اسلوب اللوائح الخفية، بينما سيضمن نظام «اللائحة» ديمقراطية اكثر. هذا هو الدافع الرئيسي، ولا توجد اعتبارات أخرى آيديولوجية او برنامجية.

* هل حدد عدد اللوائح المتبارية، وكم من اسم ستضم كل لائحة؟

ـ حتى اللحظة التي نتحدث فيها (نهاية الاسبوع الماضي)، لا توجد اية لائحة. هناك اعلان نوايا من طرفي شخصيا، والأخ فتح الله ولعلو. وبخصوص العدد، افترض ان تكون اللائحة مشتملة على 23 اسما هم عدد اعضاء المكتب السياسي.

* هناك حديث عن انضمام اسماء وازنة الى لائحتكم بشرط ان يكون لها موقع مهم في القيادة المقبلة؟ فما صحة هذه الاخبار؟

ـ انا على صلة بجميع الإخوان، بمن فيهم الأخ ولعلو. نتناقش في كل شيء ولا توجد بيننا احقاد ومشاكل. واذا ما اراد احد من الاخوان ان ينضم الى اللائحة التي سأقودها، فاني اقول بصراحة اني لا أضمن موقعا متقدما لأي كان. انا اشتغل بكيفية جماعية. يجب ان نتفق اولا على الاشخاص ثم على ترتيبهم. واذا فعلت ذلك، سأكون سلطويا. وبالتالي لا بد من التوافق والنقاش.

* هل اللائحة التي ستقودونها مكتملة في ذهنكم، وما هي مواصفات اعضائها؟

ـ يجب ان تكون اللائحة معبرة عن إرادة التجديد والتحديث والتغيير في اطار الاستمرارية، وتضم جيلا جديدا بنسبة معقولة، الى جانب شرط الكفاءة. ولا بد ايضا في اعتقادي من تمثيل جيل الحكماء لضمان توازن بين القوى الحزبية. وباختصار، ينبغي ان تعكس اللائحة الحساسيات الموجودة في المجتمع. وبذلك سنوفق بين شرعية الكفاءة والدينامية والشرعية الحزبية التي يمثلها اناس برهنوا على نضاليتهم وقدرتهم، دون نسيان الشرعية الشعبية، على اعتبار ان الحزب نابع من المجتمع ولا يمكن لأية قيادة ان تكون منغلقة على نفسها.

* الملاحظ ان الجميع يكرر نفس الكلام، بمن فيهم المرشح ولعلو. فما الداعي الى تعدد اللوائح؟

ـ لا استغرب ان ينادي ولعلو، بنفس الأفكار، فلا يوجد ما يفرقنا. كنا دائما قريبين من بعضنا، داخل وخارج المكتب السياسي.

* هذه هي المعضلة الحقيقية، انكما تنتسبان الى نفس المدرسة الحزبية؟

ـ نحن فعلا من مدرسة واحدة، وكيفما كان الحال فإننا سنلتقي. والمنافسة الحالية بيننا، لا يمكن ان تغير عشرة دامت عدة عقود من الزمن.

* يوجد من يعتبرك مرشحا مفضلا لدى الدوائر العليا وخاصة القصر الملكي. ما تعليقك؟

ـ تعرفون ان الثقة هي رأسمال رجل السياسة. واذا كنت متمتعا بثقة الملك والشعب والحزب، فذاك هو الكمال الذي اسعى اليه. ولكن مع ذلك، يصعب علي ان اعلق على نوايا الآخرين. انا اعبر عما احس به، وأومن به شخصيا. وحبذا لو تمتعت بثقة المغاربة جميعهم. المهم انا معتز بثقة عاهلنا، ولا أجد في ذلك تناقضا. وبالمناسبة، فاني حينما كنت رئيسا لمجلس النواب، كنت اتمتع بثقة الجميع من الغالبية والمعارضة.

* الذين يروجون مسألة قربكم من الدوائر العليا، ربما يفعلون ذلك من باب التعاطف معكم، وتقديرا لمساركم الحزبي الذي يقترب من نصف قرن. وبالتالي فهم يتساءلون لماذا تصرون على خوض المنافسة؟ الم تتعرضوا الى ضغوط ما؟

ـ اذا كانت الملاحظة من باب التعاطف، فجزاهم الله خيرا. الواقع ان ترشيحي هو استمرار لأسلوب درجت عليه. تعلمون ان المسؤوليات الحزبية التي تقلدتها، رشحني لها اخوان آخرون. وترشيحي الحالي هو استمرار وتجسيد لرغبة صادرة عن رفاق في الحزب، لهم دورهم ووزنهم ومصداقيتهم. طلبوا مني ان اترشح للأمانة العامة. يصعب علي ان اذكر لكم المبررات التي قدموها. وفي اعتقادهم ان المرحلة التي يجتازها الحزب تتميز بالصعوبة، هم أضافوا بأني لعبت دورا في المحافظة على وحدة الحزب، واني احظى بالثقة، وانا هنا لا أمارس دعاية لنفسي، وخلصوا الى نتيجة ان طبيعة المرحلة الانتقالية تقتضي مني ان اقوم بدور لصالح الحزب، لان المؤتمر الثامن لا يمكن ان يحل جميع المشاكل الحزبية، بل يجب ان ينصب التفكير على ما بعد المؤتمر حتى يجتاز حزبنا فترة النقاهة، ويتم الإعداد للمؤتمر التاسع لإرساء قواعد جديدة.

لقد عاش حزبنا في المدة الاخيرة مخاضا عسيرا. وشخصيا كنت معترضا على علاج الازمة بالكيفية التي تمت بها، حتى لا ندخل ازمة ثالثة بعد أزمتي نتائج الانتخابات، ومشاورات تشكيل الحكومة، واخيرا ازمة إقالة الأمين العام السابق. يصعب على أي حزب كيفما كانت قوته ان يتحمل ثلاث ضربات متوالية. قدرت، والحالة تلك، انه يمكن ان اكون نافعا خلال هذه المرحلة، بالنظر الى تجربتي المتواضعة، وعلاقاتي الطيبة بالجميع، كما أتمتع بشرعية حزبية وشعبية. فانا منتخب برلماني منذ عام 1977. وما زلت استشعر القدرة على العطاء وتوظيف رصيدي وتجربتي، لتحقيق هدف الانتقال في حزب الاتحاد الاشتراكي، وسيكون في طليعة مهامي في حالة انتخابي، تهييء وترتيب مسألة الخلافة. هذه النقطة أعتبرها غائبة عن الحزب لو كان الاتحاد الاشتراكي، يعيش ظروفا طبيعية، لجاز القول آنذاك: «يكفي، نصف قرن». لا يسمح لي ضميري ان اغادر الحزب حتى يستعيد عافيته وقوته، وبعد ان أكون قد بينت لرفاقي انه توجد طريقة بديلة للقيادة.

* ما الذي يجعلكم متفائلين الى هذه الدرجة؟ ألا تتصورون «سيناريوها» معكوسا؟

ـ انه ليس تفاؤلا. حقا لا توجد ضمانة مطلقة. وبهذه المناسبة استحضر قولة أخينا عبد الرحيم بوعبيد رحمه الله، كان يقول لنا «ان السياسة لا تضمنها شركة تأمين». وما تشيرون اليه لا يخلو من مخاطرة. ما يحمسني على خوض التجربة هو ان حياتي كلها ارتبطت بالحزب، وبقوة، حتى ان صداقاتي العميقة لا تخرج عن نطاقه، فكيف لي ان اتخلى عن حزب اعطى معنى لحياتي ووجودي.

* نحس من جوابكم هواجس خوف على مصير الحزب؟

ـ المخاوف موجودة، لكن يجب عدم تضخيمها، وانا متفائل، وتفاؤلي مبني على العقلانية.

* نلطف العبارة، ونستبدلها بالغيرة على الحزب بدل الخوف. هناك سؤال يفرض نفسه. ألا توجد قوة أو جهة ما تستهدف حزب الاتحاد الاشتراكي؟

ـ بصراحة، تنقصني الحجج لتأكيد ما تذهبون اليه. والحقيقة ان الاحزاب السياسية والنقابات وحتى الاشخاص المشتغلين بالشأن السياسي، مستهدفون بشكل من الاشكال.

* في هذا السياق، كيف تنظرون الى حركة الوزير السابق فؤاد عالي الهمة، خاصة ان بعض السياسيين يتهمونها انها تستعمل في تحركها اساليب غير ديمقراطية؟

ـ ما يمكن ان اقوله في هذا الخصوص اننا مع احترام القانون والشفافية والوضوح. وكل من يخرج عن هذا الاطار، لا يمكننا ان نكون معه.

* تحدثتم عن أزمة داخل الحزب، فما هي أولوياتكم إذا انتخبتم أمينا عاما؟

ـ الأزمة موجودة، وهي ناتجة عن مرحلة انتقالية تعيشها البلاد، وليست مقصورة على الاتحاد الاشتراكي. المغرب ينتقل من نظام تقليدي الى آخر جديد على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، ما يفرض ضرورة القطع مع قيم ومرجعيات قديمة. اعتقد انه لم يتح للمجتمع استيعاب قيم الحداثة في شموليتها، كون ذلك يتطلب مستوى معرفيا عاليا، ولذلك حدثت ازمة داخل المجتمع، من الطبيعي ان تنعكس في حزب الاتحاد الاشتراكي بصورة ما، إضافة الى ازمته الداخلية العضوية، المتمثلة في كونه يعيش انتقاله الخاص، من طور كان القادة التاريخيون يضطلعون فيه بالادوار الاساسية، وفي مراحل كانت فيها استمرارية الحزب وبقاؤه يشكلان اسبقية الاسبقيات. ولذلك كان التكتل قويا والالتفاف وراء القيادة التي لا تناقش في الغالب، وحتى اذا تم ذلك فان مساءلتها تنتهي بالتأييد والاجماع. الآن يوجد نقاش واختلاف في الرأي، ما يعني ان تدبير الخلاف اصبح خاضعا لمعايير اخرى، وفق طريقة جديدة لم يصل الحزبيون بعد الى بلورتها بوضوح تام، بينما كانت الامور سهلة في الماضي حتى ولو كانت احيانا غير ديمقراطية. فقبل المؤتمر العام، يكون الامين العام معروفا، وبالنسبة لاختيار باقي الاجهزة الحزبية، كانت لجنة الترشيحات تقوم بعملها بناء على مقاييس الاستقطاب، بحيث يصبح التصويت شكليا، لغرض تزكية القرارات المتخدة سلفا. نحن الآن في عهد السبورة وإحصاء الاصوات المحصل عليها، وهي ثورة كبيرة داخل الحزب الذي اصبح ملزما بضرورة التكيف مع الواقع الجديد ومع المجتمع برمته.

* ما هي أولوياتكم في حالة انتخابكم، وهل ستتفرغون بالكامل للمسؤوليات الكبيرة التي اشرتم اليها؟

ـ المحافظة على وحدة الحزب وتماسكه، توجد على رأس اولوياتي، وكذلك وضع حد للنزاعات والخلافات الشخصية، واستبدالها بثقافة مناقشة الأفكار، والرؤى والمشاريع، وتشجيع المبادرات الفكرية الخلاقة القادرة على تقوية الحزب وانتشاره. هذه الاولوية تستمد مشروعيتها من الرغبة في عدم العودة الى خلافات الماضي التي اثرت على الحزب وأنهكته بل هددت في وقت من الاوقات في وحدته. ومن هنا اعتبر الديمقراطية الداخلية اساسا لتسيير الحزب، وبدونها لا يمكننا الزعم اننا ديمقراطيون. وبذلك الاسلوب يمكننا ان نضمن شرعية اتخاذ القرار الذي تؤيده اغلبية وتخالفه اقلية معارضة.

وانطلاقا من ذلك، يجب ان نتعلم معنى «الانضباط» بحيث اذا اتخذ القرار، وجب على الجميع الامتثال اليه حتى ولو كان مخالفا لرأي فئة او جماعة. غياب الانضباط، يبقي الملفات مفتوحة ومغلقة، ما يعيق الانتقال الى مباشرة ملفات جديدة تنتظر.

من الأولويات كذلك، إعادة النظر في البناء التنظيمي للحزب، لضمان وجود الحزب في سائر المناطق، اذ من المعلوم ان الديمقراطية تعتمد على الجانب العددي والكمي، ويتمثل ذلك في جمع اكبر عدد من اصوات المواطنين. الامر الذي يوجب علينا عدم الاستهانة، بالانتخابات الديمقراطية وذلك بتوجيه رسائل الى المواطنين نشرح فيها اهدافنا المستقبلية، ونمارس فيها كذلك نوعا من النقد الذاتي عن اخطاء الماضي ان اقتضى الحال، مع عرض رؤى واضحة عما نريده لبلادنا. في الماضي كان الاتحاد الاشتراكي، يدافع وحده عن توجه الديمقراطية والعدالة وحقوق الانسان. ولم يعد الآن بمفرده في الساحة، وليس هناك منافسون حزبيون فقط، بل ان المجتمع كله تبنى نفس التوجهات والمبادئ. ومن اجل أن تتحقق تلك الاهداف النبيلة، يتوجب على حزبنا ان يظل متشبثا بها، حريصا على تفعيلها وتطبيقها.

نحرص كذلك على ان تتجه بلادنا نحو مستوى البلدان المتقدمة، عن طريق تبني الحداثة، ليس في مظهرها التكنولوجي فقط، بل في مجال القيم والافكار والانفتاح على الآخرين والتسامح والحوار والعناية بحقوق المرأة والطفل والمستضعفين في المجتمع عن طريق خلق الثروات لتلبية الحاجيات الاجتماعية المتزايدة.

* هل انتم مرتاحون للتركيبة الحكومية الحالية بمفارقاتها وتناقضاتها التي تجعل المراقبين يتوقعون عمرا قصيرا لها؟

ـ لم تكن الصحافة رحيمة مع الحكومة الحالية منذ تشكيلها. ولا يمكنني وأنا عضو فيها ان أسايركم في الحكم الذي عبرتم عنه، فهذا ليس من اخلاقي. انا لم اشارك في الحكومة إلا بعد يقيني ان في امكانها تقديم شيء للمغرب. وبالتالي انني ألاحظ نزعة المبالغة في انتقادها، خاصة انه لا توجد حكومة مثالية في الدنيا كلها.

اعتقد انها حكومة تشتغل بجد، والمجالس الحكومية تنعقد في ظروف عادية، تناقش فيها كل القضايا الداخلية والخارجية، واتخاذ القرارات والمصادقة على قوانين. توجد كذلك داخل الحكومة رؤية وانسجام، وارادة للعمل المشترك. ولا أعرف ماذا يقصد منتقدو الحكومة حينما يصفونها بالضعف!

* مظاهر الضعف كثيرة: تعدد الاحزاب، غلبة التكنوقراط، يوجد وزراء مفروضون على أحزابهم.

ـ الحكومة التي يترأسها عباس الفاسي، مرت بالمراحل الدستورية الطبيعية. رئيسها لعب دوره الأساسي في اقتراح الوزراء، الذين عينهم الملك، وبعد ذلك عرض رئيس الوزراء البرنامج الحكومي امام غرفتي البرلمان حصل إثره على ثقة المؤسسة التشريعية. تلك هي الشروط الموضوعية والدستورية والقانونية التي تحكم الحكومة، ومن غير ذلك، فهي مواقف سياسية، من حق أي واحد ان يتبناها، ويعبر عنها بالكيفية التي يشاء.