الجيش: خطة ميدانية لمراقبة العناصر الأصولية في عين الحلوة على مدار الساعة

غداة هجوم على موقع عسكري في محيط المخيم واتهام «جند الشام» بتنفيذه

عنصر من «الكفاح المسلح» الفلسطيني، يقف امس على مدخل حاجز مقابل مركز للجيش اللبناني، عند المدخل الشمالي لمخيم عين الحلوة الفلسطيني، قرب مدينة صيدا (تصوير: خالد الغربي)
TT

باشر الجيش اللبناني، بالتنسيق مع الاجهزة المختصة، بتنفيذ خطة امنية وعسكرية في منطقة صيدا وخصوصا في محيط مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين لمواجهة المخطط الهادف الى زعزعة مسيرة الامن والاستقرار في المنطقة والذي تنفذه عناصر اصولية متطرفة تحت شعارات استخدمت في مخيم نهر البارد بشمال لبنان خلال المواجهات بين الجيش وتنظيم «فتح الاسلام» العام الماضي.

وجاءت هذه الخطوة الميدانية غداة الاشتباك الذي وقع ليل الاربعاء/ الخميس عند الطرف الغربي لمخيم عين الحلوة وأسفر عن مقتل مسلح اصولي وجرح ضابط من الجيش. وافادت معلومات امنية ان ثلاثة مسلحين كانوا يستقلون سيارة تجاوزوا حاجزا للجيش واطلقوا النار على عناصره الذين ردوا بالمثل. وأدى الحادث الى اصابة ضابط برتبة ملازم اول وأحد المسلحين الذي توفي لاحقا متأثرا بجروحه.

وأفاد مصدر أمني ان المسلح الذي قتل حاول مع رفيقين له اقتحام الحاجز العسكري وان الثلاثة اطلقوا النار على الجنود الذين ردوا واصابوا احد المسلحين واعتقلوا آخر، بينما تمكن الثالث من الفرار.

ونقل عن قيادي فلسطيني في المخيم، ان المسلحين الثلاثة ينتمون الى جماعة «جند الشام» الاصولية وان القتيل يدعى محمد القبلاوي، وهو شقيق الشيخ صالح القبلاوي الذي قتل في العراق اثناء قتاله مع «القاعدة» في العام 2004.

هذا، واوضحت مصادر امنية ان اجراءات الجيش الامنية والميدانية وضعت تبعا لمرحلة استثنائية. وهي تقضي بتعزيز الترتيبات العسكرية عند جميع الحواجز ونقاط التمركز المنتشرة حول المخيم وتفعيل عمليات المراقبة ووضع مئات العناصر الاصولية المتطرفة التي تشكل خطرا على الامن وتقيم في مخيم وتعمير عين الحلوة ومدينة صيدا، تحت المراقبة على مدار الساعة لإفشال أي عمل تخريبي قد تقدم عليه.

وكشفت مصادر فلسطينية ان القتيل محمد القبلاوي ينتمي الى اسرة فلسطينية سقط لها ثلاثة اشخاص، هم صالح الذي قضى في العراق وعيسى الذي سقط خلال معارك مخيم نهر البارد والثالث قتل في حادث امني في المخيم. وهم ينتمون جميعا الى تنظيمات اصولية متطرفة. ويشار الى ان افرادا من عائلة القبلاوي ينتمون منذ العام 1960 الى حركة «فتح» بل هم من مؤسسي العمل الفدائي في جنوب لبنان.

ويشار الى ان تنظيمات اصولية اسلامية عدة برزت في مخيم عين الحلوة خلال الاعوام الماضية وان كثيرين من عناصرها قتلوا في العراق ومخيم نهر البارد. وهؤلاء يتأثرون بأفكار أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وشاكر العبسي.

وعلى صعيد ذي صلة، تفقد قائد الجيش بالنيابة، اللواء الركن شوقي المصري، قبل ظهر امس، بقعة انتشار لواء المشاة الثالث في محيط مخيم عين الحلوة. وزار مستشفى حمود في صيدا، للاطمئنان الى صحة الضابط الجريح، حيث أثنى على أداء العسكريين وجهوزهم «بعدما تمكنوا من إحباط محاولتي اعتداء على مراكزهم. الامر الذي ادى الى طمأنة المواطنين وترسيخ ثقتهم بالمؤسسة العسكرية». واعتبر ان «مثل هذه الاعمال المخلة بالأمن هي جزء من المخططات الارهابية التي تستهدف الوطن والتي تجعلنا اكثر اصرارا على التصدي لها واكثر استعدادا لتقديم التضحيات حفاظا على مسيرة الامن والاستقرار».

وأكد ان المخيمات الفلسطينية في لبنان «لن تكون ملاذا آمنا للارهابيين» لافتا الى «اهمية التعاون مع الاخوة الفلسطينيين على هذا الصعيد، وخصوصا ان امن الشعبين اللبناني والفلسطيني هو مسؤولية الجميع، في ظل اجواء التفاهم والوفاق التي تتطور يوما بعد يوم بين الفرقاء اللبنانيين مع انطلاقة العهد الجديد».

هذا، وصدرت مواقف عن القيادات الفلسطينية في عين الحلوة اجمعت على رفض التعرض للجيش وعلى اقامة افضل العلاقة مع الشعب اللبناني والسلطة الرسمية. واكدت هذه القيادات انها لن تسمح بتكرار تجربة مخيم نهر البارد في عين الحلوة.

وقال قائد الكفاح المسلح الفلسطيني منير المقدح ان «لا شأن للمخيم بما حصل، وان محمد القبلاوي لا ينتمي الى اي فصيل فلسطيني، وان صورة ما حصل على حاجز للجيش لم تتضح حتى الان. ونحن بانتظار معرفة ما حصل والتحقيقات التي يقوم بها الجيش». واضاف: «ان الفلسطينيين يصرون على عدم السماح بأن يكون مخيم عين الحلوة قاعدة لأي شخص لا يحمل اجندة فلسطينية». بدوره، اعتبر رئيس «الحركة الاسلامية المجاهدة» الشيخ جمال الخطاب ان «هناك أيادي تحاول ان تسيء الى العلاقة بين المخيم والجوار وان تدخل الى المخيم من باب الامن بدل الامن الاجتماعي وحقوق الانسان. ونسعى ونبذل محاولات لمنع الاختراق في مخيماتنا على رغم ان لبنان بمعظمه يعيش الاضطراب».

كذلك، وفي اطار استهداف الجيش، افاد مصدر امني انه تم امس تفكيك عبوة ناسفة كانت موضوعة قرب مطار القليعات في شمال لبنان حيث يقيم الجيش مركزا له. واوضح ان العبوة كانت موضوعة على جانب الطريق قرب مطار القليعات الذي يبعد نحو سبعة كيلومترات عن مخيم نهر البارد. واشار ان هذه العبوة تشبه العبوة التي انفجرت في وقت سابق في مركز لمخابرات الجيش اللبناني في العبدة واسفرت عن مقتل جندي. وكان تنظيم «فتح الاسلام» اعلن في بيان استحال التأكد من صحته، مسؤوليته عن تفجير العبدة.

في سياق آخر، قتل امس المواطن اللبناني هشام جميل غصين من بلدة القنطرة (مرجعيون) بانفجار لغم من مخلفات العدوان الاسرائيلي اثناء قيامه باستصلاح اراضيه بواسطة جرافة في منطقة «مرج القصب» بين بلدتي الطيبة والقنطرة. وقد أصيب ايضا عامل سوري يعمل معه ويدعى تركي احمد بجروح طفيفة.