خبير الطيران الكابتن شيخ الدين عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: أرجح دخول «جسم غريب» في ماكينة طائرة الإيرباص المحترقة في الخرطوم

الكابتن شيخ الدين محمد عبد الله في حديث لـ «الشرق الأوسط»
TT

رفض الكابتن شيخ الدين محمد عبد الله خبير الطيران السوداني، أن يكون السودان الدولة الأسوأ في مجال تكرار حوادث الطيران، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» انه أفضل من دول كثيرة. وحسب الخبير السوداني، فإن حادث احتراق طائرة الايرباص310 القادمة من الأردن عن طريق دمشق في مطار الخرطوم مساء الثلاثاء الماضي، والذي أسفر عن مقتل30 ونجاة 171 من بينهم الجرحى. وقال إن الطيران «ما في زول جايب خبرو».. وفيما يلي تفاصيل الحوار:

* كابتن شيخ الدين، حادث الطائرة الايرباص اذا ما قورن مع حوادث سودانية مماثلة، هل تشير الأمور إلى أن السودان صار بلدا لافتا للانتباه في مجال حوادث الطيران؟ ـ السودان ليس الأسوأ بالطبع في العالم، هناك حوادث تفوقنا في أفريقيا، واميركا الجنوبية، وحتى شرق آسيا، وضعنا أفضل، ولكن يجب ان أقول ان الحصار المفروض على السودان، اثر كثيرا على قطاعات النقل في السودان، ومن بينها قطاع الطيران من مطارات ومعدات وطائرات.. قبل الحصار كانت الحوادث نادرة جدا.

* كخبير طيران، إلى ماذا تعزو تكرار سقوط، وتحطم الطائرات في السودان؟

ـ لا تخرج عن اربعة أسباب هي: أسباب طبيعية، أو فنية، أو العنصر البشري، أو المدارج في المطارات السودانية، احيانا كل الأسباب الأربعة تتحالف لتتسبب في وقوع الحوادث، وأغلب مشاكلنا في السودان تأتي من المطارات لأنها تفتقد كثيرا لآلات الملاحة، وحتى مطار الخرطوم يعاني من نفس المشكلات، الآن مطارات العالم مهيأة للهبوط حتى في ظروف انعدام الرؤية، لأن الآلات والأجهزة التي تساعد على الهبوط متوفرة، وهناك من تدرب عليها.

* هناك من يعزو تكرار الحوادث على نوع الطائرات؟

ـ لا، ليس الأمر كذلك في كل الأحوال، ولكن لدينا أحيانا طائرات روسية تجدها جيدة ومزودة بأدوات ملاحة ممتازة، ولكن لا تجد الشخص الذي يعمل بصورة جيدة، تأتي الطائرات لتعمل في بلد مثل السودان لتجد ان الاتصالات الخاصة بالطيران فيها مشكلة، ضعيفة أو غير موجودة في الكثير من المطارات.

* أنت تقول مشكلة اتصالات، والسودان مصنف بأنه من أفضل دول العالم في مجال الاتصالات؟

ـ لا، أنا اتحدث عن تعدد أنواع الاتصالات، تحديدا الرادارات، لماذا لا نوفرها على نطاق واسع، في البلدان الأخرى أنت تستطيع ان تعرف اماكن كل الطائرات، وتستطيع ان تستقبل وترسل في اي وقت، ولكن في السودان هذا الأمر مهمل بصورة كبيرة، هذه أشياء مهمة توفرها الدولة وعليها ان تصرف عليها أموالا كبيرة.. في مجال الاتصال يقسم «الاتحاد الدولي» الدول لعلامات ونجوم، والسودان من حيث اتصالات المطارات يقع في منطقة «النجمة السوداءBalk Star » لأنه ليس به أجهزة الاتصالات التي من المفترض ان تكون موجودة.. يبدو لي ان الاتصالات في مجال الطيران عندنا، تتم عبر اجهزة الموبايل «الجولات» بدلا عن الاتصالات المعروفة للطيران.

* حتى مطار الخرطوم؟

ـ مطار الخرطوم بالطبع أفضل من المطارات الأخرى، ولكنه ايضا مطار قديم تم تشييده منذ الستينات من القرن الماضي، فيجب ان يتغير الآن، فهو صغير والعناية به تتم بطريقة ضعيفة، يصان عن طريق مقاولين عاديين، وهذا خطأ، فالمطارات لها مواصفات دولية، وليست محلية، هذه المعايير الدولية يجب توفيرها.

* أين الأزمة، في المطارات، كأرضيات، أم المطارات، كإدارة أم المطارات كمعدات؟

ـ شوف، معظم مطاراتنا اسميها، مهابط، لا اكثر، لأن المطارات لديها مواصفات غير متوفرة عندما في الغالب، هي مكلفة نعم، ولكن ممكن ان تجد الاهتمام بمستوى احتياج السودان للطيران، اغلب مشكلاته ناجمة عن القصور في النقل وقلة انتشاره في الاتجاهات المختلفة.. دائما اقول ان مشاكل السودان ليست قي قضايا تهميش، وغيرها كما يردد البعض، ولكن المشكلة، هي عدم القدرة على التواصل مع اتجاهاتنا: شمالا وجنوبا وغربا، بصورة عادية.. عدم التواصل يغيب المعاني الكبيرة للوطن.

* وماذا عن القدرة البشرية في مجال الطيران؟

ـ التدريب ضعيف جدا ليس في مجال الطيران فحسب، وإنما في شتي المجالات في البلاد، بكل أسف مجال الطيران مهمل، وليس لدينا سياسة قومية للطيران، الدولة غير مهتمة بالطيران، وكل الاهتمام الذي نراه يتم عندما تقع حوادث، ومشكلات، ولكن ليس في الظروف العادية.

* ما هو تأثير الخصخصة على الطيران ايجابا او سلبا؟

ـ قلت لك لا توجد سياسة قومية للطيران، الطيران «ما في زول جايب خبرو»، لا توج سياسة متفق عليها بشأن الطيران.

* أين ميزانية الطيران؟

ـ يا أخي ما في أي ميزانية مرصودة بالمعنى. والمثال الطيران الحكومي، نجد أن الخطوط الجوية السودانية كشركة حكومية كل الحكومات اشتركت في تحطيمها، عانت من التغييرات الكثيرة في الادارات، والتعيين ظل يتم عبر الترضيات السياسية، وموازنات حزبية.. لقد سعدنا بتأسيس وزارة للطيران، ولكن للأسف صارت وزارة موازنات، مثل وزارة، الثروة الحيوانية، التي ظلت كذلك تاريخيا، بلا ميزانيات، حسب المطلوب.

* لماذا لا تنعكس موارد الطيران على القطاع في مجال الخدمات؟

ـ لو تركوه يعمل على تطوير نفسه لفعل، مثلا «سودانير» حطمتها الحكومات، كما ذكرت من قبل؟

* ما هو دور الكوارث الطبيعية كسبب من الأسباب في رفع عدد حوادث الطيران في السودان؟

ـ ليست كثيرة، حصلت، ولكن دائما مع الظروف الطبيعية يلعب العنصر البشري دورا كبيرا في احتواء المشكلات، وتفادي وقوع الحوادث أو التقليل منها، مثلا، حادث الطائرة التي سقطت في الحاج يوسف، كان الدور البشري فيه موجودا وحاضرا، نحن نكسر القوانين في مجال الطيران على شتى المستويات، نعم التصرف مطلوب، ولكن في الأعم لا بد من التمسك بالقانون.

* كيف وقع الحادث الأخير في مطار الخرطوم؟

ـ ما اقوله في خصوص حادث مطار الخرطوم الأخير افتراضات، لأن القول الأخير للجنة التحقيق، وهي التي يحب ان تقول. هناك جزء له علاقة بالطبيعة حيث كان بالمطار امطار، وربما في المدرج بقايا من مياه الامطار في تلك للحظة، اثرت على الكوابح، أو زلقت الطائرة، والحاصل ان الطائرة هبطت، ولكنها احترقت بعد ذلك، وهذا يجعل المرء يخمن بأن هناك جسما غريبا دخل الماكينة بعد هبوطها وخروجها في مكان طرفي في المطار «الناحية الشمالية»، وأدى ذلك الى اشعال النار في الماكينة ربما.

* من اين جاءت هذه الأجسام، ما هي هذه الأجسام؟

ـ ربما جاءت بسبب العواصف التي سبقت الأمطار وربما لسبب آخر ظهر هذا الجسم، ويسمى السبب الخارجي في عالم الطيران، يحدث كثيرا أن يظهر طائر أو حجر أو اي جسم صلب، ويضرب في الأماكن الحساسة في الطائرة.

* هل المياه في المطار عادة تعطل هبوط الطائرات؟ ـ لا، عادي في اي مطار يمكن ان تهبط الطائرة مع الامطار، ولكن يمكن ان يحدث الانزلاق، وهذا امر مرتبط بالتحكم.. في تقديري الشخصي ان هناك جسما ضرب الماكينة أو خزان الوقود فأدى الى الاشتعال، كل هذه احتمالات حتى الآن.

* لماذا لم تنفتح الأبواب؟ ـ كل حادث له ظروفه، ولكن في ظروف الحريق الأمر مختلف، يحدث فجاة، يحدث كل شيء بسرعة، لا تتيح الفرصة لتنبيه الركاب بما حدث، الحريق في هذه الطائرة كان في الجانب الأيمن، لذلك تم الغاء هذا الجانب، ولجأ الطاقم الى فتح الأبواب من الناحية اليسرى، وكانوا موفقين بتقديري، لأنه ليس من السهل اتفاذ 171 من الركاب من جملة 203، من جانب واحد من الطائرة، الطاقم بذل الكثير من الجهد المقدر للحد البعيد.

* هل السلطات تعاملت بكفاءة لاحتواء الحادثة؟

ـ والله، كان التعامل غير جيد، كان هناك زحام لا داعي له، كل من هب ودب كان في المطار، وكان هناك «100 رئيس» لاحتواء الأزمة، كل شخص في مكان الحادث كان رئيسا، كان من المهم ان نحدد المسؤول الذي يدير الأزمة من داخل المطار، هناك خلل في المطار، مثلا الاطفاء تم بوسائل تقليدية، الإطفاء اخذ الكثير من الوقت. إطفاء هذا الحريق لا يتعدى اكثر من نصف الساعة، وكانت السيارات غير كافية، لدينا أزمة في ادارة الكوارث.

* ما هي الدروس المستفادة ؟

ـ أن ننشئ مطار الخرطوم الجديد، ويجب ان تكون الحادثة بداية لتأسيس سياسة قومية للطيران نصرف عليها، من القطاعين العام والخاص، مطار الخرطوم الحالي أصبح داخل الأحياء، هذا غير عملي خاصة في حالات الحوادث.