بهاء الدين إدريس توفي في لندن ويدفن جثمانه في الخرطوم

كان أحد أكثر المقربين للرئيس السوداني الأسبق نميري

TT

فجعت الأوساط السودانية داخل بريطانيا وخارجها بوفاة الدكتور بهاء الدين محمد إدريس، مساعد الرئيس السوداني الأسبق المشير جعفر محمد نميري، في لندن أول من أمس. وكانت الوفاة فجائية، إثر علة لم تمهله طويلا. ويعد الدكتور إدريس من ابرز قيادات العمل الوطني السوداني خلال فترة حكم الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري.

الفقيد من مواليد الثلاثينات من القرن الماضي في حي بيت المال بأم درمان، والتي تلقى تعليمه الأساسي فيها. وكان تلميذا نجيبا وطالبا ذكيا، وفي المرحلة الجامعية أظهر تفوقا أكاديميا، حيث تخرج من كلية العلوم في جامعة الخرطوم ثم حصل على درجة الدكتوراه من إحدى الجامعات البريطانية، وعمل أستاذا في كلية العلوم بجامعة الخرطوم. ومن ثم تفرغ للعمل السياسي في عهد مايو. وكان يشكل مع الدكتور جعفر محمد علي بخيت وزير شؤون الحكم المحلي الأسبق، وأحد أبرز منظري العهد المايوي، أهم الدعائم الفكرية لذلك العهد من أساتذة جامعة الخرطوم، وانخرطا معا في الإسهام الفاعل لتثبيت دعائم النظام المايوي، الدكتور بخيت في الجانب الفكري، والدكتور إدريس في مجال التنظيم والتخطيط. وكان الفقيد ناشطا كرس جل وقته واهتمامه وعلمه وفكره في خدمة النظام من خلال العمل المتواصل توجيها وأداء في القطاعات والأجهزة والمؤسسات التي كانت تحت إدارته إبان توليه وزارة رئاسة الجمهورية، ثم تعيينه مساعدا للرئيس نميري. وقد حاول ألا تكون وظيفته إشرافية أو تشريفية فحسب، بل انداح عطاؤه في مجالات عديدة في القصر الجمهوري، باعتباره وزيرا لرئاسة الجمهورية، حافظا أسرارا كبيرة ومؤتمنا على معلومات خطيرة عن ذلك العهد. وكان الدكتور بهاء مخلصا في مشورته ودقيقا في أدائه. كما كان ذا ذاكرة حافظة، وبدقة متناهية يحرص عليه نميري في الحصول على المعلومة الموثقة الدقيقة.

لقد كان الفقيد أهم شخصية بعد نميري آنذاك في القصر الجمهوري، ونال ثقة الرئيس الأسبق بصفته مستشارا من أهل الثقة المقربين، ثم بوصفه مساعدا للرئيس يعتمد عليه اعتمادا كبيرا، وهو يجمع بين الخبرة والدهاء السياسي والكفاءة المهنية والذكاء الإداري. وكان بعض العسكريين المايويين يغيرون منه غيرة واضحة بسبب ثقة نميري فيه. وقد حامت شبهات كثيرة في علاقات الدكتور بهاء الدين إدريس ببعض رجال الأعمال السودانيين وغير السودانيين، الذين كانت أعمالهم ومشاريعهم الاستثمارية تتطلب مقابلة الرئيس نميري، عن طريق بهاء. وطالته من ذلك شائعات كثيرة إلى درجة أن لقب بـ«مستر 10%». ولكن اللواء (مهندس) بابكر علي التوم معتمد العاصمة القومية في عهد نميري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» يؤكد أن بهاء لم يخن الأمانة، وكان يحب السودان حبا عظيما، وكان نميري يعرف أنه دقيق في عمله ومخلص لوطنه، لذلك قربه إليه وجعله موضع ثقته. وعندما كثر الحديث عن فساده زورا وبهتانا، أعفاه نميري، ولكنه أعاده بعد 4 أشهر مساعدا لرئيس الجمهورية، إذ لم يستطع أحد تقديم أي دليل قانوني لفساده المزعوم. كما شكلت له محكمة ولكنها لم تستطع إدانته بل برأته من كل التهم الموجهة ضده. عاش بهاء فقيرا ومات فقيرا. كما أنه عاش وحيدا ومات وحيدا.

وأوضح عمر الصديق السفير السوداني في لندن لـ«الشرق الأوسط» أن السفارة تلقت توجيهات من رئاسة الجمهورية بإقامة عزاء في السفارة، وأن الدولة تكفلت بترحيل جثمان الفقيد من لندن إلى الخرطوم والتكفل بمصروفات مرافق الجثمان، وهي ابنته وكافة المصروفات الأخرى. وسيصلى على الجثمان في مسجد «ريجنت بارك» في لندن عقب صلاة الجمعة (اليوم)، إذا اكتملت الإجراءات القانونية المتعلقة بالكشف على الجثمان، ومن ثم سيجري نقل الجثمان إلى الخرطوم لدفنه.