أربعاء كل أسبوع «يوم رعب» بامتياز للبنانيين وسعر البنزين ارتفع 26% منذ مطلع السنة

بعد أن حدد موعدا لصدور الجدول الدوري لأسعار المشتقات النفطية

TT

لم ينجح انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان بعد ستة أشهر من الفراغ الرئاسي، في تبديد هواجس اللبنانيين الذين ما فتئوا يعيشون بين رعب أمني بفعل الاحداث الامنية التي تكاد تصبح شبه يومية، ورعب سياسي بفعل الانتقال من الفراغ الرئاسي والنيابي الى الفراغ الحكومي الناجم عن تعثر التأليف على رغم التسهيلات التي وفرها «اتفاق الدوحة» لتنفيذ هذه العملية، والرعب المعيشي الذي بات يدق كل الابواب متسببا بارتفاع «منسوب» الفقر والعوز في معظم الشرائح الاجتماعية.

وقد يكون يوم الاربعاء من كل اسبوع هو يوم الرعب بامتياز، باعتبار انه يشهد صدور تركيب جدول اسعار المشتقات النفطية من بنزين ومازوت وغاز وكاز. وهو الجدول الآخذ في الارتفاع بشكل اسبوعي. وكانت الزيادة الاخيرة هي الاعلى منذ بدء مسار الصعود في الاسعار. ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي حتى اول من امس الاربعاء، ارتفع سعر البنزين بنحو 26%، اي من 24 الف ليرة للصفيحة سعة 20 ليترا الى 32700 ليرة. في حين ارتفع سعر صفيحة المازوت بنسبة اعلى بحيث تخطى سعرها 37 الف ليرة، فيما كان هذا السعر في السابق نحو نصف سعر صفيحة البنزين.

وقد اصاب «لهيب» المحروقات كل القطاعات، وخصوصا الطبقة العاملة التي باتت تئن تحت وطأة كلفة النقل التي ارتفعت الى الفي ليرة من 1500 ليرة في السيارات الصغيرة، ومن 500 ليرة الى الف ليرة في الحافلات داخل العاصمة. وكانت هذه الاسعار قد ارتفعت عقب حرب يوليو (تموز) بالنسبة نفسها تقريبا. وما يفاقم المشكلة ان عدد الحافلات العامة تراجع من 561 حافلة في العام 2005 الى 371 في العام 2007.

واضيف ارتفاع اسعار المحروقات الى عوامل عدة اخرى ساهمت في تأجيج التضخم، مثل ارتفاع سعر «اليورو» حيث كان لبنان يستورد نصف احتياجاته من اوروبا، وبعد الارتفاعات الاخيرة تراجعت المستوردات من اوروبا الى نحو 37%، وارتفاع اسعار المواد الاولية في الاسواق العالمية ورفع الدعم عن الحليب ومشتقاته في دول الاتحاد الاوروبي. وقد انعكست كل هذه العوامل على اسعار المواد الغذائية بحيث راوحت الزيادات بين 70% و300% كما هي الحال بالنسبة الى بعض انواع الاجبان المستوردة والزيوت والحبوب وغيرها. وينسحب هذا الارتفاع على اسعار الشقق السكنية التي سجلت في الاشهر القليلة الماضية زيادات قياسية راوحت بين 20 و30%.

ولم يقلل من الرعب المعيشي ما تحقق اخيراً من انخفاضات محدودة في اسعار المستوردات المتأتية من خفض الرسوم الجمركية التي اتخذتها الحكومة الشهر الماضي ومن انخفاضات مماثلة في اسعار الخضار والفواكه بعد وقف العمل ببرنامج دعم الصادرات الزراعية وانكفاء المزارعين الى الداخل حيث تزايد العرض بشكل لافت.

وفي دراسة لمؤسسة «فيتش ريتينغز» احتل لبنان المرتبة الثانية بين دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا على صعيد مؤشر القابلية التضخمية، والمرتبة الـ 29 بين 73 دولة ناشئة في اوروبا والشرق الاوسط وافريقيا وآسيا واميركا اللاتينية.

ولعل الامر الوحيد الذي يخفف من العبء والرعب المعيشي هو تزايد تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج التي ارتفعت الى نحو 6 مليارات دولار في العام 2007 مقابل 5 مليارات في العام 2006. وتأتي هذه التحويلات في صورة خاصة من دول الخليج، ولاسيما المملكة العربية السعودية ودبي وقطر والكويت، ومن افريقيا، وبنسبة اقل من استراليا وكندا والدول الاوروبية والولايات المتحدة. وتصب هذه التحويلات بمعظمها في القطاع العقاري (شراء الشقق) والقطاع المصرفي الذي استطاع بفضلها الاستمرار في تغطية الدين العام الذي بات يشكل 190% من اجمالي الناتج المحلي، فضلاً عن القطاع السياحي الذي يستمد من هذه التحويلات «الاوكسجين» اللازم لمواجهة الأزمات الأمنية والسياسية المتلاحقة. «غير ان العاملين في الخارج قلما يشغلون الفنادق لأنهم اما يسكنون مع ذويهم أو في شققهم الخاصة أو في شقق مفروشة» على حد قول احد اصحاب الفنادق.