مجلس النواب المغربي يشكل لجنة تقصي الحقائق في أحداث سيدي إفني

وزير الداخلية: لا شكاوى حول حالات اغتصاب وسرقة أمتعة السكان

TT

أعلن مجلس النواب المغربي، أمس، أنه أحدث لجنة لتقصي الحقائق حول الاحداث الاجتماعية التي شهدتها مدينة سيدي افني (حوالي 780 كلم جنوب الرباط) أخيراً. وقال بيان صدر عن رئاسة مجلس النواب، إنه تم الاتفاق بين الفرق النيابية من الغالبية والمعارضة، لإحداث لجنة تقصي حقائق، ستباشر عملها في القريب العاجل، وسيناط بها جمع المعلومات المتعلقة بالأحداث الاجتماعية الاخيرة، وذلك نتيجة للاخبار والإشاعات المتضاربة حولها. الى ذلك، قال شكيب بن موسى، وزير الداخلية، إن وزارته ستسهل مأمورية عمل لجنة تقصي الحقائق، المزمع إحداثها من قبل مجلس النواب، وستمد أعضاءَهَا بجميع المعطيات الخاصة بوضع المنطقة، والاضطرابات الاجتماعية التي شهدتها، والكيفية التي عولجت بها الامور لاستتباب الامن، حيث سيتم تصحيح القراءات التي وصفها بـ«المغرضة»، نتيجة تدخل قوات الامن، مؤكدا أن وزارته مستعدة لمواصلة الحوار مع سكان المنطقة، من خلال منتخبيهم، وجمعيات المجتمع المدني، لإنجاز الاوراش الاقتصادية والاجتماعية المخطط لها. وأكد بن موسى، الذي كان يتحدث، مساء أول من أمس، في مجلس النواب (الغرفة الاولى في البرلمان)، أن الاحداث الاخيرة بسيدي افني أسفرت عن اعتقال 182 من المحتجين أطلق سراح غالبيتهم بعد توقيعهم التزاما بعدم خرق القانون، وتكرار ما وقع، بضمانة من أفراد عائلاتهم، بينما تم تقديم 10 أشخاص للعدالة، ويتعلق الأمر بمدبري الأحداث التي أخلت بالأمن العمومي، وبأشخاص وجدت بحوزتهم قنينات حارقة (كوكتيل مولوتوف)، وسلاح للصيد، وشخص اعترف بأنه هو مَنْ قام بحرق سيارة. ونفى سقوط ضحايا، خلافا لما أشيع، لكنه سجل وقوع إصابة 48 شخصا بجروح خفيفة (28 من عناصر الأمن الوطني والقوات المساعدة و20 من المتظاهرين)، غادروا جميعهم المستشفى في اليوم نفسه بعد تلقيهم للإسعافات الضرورية. وأوضح أن تدخل قوات الأمن جاء لوضع حد للحصار المضروب على ميناء ومدينة سيدي إفني، بعد استنفاد جميع السبل لإيجاد حلول «واقعية ومعقولة» لهذا الوضع، مشيرا الى أنه تم تأجيل هذا التدخل لمدة 24 ساعة عن موعده، نزولا عند رغبة المنتخبين، وأعيان المنطقة، الذين طلبوا مهلة إضافية للقيام بمساعٍ جديدة للحوار، والتي لم تؤت أكلها أمام إصرار المحتجين على الاستمرار في حركتهم الاحتجاجية المخلة بالنظام العام. وقال بن موسى «إنه أمام إصرار المحتجين، أبلغت السلطات الأشخاص الذين يخوضون الاعتصام بعزم القوات العمومية على التدخل، لكن عوض الامتثال للقانون، تمادى المحتجون في غيِّهم، بل دفعوا بأفراد عائلاتهم إلى النزول للشارع لثني القوات العمومية عن القيام بعملها وبما يفرضه القانون».

وأضاف أن الهدف من وراء تدخل القوات الأمنية كان «رفع الحصار عن الميناء ووضع حد لمعاناة العاملين به الذين ظلوا محاصرين به طوال مدة الاعتصام، ومعاناة الصيادين الصغار الذين منعوا من كسب قوتهم اليومي، والحيلولة دون تفاقم الوضع الأمني بالمدينة، ومنع أي انزلاق لا تحمد عقباه، فضلا عن إعادة الأمن إلى المدينة، وحماية أرواح الناس وممتلكاتهم»، مشيرا الى أن بعض المحرضين هددوا بإضرام النار في محطة وقود. وذكر أن حصار الميناء تسبب في خسائر مادية مهمة بلغت حوالي 559 ألف دولار، وأضرار بيئية خطيرة، فضلا عن معاناة عمال وأطر (كوادر) الميناء وسائقي الشاحنات وصيادي السمك الصغار من آثار الحصار والعطالة التقنية التي وجدوا أنفسهم مرغمين على تحمل تبعاتها دون أن يكون لهم يد في الموضوع.

وأوضح أن مدينة سيدي إفني عاشت خلال ليلتي 6 و7 (يونيو) الحالي، على إيقاع أحداث خطيرة مست النظامَ العام»، وتمثلت في تنظيم مسيرات غير مرخصة طوال الليل تخللتها أعمال شغب، إذ تم إضرام النار في سيارة المصلحة تابعة لقائد (رجل سلطة) المقاطعة الحضرية الثانية، وتم رشق مقر مفوضية الشرطة بالحجارة، ووضعت الحواجز في عدد من الشوارع والممرات لعرقلة تدخل قوات الأمن، مع ترديد الدعوات للعصيان ومواجهة قوات الأمن. وأكد بن موسى أنه بعد وصول التعزيزات الأمنية الضرورية من أغادير (جنوب المغرب)، صبيحة يوم السابع من يونيو، والتي بلغ قوامها حوالي 1300 عنصر، تم نشرها لتحقيق هذه الأهداف، «حيث تم في أقل من ساعة من الزمن إخلاء الميناء، وفتحه في وجه العمال والموظفين، واعتقال من واجه القوات العمومية والمحرضين على اقتراف الأعمال غير القانونية، وهم فئة قليلة جدا». وأكد على ضرورة استحضار بعض الحقائق لتقييم موضوعي لعملية التدخل الأمني، والتي تتمثل في أن «قوات الأمن لم تلجأ إلى استعمال الأسلحة النارية رغم ما تعرضت له من استفزازات، مما أدى الى إصابة عدد كبير من أفرادها خلال هذا التدخل». بيد أن بن موسى أقر بأنه في بعض الاحيان لجأت قوات الامن الى استعمال القوة ضد فئة قليلة من الأشخاص كانوا عازمين على مواجهتها»، واصفا ذلك بالتصرف العادي الذي تلجأ إليه قوات الأمن في الدول العريقة ديمقراطياً، وتفرضه ضرورة فرض احترام القانون، وواجب الدفاع عن النفس أمام تهديد محتوم. وأضاف أنه بعد نجاح قوات الأمن في فض الاعتصام أمام الميناء «لجأ عدد من المحرضين على القيام بأعمال الشغب في المدينة، والمرتفعات المجاورة، فتعقبتهم قوات الأمن من أجل اعتقالهم، لذلك اضطرت لاقتحام بعض المنازل تنفيذا لأوامر النيابة العامة».

وسجل وزير الداخلية أنه «بعد كثرة الإشاعات المغرضة والتي كانت وراءها جهات معينة، من قبيل استعمال العنف المفرط من قبل قوات الأمن وسقوط قتلى وحدوث اغتصابات»، شهدت مدينة سيدي إفني يومي السبت والأحد الماضيين، تنظيم بعض المسيرات التي تم تفريقها من قبل قوات الأمن. وأوضح «أن وزارة الداخلية لم تتوصل حتى الآن بأية شكوى رسمية بخصوص ما ادعته بعض الجهات من حصول حالات اغتصاب، وسرقات لأمتعة السكان أثناء تدخل القوات الأمنية»، مبرزا أنه في غياب هذه الشكاوى، «فإن الأمر يبقى مجرد ادعاءات لا تستند إلى وقائع أو أدلة ملموسة»، لكنه شدد على أن وزارته «مستعدة لفتح تحقيق في شأن أي ادعاء وإنزال العقوبة في حق أي مخالف»، مشيرا إلى أن مثل هذه الأعمال إن حدثت، فإنها تبقى تصرفات غير مقبولة ومخالفة لمنهج تدبير المظاهرات.