الأكثرية النيابية تستغرب الزامها حل «العقدة العونية»

المرّ يحمل حقيبة الداخلية أو يعود إلى منزله.. والمعارضة تطالب الموالاة بمراعاة «الواقع على الأرض»

TT

لا تزال مساعي تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة، تواجه عثرات وعقداً لم يصر بعد الى تجاوزها، ما قد يستدعي تحركا نوعيا يحتمل ان يقوم به رئيس الجمهورية ميشال سليمان، أو خارجيا عبر دخول وسطاء «اتفاق الدوحة» على خط الاتصالات، وهو ما بدا مستبعدا من خلال تجنب الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، الكلام عن أي دور عربي وتشديده على «الدور اللبناني» في هذا الملف.

ورغم كل الكلام عن الوزارات السيادية أو غير السيادية الذي تضج به المحافل السياسية في لبنان، بات من الواضح ان الازمة في مكان آخر تماما، وفقا لـ«اعترافات» اركان المعارضة والموالاة على السواء، وسط اتهامات متبادلة بالتعطيل الذي يكاد يكون الثابت الوحيد في المواقف السياسية المختلفة.

فمنذ ان عاد الفرقاء من قطر مع «اتفاق الدوحة» اواخر الشهر الماضي، والانتخاب السريع لرئيس الجمهورية، بدأ زخم الاتفاق يتراجع تحت ضغط الشروط والمواقف. فالمعارضة كما تقول اوساطها لا ترى فرصة لتأليف الحكومة اذا استمرت الاكثرية بالعمل وفق الذهنية الحالية التي تقول مصادر المعارضة، انها تتلخص في سعي الاكثرية لأن تحصل بالسياسة على ما خسرته على ارض الواقع، معتبرة ان الاكثرية تتعامل مع تشكيل الحكومة على القاعدة نفسها التي اعتمدتها عام 2005 وهو أمر لا يمكن تطبيقه الآن في ظل «الحقائق على الارض».

وفي المقابل يرى قطب كبير في الاكثرية ان المعارضة تحاول ان «تضع رئيس تكتل الاصلاح والتغيير، (النائب ميشال عون) في واجهة الرفض، فيما لا تبدو نياتها صافية في ما يتعلق بتشكيل الحكومة». ويشير الى ان الاكثرية اتخذت قرارا بتسهيل عملية تأليف الحكومة الى ابعد الحدود، ولهذا امتنع قادتها عن الادلاء بمواقف «قد تفسر على غير حقيقتها، فالتزمت الصمت حتى اشعار آخر».

وتتمثل العقدة المعلنة الآن في مطالبة المعارضة بحقيبتين سياديتين من أصل اربع (الخارجية والدفاع والداخلية والمال)، وهو ما لا يمكن تحقيقه عمليا في ضوء الاتجاه الى اعطاء رئيس الجمهورية حقيبتي الدفاع والداخلية. وفي ما تسعى المعارضة الى تسويق فكرة تقول ان وزارة العدل، هي حقيبة سيادية لتسهيل عملية القسمة، كان رد الاكثرية ان وزارة الطاقة والمياه التي كان يتولاها وزير «حزب الله» محمد فنيش هي وزارة سيادية «وعلى المنادين بالسيادة ان يتولوها». ويبدى القطب المذكور استياءه الشديد من «المماطلة» المعتمدة من فريق المعارضة، مستغربا كيف يتعهد احد اقطاب المعارضة تولي «العقدة العونية» ثم يتراجع ليضعها من ضمن «واجبات» الاكثرية.

أما رئيس الجمهورية فقد بدأ ممارسة «ضغوط ادبية» على الفرقاء المختلفين عبر سلسلة اتصالات يقوم بها بعيدا عن الاضواء، وتشمل اضافة الى الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة، مختلف الاطراف المعنية بملف التشكيلة الحكومية. ويأمل الرئيس سليمان في انجاز التشكيلة هذا الاسبوع على ابعد تقدير. ويقول مقربون منه انه يطالب الجميع بتسهيل انطلاقة حكومة العهد الأولى في اسرع وقت ممكن لأن التأخير في تشكيل الحكومة يعرقل الانطلاقة اللازمة للعهد الجديد. ومن هنا يبدو انه اذا استمر «الفيتو» الموضوع من المعارضة على ترشيح وزير الدفاع الحالي الياس المر للبقاء في موقعه، فإن هذه الوزارة لن تذهب بالتأكيد الى المعارضة، ولا حتى الى الموالاة بل الى شخص حيادي آخر يختاره الرئيس. فيما نقل عن المر تمسكه بوزارة الدفاع، والا فإنه يفضل ان يذهب الى بيته، وذلك على غرار موقف مشابه اتخذه في آخر حكومات الرئيس اميل لحود، عندما تمسك بوزارة الداخلية مفضلا عدم المشاركة في الحكومة بعد اختيار النائب السابق سليمان فرنجية لهذه الحقيبة.

واكد سليمان امس خلال استقباله في حضور وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة فوزي صلوخ سفراء دول اميركا اللاتينية واسبانيا ان «لبنان يتطلع الى تعزيز الوفاق الداخلي، وتأليف حكومة وطنية تتمثل فيها الاطراف اللبنانية كافة».

وأعلن رئيس حزب الكتائب الرئيس السابق أمين الجميل بعد لقائه سليمان ان «الدخان الابيض لا بد ان يتصاعد مطلع الاسبوع المقبل لأن الامور اصبحت كلها واضحة، والاشكالات هي تفاصيل ولا بد ان تنضج في الساعات المقبلة« واضاف ان «رئيس الجمهورية يحظى بثقة كل القيادات يرعى كل الاتصالات، ولا يوجد اي سبب للجوء الى وساطات خارجية، ولا بد من التوصل الى حكومة صنعت في لبنان مائة في المائة»، معتبراً ان «العقبات التي لا تزال موجودة غير مبررة، ولا احد يستطيع ان يتحمل مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة».

وزار أمس المعاون السياسي لرئيس تكتل «المستقبل» الدكتور غطاس خوري رئيس اساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، وعرض معه «التطورات على الساحة اللبنانية، وخصوصاً الوضع الحكومي». واكد خوري بعد اللقاء «دعم فخامة رئيس الجمهورية في حلحلة العقد الموجودة، من أجل أن تبصر الحكومة العتيدة النور في أقرب وقت ممكن». وردا على سؤال، حول الحديث أن الحكومة ستبصر النور امس أو اليوم خصوصا في ظل وجود الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في بيروت، قال خوري: «الحكومة شأن لبناني ووطني والجامعة العربية مشكورة على مساهمتها في السابق والآن في إيجاد طرق للتوافق. ولكن على اللبنانيين وعلى فخامة الرئيس وكل القوى السياسية الاتحاد معا لإطلاق الحكومة الوطنية، وأظن أن ذلك يحتاج إلى بعض الوقت وقد لا يكون في اليومين المقبلين، ولكن إن شاء الله، في الأسبوع المقبل».

وردا على سؤال حول عقدة الوزارة السيادية التي سيتم إسنادها الى للمعارضة، قال: «هناك وزارات سيادية للمعارضة وللموالاة، لكن الوزارتين السياديتين الأمنيتين يجب أن تكونا لفخامة رئيس الجمهورية».

ودعا عضو كتلة بري النائب علي خريس الى «تنفيذ تفاهم الدوحة والاسراع في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية لأن المماطلة ليست لصالح الوطن او المواطن». فيما حذر أمين سر تكتل «التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان، من «إمكان أن يكون هناك من لا يريد ولوج المرحلة التي تم التوافق عليها في الدوحة. ودعا كل الأطراف السياسية «التي تتبنى كلاميا إتفاق الدوحة، إلى النزول إلى مجلس النواب الأسبوع المقبل لإقرار قانون تقسيم الدوائر الانتخابية والإصلاحات التي وردت في ورقة الوزير فؤاد بطرس والتي تعتبر بأهمية تقسيم الدوائر». واستغرب «كلام فريق السلطة عن وجود عقد وزارية، بما أن الرئيس السنيورة لم يقدم حتى الآن أي تركيبة وزارية متكاملة، والموضوع ما زال محصورا بالسلال والاقتراحات». واعتبر أن «المشكلة لا تكمن في توزيع الحقائب بل في رغبة أو خطة عند بعض الأطراف الداخليين أو الخارجين في إبقاء حال المراوحة وتمرير الوقت، وتجييش الشارع على خلفية أن هناك عقداً وزارية تضعها المعارضة للحؤول دون تشكيل الحكومة».