وزير دفاع السودان يسلم مبارك رسالة من البشير ونسخة من اتفاقية أبيي

طالب بمشاركة مكثفة للشرطة المصرية ضمن القوات المختلطة في دارفور

TT

في تحرك سوداني على الساحة المصرية، زار القاهرة أمس وزير الدفاع السوداني الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين، واجتمع مع الرئيس المصري حسني مبارك، وعدد من وزرائه، هم وزراء الدفاع والخارجية والداخلية، وبحث معهم موضوع المشاركة المصرية في القوات المختلطة في دارفور، طالباً مشاركة وحدات من الشرطة المصرية في قوات حفظ السلام في دارفور.

وأطلع الوزير السوداني، الذي سلم مبارك رسالة من نظيره الفريق عمر حسن البشير، القاهرة على الاتفاق الأخير في السودان بين الحركة الشعبية لتحرير السودان، وحزب المؤتمر الوطني السوداني الحاكم، بشأن إقليم أبيي، والترتيبات التي تجرى الآن لتكون خطوة نحو حل نهائي لمشكلة أبيي حتى تسير اتفاقية السلام الموقعة بين الشمال والجنوب في مسارها الطبيعي. وعقب اجتماعه مع مبارك، أبلغ الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين، الصحافيين في مقر الرئاسة المصرية «أنه شرح للرئيس مبارك نص الاتفاقية، وسلمه نسخة منها». وعما إذا كان التحكيم الدولي في ملف أبيي يعد مؤشرا خطيراً في العلاقة بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني والذهاب بالخلافات مرة أخرى للخارج، قال وزير الدفاع السوداني «إننا نتحدث في الاتفاقية عن حل داخلي.. وإذا تعذر ذلك مطلقا ولم نجد حلا، فإننا نلجأ للخارج». والاتفاقية وضعت «ضمانات كافية لكي يكون الحل داخليا».

وأوضح «أن رسالة الرئيس عمر البشير، للرئيس مبارك تتعلق بعدد من الموضوعات، وفي مقدمتها مشاركة مصر في القوات الدولية الأفريقية المختلطة لحفظ السلام في إقليم دارفور، مشدداً على «أهمية الوجود المصري في هذا الخصوص ورغبة السودان في مشاركة وحدات من الشرطة المصرية في هذه العملية لما تتميز به من كفاءة، فضلا عن قرب هذه الوحدات المصرية من وجدان الشعب السوداني وعدم وجود حواجز لغوية أو دينية مع أبناء دارفور، معرباً عن أمل بلاده في «أن يكون أكبر عدد من وحدات الشرطة التي ستنتشر في دارفور من الوحدات المصرية».

وأشار إلى أن الرسالة تناولت كذلك آخر المستجدات بالنسبة لقضايا العلاقات بين السودان وتشاد وقضايا دعم الاستثمار الزراعي المصري والعربي في السودان والوضع بعد التوصل لاتفاق أبيي بين حكومة الشمال والجنوب في السودان. وقال وزير الدفاع السوداني «إن اللقاء مع الرئيس مبارك تطرق إلى الاعتداء التشادي الأخير على السودان والدور التشادي في هذه القضية، وكيف كان تشاد مَعْبَرا وواجهة لدول إقليمية ودولية دفعت بهذه القوات إلى السودان حتى وصلت إلى أم درمان».

 وردا على سؤال حول ما تردد عن ضلوع إيران في الهجوم الأخير على أم درمان، قال وزير الدفاع السوداني «إننا لم نجد حتى الآن بصمات لإيران في هذه القضية، ولم نجد شيئا أو مستندات تدل على ذلك»، وأوضح أن سبب إشارته لضلوع قوى إقليمية ودولية في الهجوم على أم درمان، إنما يرجع لحقيقة أن الهجوم وبالشكل المكثف الذي تم به إنما يتجاوز إمكانيات تشاد وحدها، كما أن تكلفة الهجوم تقدر بحوالي 100 مليون دولار، وهو مبلغ ليس في مقدور تشاد توفيره لتمويل مثل هذا الهجوم، فضلا عن أن نوعية الأسلحة والمعدات المستخدمة في الهجوم على أم درمان بما فيها من مضادات للطائرات والصواريخ، تؤكد ضلوع قوى دولية وإقليمية في الهجوم، خاصة في ظل توجيه هذه القوات المهاجمة عبر الأقمار الصناعية، وأشار إلى أن بعض القوى الحزبية السودانية، قد شاركت أيضا في هذه العملية».

واتهم الوزير السوداني من سماهم «الصهيونية العالمية والصليبية العالمية وقوى أخرى» بأنهم ساهموا في هذا الاعتداء، لأن هذه ليست هي المحاولة الأولى التي تتم من جانب تلك القوى لإسقاط النظام في السودان.

وحول تهديدات حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور بمعاودة الهجوم، قال «إن العدل والمساواة دُمِرَت تماما، ولن تقف على قدميها ثانية، إلا بدعم خارجي إقليمي أو دولي»، مشيرا إلى «أن قوات الحركة التي وصلت أم درمان ومعها 220 عربة انسحبت، وليس معها سوى خمس عربات فقط، فضلا عن خسائرها في الأفراد والمعدات».

وحول الوضع القتالي على الأرض في دارفور حاليا، أوضح وزير الدفاع السوداني «أن دارفور آمنة تماماً، لأن المتمردين هناك لا يسيطرون على أي قرية، إنهم مجرد عصابات تتحول من منطقة إلى أخرى». وعما إذا كان هناك وجود لتنظيم «القاعدة» في السودان، قال الوزير السوداني «ليس هناك وجود عسكري للقاعدة في السودان، ولكنها قد تكون موجودة فكرياً»، لكنه حذر من أن نجاح القوى الغريبة في زعزعة الأمن والاستقرار بدارفور فيما يطلق عليه (الفوضى الخلاقة) على غرار ما يحدث في العراق وأفغانستان، فإن هذا يمكن أن يوفر مناخا مواتيا للقاعدة خاصة في دارفور، التي لها حدود مفتوحة مع عدة دول بالمنطقة، وهو ما يؤكد أهمية ألا تخرج دارفور عن نطاق سيطرة الدولة السودانية».

وحول فرص نجاح صمود اتفاقية أبيي قال وزير الدفاع السوداني، «إننا نتمنى ذلك»، مشيرا إلى أنه قد تشاور بشأن هذه الاتفاقية مع الرئيس مبارك اليوم (أمس) وأنه نقل لمصر نسخة من هذه الاتفاقية حتى تكون على اطلاع تام بتفصيلاتها، معربا عن أمله «أن تكون الاتفاقية خطوة كبيرة نحو حل نهائي لهذه المشكلة».

وحول مخاوف البعض مما يمكن أن يترتب على إقامة بعض السدود في أثيوبيا بالتعاون مع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، أكد وزير الدفاع السوداني على حصة مصر والسودان من المياه، وأنه لا يمكن لأي سدود تقام في إثيوبيا أن تمنع المياه عن مصر بحكم الطبيعة الجغرافية وعدم إمكانية تخزين هذه المياه، التي تنحدر من الهضاب والمرتفعات الإثيوبية إلى سهول منخفضة في السودان، ومنها إلى مصر، موضحا أن الهدف من إقامة السدود في إثيوبيا هو إنتاج الكهرباء.

واعتبر الوزير السوداني أن اهتمام إسرائيل بالسودان يرجع أساسا إلى اهتمامها بموضوع المياه بشكل عام. وحول الموضوعات التي سيعرضها السودان على القمة الأفريقية القادمة في شرم الشيخ، قال وزير الدفاع السوداني «إن السودان يعتزم مطالبة أشقائه الأفارقة، بتكثيف مشاركتهم الفعلية في القوات المختلطة في دارفور، حتى تظل هذه القوات محتفظة بطابعها الأفريقي».