فرنسا وألمانيا تدعوان إلى استكمال التصويت على المعاهدة.. وبريطانيا تنتقد

بعد رفض آيرلندا لمعاهدة لشبونة التي كانت ستحل مكان الدستور الأوروبي الموحد

TT

بدأت اوروبا تستفيق من الصدمة التي منيت بها اثر رفض ايرلندا لمعاهدة لشبونة التي كان من المفترض ان تحل محل الدستور الموحد للاتحاد الاوروبي. وعلى الرغم من ان البديل لم يتوضح بعد حتى الان، الا ان المانيا وفرنسا دعتا الى استكمال التصديق على المعاهدة في البلدان الاخرى التي ستمرر الاتفاقية عبر البرلمان وليس في استفتاء شعبي كما فعلت ايرلندا، ما يؤشر الى امكانية تجاوز رفض ايرلندا والتصديق على المعاهدة. وأمس اعتبر رئيس الوزراء الايرلندي براين كووين انه ليس هناك «حل واضح» للازمة المؤسساتية في اوروبا. وأضاف في مقابلة اجرتها معه اذاعة ار تي اي: «مهمتي تقضي بالسهر على مصالحنا والحرص على ان تؤخذ بعين الاعتبار والدفاع عنها. وهي تقضي بالسعي لإيجاد حلول لا تظهر بوضوح في الوقت الحاضر».

وصرح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل ورئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروسو بأنهم يريدون لعملية التصديق على المعاهدة أن تستمر بين الاعضاء الـ26 الاخرين الامر الذي يثير إمكانية تهميش ايرلندا.

ولم يستبعد رئيس الوزراء الايرلندي عملية اعادة الاستفتاء، كما حصل في العام 2001 بعد أن رفض الناخبون الايرلنديون معاهدة نيس قبل أن يوافقوا عليها في استفتاء ثان بعدها بعام. ورفض الايرلنديون في استفتاء أجري قبل يومين، المعاهدة التي من المفترض أن تحل محل الدستور الاوروبي، بنسبة 4.53 في المائة مقابل 6.46 وافقوا على المعاهدة. وصوتت الطبقة العاملة والمناطق الريفية على نحو الخصوص بقوة ضدها.

بيد أن كونور لينيهان وزير الدولة في حكومة كوين، صرح للراديو الايرلندي صباح بأنه من غير المرجح أن تتم إعادة الاستفتاء. وأضاف إن وضع المعاهدة أمام الشعب الايرلندي للمرة الثانية فيه نوع من المخاطرة لان ثمة إمكانية لوقوع مزيد من الضرر. وحث الذين لم يشاركوا في الاستفتاء كوين على العودة إلى بروكسل والتفاوض بشان اتفاق أفضل للشعب الايرلندي لكن القضايا العديدة التي أثاروها تجعل من الصعب تخيل نوع الاتفاق الذي يرضيهم. وتشمل هذه القضايا المخاوف من ان حياد ايرلندا قد يتعرض للخطر بفعل زيادة التعاون العسكري كما أن نظام ضرائب الشركات في البلاد قد يتضرر كذلك من خلال تنسيق الاتحاد الاوروبي لنظام الضرائب. وتشمل قائمة القضايا المثار من حولها الجدل أيضا ضعف النفوذ في اوروبا بسبب تراجع الثقل التصويتي وخسارة موقع مفوض دائم فضلا عن قضايا الاجهاض وحقوق العمال ومحادثات منظمة التجارة العالمية بشأن الزراعة.

واقر وزير الشؤون الخارجية مايكل مارتين بان الجانب المؤيد للمعاهدة فشل في تسويقها. كما ان حملة مناصرة المعاهدة لم تجد التأييد الكافي من جانب رئيس الوزراء كوين ومفوض الاتحاد الاوروبي الايرلندي شارلي مكريفي اللذين أقرا بأنهما لم يقرآ المعاهدة من الالف إلى الياء.

وكان لنتائج التصويت وقع الصدمة حيث كانت غالبية استطلاعات الرأي تظهر تقدم المؤيدين للمعاهدة بفارق ضئيل كما أن كافة الأحزاب السياسية الرئيسية في ايرلندا عدا الشين فين ذا التوجهات القومية كانت تدعو أنصارها للموافقة على المعاهدة. ويعني الرفض الايرلندي أن المعاهدة لا يمكن أن تدخل حيز التنفيذ بالنسبة لدول الاتحاد الاوروبي المؤلف من 27 دولة برغم أن عددا كبيرا من الدول صدقت عليها في برلماناتها. وايرلندا هي الدولة الوحيدة التي اجرت استفتاء عاما بشأن المعاهدة كما يقضي الدستور.

وردا على رفض الايرلنديين الاستفتاء، انتقدت الحكومة البريطانية فكرة «أوروبا ذات السرعتين». وقال وزير الخارجية البريطانية ديفيد ميليباند في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أمس: «لقد كانت هذه الفكرة ضمن أجندة 1990 وليس أجندة القرن الحادي والعشرين. إن اقتراح تقسيم أوروبا إلى قسم أول وثان وثالث لم يعد موائما للواقع الحالي».

ورأى ميليباند أنه ربما كان من الضروري أن يقبل رؤساء دول وحكومات أوروبا احتمال عدم إمكانية سريان اتفاقية إصلاح الاتحاد الأوروبي. وأضاف: «القواعد واضحة تماما، إذا لم توافق جميع الدول السبع والعشرين الأعضاء بالاتحاد الأوروبي على معاهدة لشبونة فلن يصبح سريانها ممكنا».