مون لـ «الشرق الأوسط»: المحكمة الدولية لقتلة الحريري أمر «واقع».. والادعاء سيبدأ عمله في نهاية ديسمبر

دعم السعودية لبرنامج الغذاء أنقذ ملايين البشر > الانتهاء من تقديم تحليل الحدود المتنازع عليها في العراق

TT

أكد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة أمس، أن المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري أصبحت أمرا واقعا.

وقال في حديث خص به «الشرق الأوسط» بعد زيارة رسمية قام بها إلى السعودية، «نحن نقوم بإعداد الموقع الجديد للمحاكمة كما هو متفق عليه في هولندا، فلدينا القضاة والمدعون ولدينا أمين السجل».

وأبان مون أن الإدعاء في قضية مقتل رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، سيبدأ في العمل مع نهاية العام الجاري، وذلك بعد أن أشار إلى أنه «تم تأجيل عمل لجنة الادعاء إلى نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول)».

لكنه أكد في الوقت نفسه على استمرار المحققين بتقديم التقارير بانتظام إلى مجلس الأمن حول ما حققوه من تقدم في تحقيقاتهم بالقضايا التي ستنظرها المحكمة الدولية.

وجاءت هذه التأكيدات من جانب الأمين العام للأمم المتحدة قبل ساعات من مغادرته السعودية، التي زارها ليومين، ناقش خلالهما مع القيادة السعودية، جملة من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

وأعرب بان كي مون، عن قلقه من ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وقال إنه كان يراقب تلك الارتفاعات على مستوى العالم بالكثير من القلق، موضحا أن أزمة الغذاء العالمي وصلت لمستويات وصفها بـ«غير المسبوقة». واستشهد في توصيفه لخطورة الأزمة الحالية بما خلص إليه البنك العالمي من أن «أسعار الغذاء التي تضاعفت خلال السنوات الثلاث الماضية يمكن أن تعرض نحو 100 مليون شخص في البلاد الفقيرة إلى خطر الفقر الشديد».

في مقابل ذلك، قال مون لـ«الشرق الأوسط»، إن «المساهمة السعودية غير مسبوقة في حجمها وكرمها، وقد وفرت الطعام لملايين المحتاجين عبر جميع أنحاء العالم»، حيث كان يشير إلى هبة الـ500 مليون دولار التي تبرعت بها السعودية لبرنامج الغذاء العالمي.

وتحدث عن تلك الهبة بقوله، «إنني أرحب تماما بهذه المساهمة البارزة من جانب السعودية تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. هذه المساهمة أكملت الهدف الذي كان يسعى إليه برنامج الغذاء العالمي، وهو توفير مبلغ 755 مليون دولار لمكافحة الارتفاع في أسعار الوقود والغذاء».

وفي الشأن العراقي، كشف بان كي مون، أن منظمة الأمم المتحدة، بدأت منذ وقت قريب في تقديم تحليل للحدود المتنازع عليها (الحدود الإدارية بين الأقاليم). وقال «نحن مستعدون للقيام بالمزيد من العمل حسبما تدعو الحاجة».

وأشار مون إلى أن الأمم المتحدة، قامت بتوسيع نطاق وجودها في الأراضي العراقية، وهي تبذل الكثير من أجل مساعدة الشعب العراقي على بناء وطنه. وفي موضوع يتصل بتوسيع العقوبات على إيران على خلفية برنامجها النووي، قال إن هذا الأمر يرجع إلى مجلس الأمن الدولي. ودعا في موضوع ذي صلة الى محاكمة المسؤولين السودانيين على خلفية جرائم ارتكبت في إقليم دارفور، والحكومة السودانية الى الالتزام بالمسؤوليات الدولية، والتعاون مع محكمة الجرائم الدولية. وقال إنه «يشعر بقلق بالغ بسبب التقارير التي تفيد بنقص التعاون من قبل الحكومة السودانية. أنا مقتنع تماما بأنه لن يكون هناك سلام دائم من دون عدل. فالسلام والعدل يسيران جنبا إلى جنب. ولا يمكن الإفلات من عقوبة جرائم الحرب في دارفور».

من جهة اخرى عقد بان كي مون مؤتمرا صحافيا أمس قبل مغادرته جدة رحب فيه بالمبادرة السعودية الخاصة بالاستثمار بالمحاصيل الزراعية خارج المملكة، موضحا أن إيجابياتها لا تنعكس على السعودية، بل على العالم أجمع «خصوصا أنها تجري في بلدان تحت التنمية وبحاجة لمثل هذه المشاريع».

وقال إن «خادم الحرمين الشريفين قدم مبادرات مهمة في مجالات مختلفة كمبادرة السلام العربية، وقضايا الطاقة والتغير المناخي وحوار الأديان التي ستؤثر بشكل واضح على شعوب العالم، وستسهم في حل بعض التحديات والظروف التي يمر بها المجتمع الدولي».

وذكر أن خادم الحرمين الشريفين أبدى استعداده لبذل كل ما في وسعه لتخفيض أسعار البترول إلى حد معقول، وأنه أكد ضرورة حل هذه المشكلة من خلال النقاش بين الدول المصدرة والمستهلكة للنفط. وتوقع الأمين العام للأمم المتحدة أن تتخذ السعودية الخطوات اللازمة لتخفيض أسعار النفط، معتبرا أن هذا الارتفاع ادى الى «ضعف قدراتنا في علاج قضايا المتغيرات المناخية».

وحول مؤتمر جدة للدول المستهلكة والمصدرة للنفط المنتظر في 22 يونيو (حزيران) الجاري، أوضح أن المؤتمر سيتناول قضايا الغذاء، إضافة إلى المتغيرات المناخية. وأضاف «الارتفاع في أسعار النفط والغذاء مرتبط، وهي مشكلة يواجهها العالم، ولقد شرحت للعاهل السعودي أن الدول الأكثر تضررا من هذا الأمر هي الدول التي ما زالت في طور التنمية».

وحول حوار الأديان الذي نتج عن المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار، والذي انعقد أواخر مايو (أيار) الماضي في مكة المكرمة، أكد مون تبني الأمم المتحدة للحوار، وقال «لقد درست الأفكار التي خرج بها المؤتمر، وعند عودتي لنيويورك سأبحث عن كيفية قيام المنظمة بدعم المبادرة». مشيرا إلى تباحثه الأمر مع البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي في اجتماع عقد بينهما بعد وصوله السبت.

وفي الشأن اللبناني، طالب بان كي مون اللبنانيين بضرورة تحقيق ما ورد في اتفاق الدوحة وضبط النفس، مضيفاً «وأن يكون نفسهم طويلا في حل قضاياهم لضمان عدم تجديد الاضطرابات في لبنان». كما كشف الأمين العام للأمم المتحدة عن موافقة العاهل السعودي على احتضان مكة المكرمة لتوقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بين الصوماليين، وذلك لمدة ثلاثة أشهر قابله للتجديد، حسب قوله.

وتنص الاتفاقية على وجود لجنة عالمية للتنسيق بين الاطراف لمراقبة بنود الاتفاقية كما تسعى الاتفاقية لترتيبات مالية ودعم دبلوماسي من الدول لتعزيز الاتفاق ودعم الإعمار في الصومال.