وزير شؤون مجلس الوزراء الإماراتي: الحكومة لخدمة الناس وليست سلطة عليهم

القرقاوي لـ«الشرق الأوسط» : نحن أول حكومة عربية تطبق معايير القطاع الخاص على المؤسسات الحكومية

TT

منذ تسلمه دفة رئاسة الحكومة الإماراتية قبل أكثر من عامين، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يطبق معايير مختلفة عن الأداء المعتاد للحكومات. معايير القطاع الخاص تطبق على أداء العمل الحكومي، إستراتيجية لكل وزارة وتقييم دوري صارم، مؤشرات جودة وتقارير الأداء ومعايير القياس المعيارية والدورية، البعد كليا عن العمل الروتيني، وأخيرا وليس آخرا انتقاد علني لكل وزير لا يتوافق أداء وزارته مع الأداء العام للحكومة. إذن ما الذي تغير في الأداء الحكومي الإماراتي خلال عامين، وما هي أهداف هذه الحكومة، في ظل مستويات قياسية من التضخم وتحديات سياسية ومخاطر إقليمية تحيط بالمنطقة، وبالإمارات العربية المتحدة، تحديدا. «الشرق الأوسط» حملت كل هذه التساؤلات إلى محمد القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء، باعتباره المسؤول عن متابعة وتنسيق الإستراتيجية الحكومية أولا ، وثانيا لأن الشيخ محمد بن راشد أحضره بصحبته مع تسلمه رئاسة الحكومة، وبالتالي فهو اقرب من يمكن أن يشرح لنا ويوضح، أين تريد سفينة الحكومة الإماراتية الرسو، على المدى القريب والمتوسط.

القرقاوي، الذي يعتبر العضو الأبرز في فريق العمل الذي يقود عمليات تطوير استراتيجية الحكومة الاتحادية والإشراف على آليات التنفيذ وتحسين الأداء، كان واضحا في الإجابة على بعض الأسئلة.. وصارما في البعض منها.. ومتحفظا في بعض آخر، لكنه لم يتحرج من الإجابة عن أي سؤال، وزير شؤون مجلس الوزراء، المقل في أحاديثه الإعلامية عموما، لم ير غضاضة في تناول أي قضية تطرح أمامه، فقد تطرق إلى ملف العمالة الوافدة والانتقادات الدولية للإمارات.. والانتقادات العلنية التي يوجهها رئيس الحكومة لوزرائه، وأيضا كشف أن كل وزير يعلم، عبر أداء وزارته، ما إذا كان سيستمر في التشكيلة الحكومية أم أنه سيعفى من منصبه.

> بعد أكثر من عامين من أول حكومة يترأسها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة حاكم دبي.. ما الذي تغير في الأداء الحكومي خاصة مع إطلاق إستراتيجية جديدة تركز على أداء الوزارات وأيضا الوزراء؟

ـ لا شك أن المتابع للحراك الحكومي في دولة الإمارات على مدار السنوات الماضية سيشعر بالفارق الواضح، الذي تتجلى أبرز معالمه في إطلاق الخطة الإستراتيجية لحكومة دولة الإمارات، التي جاءت لتؤسس لمرحلة جديدة كليا من العمل الحكومي في الدولة، ولتتطابق أهدافها مع أهداف برنامج العمل الوطني، الذي أعلنه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة (حفظه الله) في ديسمبر (كانون الاول) 2005. فالخطة تضمن أعلى معدلات التنسيق بين جهود واختصاصات الحكومة على المستوى الاتحادي، وتضمن العمل أسسا واضحة وخطة مفصلة نحو تحقيق أهداف إستراتيجية محددة في كافة القطاعات في الدولة، اعتمادا على حقائق علمية مستقاة من الدراسات والأبحاث التي سبقت فترة الإعداد للخطة. والخطة أيضا تتضمن تطبيق أفضل الممارسات الدولية في مجال الارتقاء بمستويات الأداء الحكومي. وأعتقد أن دولة الإمارات هي باكورة الحكومات العربية ـ إن لم تكن أولها ـ في تطبيق أسس إدارة القطاع الخاص في مجالات العمل الحكومي، وأعني بذلك مؤشرات الجودة وتقارير الأداء ومعايير القياس المعيارية والدورية التي يتم من خلالها جميعا رصد وتقييم مسيرة العمل الحكومي ضمن كافة القطاعات المختلفة. إن مسيرة التغيير في نهج عمل قطاع حكومي كامل هي مهمة صعبة وليست بالسهلة، حيث أن المسألة تتخطى مجرد تعميم بعض الإجراءات أو مناهج العمل إلى ما هو أعمق من ذلك وتحديدا في تطوير العقلية التي وراء هذا العمل. فإعداد الكوادر الحكومية والعمل على تدريبها ورفع كفاءتها وحثها على تبني قواعد العمل الجديد أمر مهم للغاية ويستغرق وقتا، لكننا في دولة الإمارات، وكما عودتنا قيادتنا الرشيدة نسابق عقارب الساعة نحو تطوير ينهض بقطاع العمل الحكومي ويجعله قدوة تحتذى في دول المنطقة. > يمكن لنا القول إنه لأول مرة تطلق حكومة عربية، أو شرق أوسطية، معايير أداء للوزراء أنفسهم.. بصراحة كيف استطاعت الحكومة أن تقر هذه المعايير الجديدة كليا على المنطقة؟

ـ نحن نعتز في دولة الإمارات بقيادتنا التي أنعم الله عليها برؤية تستشرف دائما المستقبل وتعمل على وضع الأسس والمقومات التي تمكن بلادنا من التعاطي مع فرصه وتحدياته بالأسلوب الأمثل، الذي يضمن لشعبنا الرخاء ولدولتنا النمو والازدهار. فقد رأى رئيس الحكومة أن القيادات الحكومية لابد أن تكون القدوة وأن التطوير في الأداء لابد أن يأتي من قمة الهرم، ولدى الشيخ محمد الجميع مسؤول والجميع شركاء في عملية التطوير فكان من الحتمي أن يكون هناك نظام جديد للعمل يشمل كافة الكوادر الحكومية من دون نيل من مكانة اي منهم، فالهدف هو إيجاد منظومة عمل موحدة يحكمها منهج واحد هو منهج العمل من أجل التطوير الإيجابي الذي يصب في النهاية في صالح البلاد. وكانت هناك استجابة رائعة من قبل جميع الوزراء، نظرا لتقديرهم الكامل لرؤية الشيخ محمد بن راشد لمستقبل العمل الحكومي في الدولة. > ما الذي تهدف إليه الحكومة من إقرار استراتيجية.. بصراحة ألم تسر الحكومات السابقة أيضا على استراتيجية معينة؟

ـ هذه هي المرة الأولى التي تطبق فيها حكومة دولة الإمارات خطة الإستراتيجية للحكومة الاتحادية، ولكن هذا لا ينفي الجهد الذي بذلته الوزارات السابقة، لكن الخطة الإستراتيجية جاءت لتضع إطارا واضح المعالم لتحديد الأدوار والمسؤوليات بشكل يضمن أعلى معدلات الكفاءة. وتستهدف الإستراتيجية بشكل عام إحداث نقلة نوعية في مسيرة التنمية، وتعزيز المكاسب الاقتصادية التي حققتها البلاد على مدى السنوات الماضية لوضع أسس راسخة لتنمية مستديمة، تضع نمو وازدهار الوطن والمواطن في صدارة أولوياتها، وتعمل على الاستفادة من الفرص الضخمة التي أتاحتها العولمة لتعزيز مكانة دولة الإمارات على المستويين الإقليمي والدولي.

> التعديل الوزاري الأخير الذي أجراه رئيس الحكومة، كان لافتا أنه أتى بعد سنتين فقط من تعيين الحكومة برئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ما الذي تغير في الإمارات ليصبح التعديل سريعا هكذا؟

ـ حدد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مفهومه للحكومة بكونها ليست سلطة على الناس، ولكنها سلطة لخدمة الناس، مؤكداً أن مقياس نجاح الحكومة هو رضا المتعاملين معها. وتماشيا مع هذا النهج يخضع أداء مختلف الوزراء لتقييم مستمر، ليس فقط لضمان تطوير مستويات الكفاءة في الوزارات التي يديرونها بحيث تضاهي أرقى الممارسات العالمية في هذا المجال، وإنما أيضا لتبني وتنفيذ خطط تطوير تتماشى مع خطة التنمية الاستراتيجية للدولة، بحيث يكون النمو شمولياً ومتناسقاً ولا يتخلف أي قطاع عن بقية القطاعات. ومن هذا المنطلق جاء التغيير ليخدم الدولة وشعبها.

> رئيس الحكومة قال إن أداء الوزراء لم يكن مرضيا للشعب الاماراتي، هل لهذا التعديل علاقة بالأداء الحكومي؟

ـ الشيخ محمد بن راشد يؤمن دائما بأهمية التغيير الإيجابي ومن أجل الوصول إلى أفضل النتائج في أقصر الأطر الزمنية، ففي نظر الشيخ محمد تعتبر القدرة على التعاطي مع متطلبات العمل والمرونة الكاملة في التجاوب مع أية تغييرات قد تمليها تلك المتطلبات هي من الأسس الأولى للنجاح. ولاشك في أن الوزراء السابقين قاموا بجهود كل قدر استطاعته، إلا أنه وجد أن هناك مساحة أكبر للتطوير الإيجابي من خلال الدفع بكوادر جديدة إلى مواقع القيادة ضمن الوزارات المختلفة بغية تحقيق التطوير المنشود في أوقات قياسية. > إذا كان هناك أداء وتقييم للوزراء. فذلك يعني أن الوزير على علم بأدائه وإن كان مرضيا عنه أو أنه سيعفى من منصبه؟

ـ أنا أؤمن تماما بأن كل شخص يتولى موقعا قياديا أيا كان هذا الموقع لا بد أن يكون على وعي كامل بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وأن يكون هذا الوعي مقترنا أيضا بإدراك كامل لقدراته الذاتية وقدرته على الارتقاء إلى حجم تلك المسؤولية من عدمها. ولا شك في أن كل مسؤول صادق مع نفسه يستطيع أن يقيم أداءه ومدى إسهامه في تحقيق الأهداف المنشودة للموقع الذي يشغله من قبل قيادته العليا، وعليه يكون قادرا أيضا على توقع مستوى الجزاء الذي يأتي على حجم العمل. > في ظل توجه الحكومات المحلية نحو تخصيص منشآتها وتحويلها للقطاع الخاص.. هل هناك خطط مشابهة للحكومة الاتحادية؟ ـ لا أعتقد أن هناك توجها نحو هذا الطرح في المرحلة الحالية. > انتقادات علنية يطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لوزراء حكومته، هل اجتماعات مجلس الوزراء تشهد مثل هذه الانتقادات أيضا؟

ـ الشيخ محمد بن راشد قائد ذو رؤية وبصيرة وقدرة على قياس الأمور بدقة شديدة وهو لا يقدم على توجيه النقد إلا في موضعه وهو دائما نقد بناء وهو نقد الأب الحريص على مصلحة أبنائه وأسرته الكبيرة، وإن كان أحيانا موجعا فقط للمقصرين منهم. فهو حريص كل الحرص على عدم وجود أي خلل في منظومة العمل الحكومي في دولة الإمارات، بل إنه يهتم كثيرا بتعزيز الأداء في كافة الجهات الحكومية على المستوى الاتحادي، من أجل شحذ طاقاته ليكون منافسا للقطاع الخاص، حيث يؤمن بقيمة المنافسة في رفع سقف الجودة والمستفيد في النهاية هو المجتمع. > الحكومة أقرت زيادة في الرواتب 70 بالمائة.. ألا ترون أن حجم الزيادة عالية وربما تضغط على إيرادات الحكومة المستقبلية؟

ـ لنعترف بأن التطور والنمو الهائلين في دولة الإمارات كان ولا بد أن يكون لهما انعكاسات على مستوى الأسعار، ومن ثم كان تدخل الحكومة من أجل مساعدة مواطني الدولة على مواجهة متطلبات المعيشة، وذلك في إطار حرص الحكومة الرشيدة على توفير مقومات الحياة الكريمة للشعب الإماراتي. والقرارات التي يتم اتخاذها تقر بناء على دراسات جدوى تستشرف أيضا آثار وانعكاسات تلك القرارات على مستقبل البلاد، سواء على المستوى الحكومي أو على المستوى الشعبي. > «الامارات جنة المستثمرين».. هكذا كان يقال عن بلادكم، لكن التضخم المتنامي أصبح بعبعا للاستثمارات وللمقيمين، إلا تتخوفون من تناقص جاذبية الإمارات للمستثمرين؟

ـ تمكنت دولة الإمارات من إقرار بيئة اقتصادية تعتبر من بين الأفضل في العالم، سواء على مستوى البنية الأساسية أو الخدمية، وكذلك أيضا على مستوى الأطر القانونية والتشريعية، الأمر الذي أدى إلى ظهور باقة من المشروعات العملاقة التي ساهمت في ترسيخ تلك المكانة واستقطبت الاستثمارات الخارجية الضخمة التي لا تزال تتدفق على دبي ودولة الإمارات على وجه العموم. فعلى الرغم مما تفضلتم بالإشارة إليه من ارتفاع الأسعار والتكاليف ارتفاعا نسبيا، لا تزال دولة الإمارات تتمتع بمميزات تنافسية تتفوق بها على مراكز استثمارية رائدة حول العالم، الأمر الذي عزز استمرار تدفق الاستثمارات الضخمة على الدولة، وذلك إيمانا من المستثمرين في قدرة الإمارات على تقديم قيمة مضافة لتلك الاستثمارات على أرضها، التي أصبحت تمثل البوابة الرئيسية للشركات العالمية الكبرى الساعية للنفاذ إلى الأسواق النامية في منطقة الشرق الأوسط بكل ما تحمله تلك الأسواق من فرص عملاقة. وأود هنا الإشارة إلى ان الجزء الأكبر من التضخم مستورد، وهو مرتبط بالدرجة الأولى بارتفاع الأسعار العالمية للمنتجات والسلع وكذلك نتيجة ضعف سعر صرف الدولار (الذي ترتبط به العملات الخليجية) مقابل العملات الأخرى. > في هذا المحور أيضا.. هناك من يرى ان الحكومة، وعلى الرغم من كل قراراتها لم تتمكن من كبح جماح ارتفاع اسعار الايجارات.. هل تعجز الحكومة عن ايجاد حلول جذرية لهذا الموضوع؟

ـ الصعود الكبير للإيجارات جاء نتيجة مباشرة للنمو القياسي في الطلب، حيث ترافق النمو الاقتصادي القوي مع تضاعف الطلب على الوحدات السكنية والمكتبية.

وتحظى هذه القضية باهتمام كبير من قبل الحكومة، حيث قامت بوضع خطط متعددة المحاور لكبح صعود الإيجارات. وشملت الإجراءات قصيرة المدى التي تم اتخاذها في هذا المجال، وضع حد أقصى لزيادة الإيجارات، حيث أصدر الشيخ محمد بن راشد، بصفته حاكما لدبي، مرسوماً بتحديد زيادة بدل إيجارات العقارات في 2008 بما لا يتجاوز 5% من قيمة العقد على ألا تسري الزيادة على عقود الإيجار، التي سبق وقام المؤجر بزيادتها خلال عام 2007 والتي كانت محددة بـ7%، كما نص المرسوم أيضاً على عدم السماح بزيادة أي عقد إيجار لم تمض عليه سنتان ولم تطرأ عليها أية زيادات. وتبعت هذا القرار إمارات الدولة الأخرى حيث قامت بتحديد سقف زيادة.

وعلى المديين المتوسط والطويل عملت الحكومة على تشجيع مختلف شركات التطوير العقاري (بما فيها الشركات الحكومية وشبه الحكومية) على تنفيذ عشرات المشاريع العقارية الضخمة التي سيساهم إنجازها في غضون العامين المقبلين في إعادة التوازن إلى ميزان العرض والطلب.

ونتوقع أن نشهد اعتباراً من نهاية العام الحالي نوعا من الاستقرار النسبي في السوق، مع طرح العديد من المشاريع السكنية والمكتبية الجديدة.

> ملف العمالة يفتح باستمرار من قبل المنظمات الدولية.. لماذا الامارات هي اكثر من تتهم في هذا الملف؟

ـ أعتقد أن كل ما هو متألق وبراق يجذب الأبصار. فنجاح دولة الإمارات يجعل الأضواء مسلطة عليها باستمرار ويضعها في بؤرة اهتمام المنطقة والعالم. ومن يعمل هو من يتعرض دائما لبعض الانتقادات، حيث أن الخامل المستكين يكون دائما خارج دائرة الضوء ولا يستوقف أحدا ما يفعله لأنه ببساطة لا يفعل شيئا. وفي هذا الخصوص أود أن أوضح أن العديد من تلك التقارير قد ابتعدت قليلا عن الحقيقة القائمة على أرض الواقع. فعلى الرغم من حقيقة وجود بعض التجاوزات من قبل شركات القطاع الخاص المستخدمة للعمالة الوافدة، إلا أن تلك التجاوزات يتم التعامل معها بحزم بتوقيع عقوبات تتناسب مع حجم التجاوزات التي قامت بها تلك الشركات. وأصدقك القول ان دولة الإمارات قطعت شوطا كبيرا في حماية حقوق العمال، وضمان حصولهم عليها غير منقوصة وذلك من خلال سلسلة من التشريعات الجديدة الخاصة بالعمل وأيضا تحديث بعض القوانين الخاصة بإقامتهم في الدولة وهي كلها خطوات تصب في اتجاه منح العمالة الوافدة حقوقها كاملة في حين يتم تجريم أي إجحاف أو جور على حقوق العمال تحمل وزره الشركات الموظفة لهم، حيث يجرى توقيع عقوبات وغرامات رادعة. > على الرغم من استفادة الامارات من التجار الايرانيين كثيرا.. بصراحة الا ان هناك تخوفا من اختلال أمني في حال حدوث مواجهة أميركية إيرانية في الخليج؟

ـ كما يعلم الجميع فإن دولة الإمارات تنشد إقرار الأمن والسلام في منطقة الخليج العربي، وقد أعرب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال زيارته الأخيرة إلى إيران عن موقف دولة الإمارات الذي يدفع في اتجاه التهدئة والتخلي عن التصعيد، خاصة أن إيران دولة جارة تربطها كما أشرتم علاقات تجارية قديمة مع دولة الإمارات، التي تتطلع إلى أن يسود الوئام العالم أجمع من أجل أن يسخر طاقاته في العمل من أجل مستقبل أفضل للبشرية جمعاء. إن دولة الإمارات تعمل بمبدأ السياسة الهادئة، وتضع كافة الاحتمالات على طاولة البحث والتدقيق ولا تغفل أية تفاصيل أو احتمالات وتضع تصورا لكافة السيناريوهات التي يمكن من خلالها التعاطي مع أي موقف يستجد على الساحة، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، وذلك في ضوء رؤية وتوجيهات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وأخيه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حيث تؤمن القيادة بضرورة التخطيط الدقيق تحسبا لأية مستجدات إقليمية أو دولية في وقت يموج فيه العالم بالتغيرات المتلاحقة وذلك من أجل حماية مصالح الدولة وكل من يعيش على أرضها. > لأول مرة.. تنتقل الحكومة لتعقد اجتماعاتها خارج المقر الرسمي لها، فمرة في وسط البحر وأخرى في عمق الصحراء.. هل هناك تغيير فعلي لمثل هذه الاجتماعات يؤثر على القرارات المتخذة فيه؟

ـ لقد استحدث الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هذا الأسلوب الجديد منذ توليه مسؤولياته نائبا لرئيس الدولة ورئيسا لمجلس الوزراء وحاكما لدبي، حيث أراد أن يرسل رسالة قوية لكافة العاملين في الحكومة الاتحادية مؤداها أن أسلوب العمل في الحكومة الاتحادية قد تبدل وأخذ شكلا جديدا يبعد عن أطر الروتين والجمود في نطاقات صلبة تفتقر إلى الليونة في الأداء والقدرة على تبني كل ما هو جديد، وهو الفكر الذي أراد أن يغرس بذوره في نفوس الوزراء ضمن حكومته وأن يقدم من خلاله نموذجا يحتذى بين جميع العاملين في الوزارات المختلفة. ولاشك في أن هذا الإطار الجديد للفكر الحكومي، ينعكس على القرارات الناتجة في هذه البيئة التي أصبحت تعنى أكثر بالجوهر عوضا عن المظهر، وبالقدرة على الإبداع والمرونة في الأداء والتركيز على تقديم أفكار مفيدة وبناءه. > ما مدى تعاون الحكومة مع المجلس الوطني الاتحادي.. لاحظنا أن بعضا من الوزراء لا يحضرون اجتماعات المجلس ويكتفون بالردود الورقية؟

ـ هناك تعاون وثيق بين المجلس والحكومة، فكلاهما وجهان لعملة واحدة ولا يكتمل دور احدهما إلا بالآخر، فالمجلس يمثل صوت المجتمع وعينه التي تراقب وترشد إلى المواضع التي تحتاج إلى انتباه الحكومة أو تدخلها بشكل أو بآخر، أما بخصوص حضور الوزراء، فأعتقد أن هناك حرصا كبيرا من قبل جميع أعضاء الحكومة على حضور جلسات المجلس إلا أنه في بعض الأحيان قد يجبر وزير أو آخر على عدم الحضور نظرا لارتباطات مهمة تتعلق بوزارته أو ربما لاضطراره للسفر في رحلة عمل خارج البلاد، وهذا أمر وراد في كافة المجالس النيابية حول العالم. > منذ تولي الشيخ محمد بن راشد سدة رئاسة الحكومة قام بالعديد من الزيارات الرسمية لدول في الشرق والغرب، لماذا يسيطر الملف الاقتصادي على زيارات رئيس مجلس الوزراء الإماراتي؟

ـ يؤمن الشيخ محمد بن راشد بأن الاقتصاد هو الذي يقود السياسة وليس العكس، فإذا ما نظرت من حولك تجد أن الاقتصاد هو الذي يتحكم في كل ما يشهده العالم من تحولات سياسية وعلى كافة الأصعدة. فنحن نعيش في عصر الاقتصاد، ومن ثم تولي دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة اهتماما كبيرا بالملف الاقتصادي وتعزيز التعاون مع دول العالم المختلفة على هذا الصعيد، خاصة بحكم أن اقتصاد دولة الإمارات يصنف من بين الأسرع نموا في العالم، ولابد من العمل على تعزيز هذا النمو بتوسيع دائرة التعاون الدولي واكتشاف السبل التي يمكن من خلالها ترسيخ أسسه بما يضمن استمرار ازدهار مستقبل البلاد على المديين القريب والبعيد. > أخيرا.. ما خطط الحكومة لتعزيز الدور الاتحادي للإمارات، خاصة ونحن نعرف أن الحكومات المحلية لها دورها القوي أيضا في إماراتها؟

ـ تضع الخطة الاستراتيجية لحكومة دولة الإمارات والتي كشف عن ملامحها نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في شهر أبريل (نيسان) 2007، الأساس لتعزيز العمل والتعاون بين الوزارات والهيئات الاتحادية كما تحدد الأسس التي يمكن من خلالها تعزيز التنسيق بين المؤسسات الاتحادية ونظيراتها المحلية. فالاستراتيجية تم استقاء أسسها من برنامج العمل الوطني الذي أطلقه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة في ديسمبر (كانون الاول) 2005، وهي تهدف إلى توحيد الجهود وحشد الطاقات في إطار واضح وأهداف مبنية على أسس علمية دقيقة من أجل توزيع الأدوار بوضوح ضمن منظومة عمل تتكامل فيها الجهود والأدوار المحلية والاتحادية.