إسلام آباد وكابل تصعدان اللهجة بعد تهديد كرزاي بالتدخل في باكستان

تعزيزات من «الناتو» إلى قندهار لمواجهة خطر السجناء الفارين

TT

تقدمت الحكومة الباكستانية امس إلى نظيرتها الأفغانية باعتراض رسمي على تصريحات الرئيس الافغاني حميد كرزاي. وكانت باكستان قد استدعت السفير الأفغاني لديها، أنورازي، إلى مقر وزارة الخارجية وسلمت إليه وثيقة تسجل اعتراضها رسمياً. وتعود بداية اول من امس عندما هدد الرئيس الأفغاني كرزاي بإرسال قوات أفغانية إلى داخل الأراضي الباكستانية لاستهداف المناطق التي يختبئ بها المسلحون داخل المناطق القبلية الباكستانية. وفي رد فعل فوري من قبل إسلام آباد، حذر رئيس الوزراء الحكومة الأفغانية من الإقدام على أي مغامرة من هذا النوع. وأعقب ذلك تقدم باكستان باعتراض رسمي لدى الحكومة الأفغانية. وقال «محمد صادق»، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الباكستانية، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إنه تم استدعاء السفير الأفغاني في إسلام آباد، أنوارزاي، إلى مقر الوزارة صباح الاثنين وتسليمه اعتراضا رسميا. وفي بيان رسمي، أعلن وزير الخارجية الباكستاني، شاه محمود قرشي، أن تصريحات الرئيس الأفغاني جاءت في وقت اتفقت خلاله إسلام آباد وكابل على تعزيز تعاونهما بمجال مكافحة الإرهاب. وشدد الوزير على أن: «السبيل الأمثل للتعامل مع التهديد الصادر عن الإرهاب في حماية كل جانب لسيادة الآخر. وستدافع باكستان عن استقلالها وسلامة أراضيها بأي ثمن». وحث وزير الخارجية الباكستاني الرئيس الأفغاني على الامتناع في المستقبل عن إصدار تصريحات غير جادة وتنطوي على تهديدات لأن ذلك بمقدوره إفساد العلاقات بين الدولتين الشقيقتين. من ناحية أخرى، أثارت تصريحات كرزاي فعلا غاضبا من قبل البرلمان الباكستاني المنتخب حديثاً، حيث طالب الأعضاء المنتمون إلى الحكومة والمعارضة على حد سواء بإصدار قرار يدين تصريحات الرئيس الأفغاني. إلا أن الحكومة، التي ينتمي أعضاؤها إلى «حزب الشعب»، عارضت الطلب، متعللة ببعض التفصيلات الدبلوماسية. وحث أعضاء البرلمان من معسكر المعارضة الحكومة على اتخاذ موقف قوي إزاء قضية انتهاك الأراضي الباكستانية من جانب قوات التحالف الموجودة بأفغانستان. في المقابل، تؤكد اسلام آباد ان كابل وواشنطن عجزتا عن احتواء مقاتلي طالبان، فدفعتا بهم الى باكستان في ظل حدود يصعب التحكم فيها. وتضيف انه من اصل تسعين الف جندي باكستاني منتشرين على تلك الحدود، قضى اكثر من الف منذ اطاح التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بنظام طالبان نهاية 2001 في افغانستان. علما ان مشاركة اسلام آباد في «الحرب على الارهاب» كلفتها سلسلة غير مسبوقة من الاعتداءات خلفت اكثر من 1100 قتيل على مدى عام ونيف في انحاء البلاد.

وتذكر اسلام آباد بان الغالبية الكبرى من القادة العملانيين للقاعدة اعتقلوا في باكستان منذ هجمات 11 سبتمبر (ايلول) في الولايات المتحدة. ولا يوفر الصحافيون والمفكرون الباكستانيون وقسم كبير من سكان هذا البلد البالغ عددهم 160 مليونا، واشنطن من انتقاداتهم، معتبرين انهم ليسوا مضطرين الى تكبد تلك الخسائر البشرية لتحقيق «امن الاميركيين». ومن الشعارات التي تصدرت عناوين الصحف وكتبت على اللافتات «الحرب على الارهاب ليست حربنا».

في موازاة ذلك، شهدت العلاقات بين واشنطن واسلام آباد تدهورا ملحوظا. فقد انتقدت الولايات المتحدة اخيرا الحكومة الباكستانية الجديدة المنبثقة من الانتخابات التشريعية في 18 فبراير (شباط) الماضي كونها تتفاوض مع طالبان الباكستانية لبلوغ اتفاق سلام، علما ان عددا من قادة هذه الحركة القريبين من القاعدة تعهدوا بمواصلة «الجهاد» في افغانستان. ويكثف الجيش الاميركي اطلاق الصواريخ من افغانستان في اتجاه مناطق القبائل الباكستانية، مؤكدا انها تستهدف مقاتلين لطالبان او القاعدة. ولم تكن إسلام آباد ترد حتى الامس القريب، لكن الحكومة الجديدة المعارضة للرئيس برويز مشرف لم تخف استياءها من هذا الامر. وفي اوتاوا وصف وزير الدفاع الكندي بيتر ماكاي اول من امس فرار الف سجين من سجن قندهار بعد هجوم شنه متمردو طالبان بانه عملية «مؤسفة جدا وخطيرة» موضحا ان قوات كندية اضافية انتشرت في المدينة.

وفي مقابلة مع محطة التلفزيون «سي تي في»، قال ماكاي ان «قوات كندية اضافية وكذلك جنود اخرون من قوة ايساف (القوة الدولية للمساندة على حفظ الامن) نشروا في مدينة قندهار وفي المنطقة». وتنشر كندا كتيبة من 2500 جندي في قندهار والمنطقة. واكد قائد الشرطة الافغانية انها القت القبض يومي السبت وأول من امس على 20 سجينا احدهم من طالبان. كما اشار الى مقتل 27 عنصرا من طالبان في عمليات البحث عن السجناء الفارين. واضاف «قتل في منطقة زراي 12 عنصرا من طالبان بينهم القائد كاكا عبد الخالق». وشدد بيتر ماكاي على ان السجن يقع تحت مسؤولية السلطات الافغانية. وقال «هذا السجن لا تديره كندا» مضيفا ان تحقيقا قد فتح وان المسؤولين عن السجن سيخضعون للتحقيق.

من جهة اخرى اعلن حلف شمال الاطلسي والجيش الافغاني امس ارسال تعزيزات الى قندهار في جنوب افغانستان «لمواجهة اي تهديد محتمل» بعد فرار قرابة الف سجين من سجن قندهار بينهم 400 من حركة طالبان. وقال المتحدث المدني باسم الحلف الاطلسي مارك لايتي في مؤتمر صحافي «لقد اعدنا نشر قواتنا بما يضمن قدرتنا على مواجهة اي تهديد محتمل». واضاف ان اربعمائة من عناصر حركة طالبان كانوا مسجونين اصبحوا اليوم طليقين. من جانبه، قال الجنرال محمد زاهر عظيمي المتحدث باسم وزارة الدفاع الافغانية «امس، تم ارسال عدد من وحدات الجيش الوطني الافغاني الى قندهار».