قادة أوروبا يقرون بأنهم قد يعجزوا عن انقاذ معاهدة برشلونة

اجتماع طارئ لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي لبحث أزمة رفض آيرلندا للمشروع

الرئيس البوسني يتقبل التهاني من سولانا بعد توقيع اتفاقية التقارب مع الاتحاد الاوروبي في لوكسمبروغ أمس (رويترز)
TT

بدأ قادة الاتحاد الاوروبي امس اسبوعا من المباحثات الحاسمة للنظر في ما اذا كان بالامكان انقاذ معاهدة لشبونة الهادفة الى جعل الاتحاد اكثر فاعلية بعد رفض الايرلنديين لها، على ان تتوج هذه المباحثات بقمة تحولت الى اجتماع ازمة تعقد الخميس والجمعة. وأقرت الدول الاوروبية أمس بانها غير واثقة من امكانية انقاذ معاهدة لشبونة التي يفترض ان تحل مكان الدستور الموحد للاتحاد الاوروبي، وذلك في اجتماع طارئ لوزراء خارجية الاتحاد. وقال وزير الخارجية السلوفيني ديمتري روبل الذي تترأس بلاده الاتحاد الاوروبي حتى الاول من يوليو (تموز) لدى وصوله الى الاجتماع الطارئ مع نظرائه الاوروبيين في لوكسمبورغ: «لا حل واضح لدينا حتى الان... من المجازفة القول باننا سنحيي المعاهدة في حين اننا امام وضع متعثر».

وأضاف روبل في أول اجتماع لدول الاتحاد الـ27 منذ اعلان رفض الايرلنديين معاهدة لشبونة يوم الخميس الماضي: «ينبغي التفكير وتحليل الوضع قليلا... سنستمع الى وزير الخارجية الايرلندي مايكل مارتن، ربما لديه حل».

لكن مارتن اعتبر من جهته ان «الوقت ما زال مبكرا جدا للشروع في اقتراح حلول»، وقال: «اول ما علينا القيام به هو تحليل عميق لفهم الاسباب من وراء هذا التصويت ولمعرفة كيف يمكن ان يدفع ذلك في اتجاه تطوير علاقتنا مع الاتحاد الاوروبي». وأضاف: «علينا التشاور بشكل اوسع مع زملائنا في جميع انحاء اوروبا وايجاد وسيلة للتقدم».

وفيما دعا الاوروبيون ايرلندا الى طرح حلول خلال القمة الاوروبية المقرر عقدها الخميس المقبل في بروكسل على مدى يومين، رفض كوين فكرة تهميش بلاده طارحا التخلي عن معاهدة لشبونة للخروج من الازمة. من جهته، دعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند في لوكسمبورغ الى «الهدوء» في مواجهة هذا «الاختبار» الجديد لاوروبا الذي لا يوجد «رد فوري» عليه، مؤكدا مرة جديدة عزم لندن على مواصلة عملية المصادقة على المعاهدة غدا في مجلس اللوردات.

كذلك أعلن رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون أن بلاده ستمضي في عملية التصديق على معاهدة لشبونة على الرغم من رفض الناخبين الايرلندين لها في الاستفتاء الذي أجري نهاية الاسبوع الماضي. وقال: «الموقف القانوني واضح. لا بد أن تصدق الدول السبع والعشرين الاعضاء (في الاتحاد الاوروبي) عليها. وسنمضي قدما في عملية التصديق». كما أوضح براون أن ايرلندا تحتاج الان إلى «وقت للتفكير» بشأن كيفية مواصلة العمل بعد نتائج استفتاء الجمعة الماضية.

ويتعارض الحذر الذي يبديه الوزراء الاوروبيون بعد الصدمة التي اثارها الرفض الايرلندي بحسب تعبير الوزير الايطالي فرانكو فراتيني، مع التصميم الذي اكده جميع القادة الاوروبيين تقريبا اذ شددوا على وجوب مواصلة عملية ابرام المعاهدة في الدول التسع التي لم تصادق عليها بعد، علما انه لا يمكن تطبيق المعاهدة الا في حال صادقت عليها دول الاتحاد الـ27. وسبق ان صادقت 18 دولة عليها، علما ان ايرلندا هي الدولة الوحيدة التي عليها القيام بذلك عبر استفتاء فيما اختارت الدول الاخرى من باب الحيطة المصادقة في البرلمان.

غير ان العديد من الوزراء ابدوا ثقتهم في ان البناء الاوروبي سيتواصل بطريقة ما، وقد شهد العديد من الازمات منذ انطلاقته في اعقاب الحرب العالمية الثانية. وقال الوزير الفنلندي الكسندر شتوب: «انني واثق من اننا سنتوصل الى حل بالنسبة لايرلندا»، مضيفا ان «الاتحاد الاوروبي هو ادارة مستمرة الازمات». واكد ان «المعاهدة لم تمت».

اما الرئيس الفرنسي المصمم على عدم السماح للرفض الايرلندي بالانعكاس سلبا على رئاسته للاتحاد الاوروبي اعتبارا من الاول من يوليو (تموز) المقبل، فقد وصل أمس الى براغ لاجراء مشاورات مع قادة تشيكيا وسلوفاكيا والمجر وبولندا. ويخشى الكثيرون ان يغتنم التشيكيون المشككون في الاتحاد الاوروبي هذه الفرصة لتأخير المصادقة على المعاهدة في بلادهم. وقال وزير الدولة الفرنسي للشؤون الاوروبية جان ـ بيار جوييه الذي رافق ساركوزي، في مقابلة نشرتها صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية: «نأمل ان تتواصل عملية المصادقة. يجب ان نتيح للايرلنديين فسحة من الوقت للتأمل. وسنتوصل معهم الى حل». أما وزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر شتاينماير، فقد دعا دول الاتحاد الأوروبي للبحث مع ايرلندا عن سبل الخروج. وقال على هامش الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي: «نحن نحترم بالطبع نتيجة الاستفتاء وعلينا الآن أن نتعامل مع الموقف الحالي الذي أسفر عن هذه النتيجة».

ودعا الوزير الألماني الحكومة الايرلندية إلى تقديم تحليل خاص بالوضع الحالي قبل أن يبدأ الاتحاد الأوروبي البحث عن مخرج منه. وأشار شتاينماير إلى أن هذا المخرج لن يكون «بين عشية وضحاها»، وقال: «ولكن اجتماع اليوم هو البداية».

كما دعا شتاينماير، نائب رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا، إلى مواصلة عملية التصديق على المعاهدة رغم الرفض الايرلندي وقال: «هذه فترة حرجة أصبح فيها مصير معاهدة لشبونة بالتأكيد غير مؤكد».

الى ذلك، اكد مسؤولون فى الاتحاد الاوروبي أن الازمة الناتجة عن رفض ايرلندا للمعاهدة لن توقف خطط توسيع الاتحاد حيث يتوقع تحقيق تقدم هذا الاسبوع بالنسبة لانضمام تركيا والبوسنة وكرواتيا.

وقال أولي رين مفوض الاتحاد الاوروبي لشؤون التوسع قبل اجتماع مع وزراء خارجية الاتحاد في لوكسمبرغ إنه ليس هناك «أي علاقة مباشرة» بين التصويت الايرلندي وتوسيع الاتحاد. وأضاف وزير خارجية فنلندا الكسندر ستاب إن «التوسع لن يتوقف ولن تتوقف عملية توحيد وتكامل الاتحاد الاوروبي».