إسرائيل تقترح اتفاقا بدون القدس والسلطة تقول إن عملية السلام تحتضر

حماس التي تفاوض إسرائيل حول التهدئة تطالب بوقف المفاوضات بدعوى أنها «غطاء للاستيطان والتهويد»

فلسطينية ترفع يديها فيما يصوب جنود اسرائيليون أسلحتهم في اتجاه مظاهرة فلسطينية في قرية بيت عمار بالضفة (إ.ب.أ)
TT

في ختام زيارة وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، أمس، تأكد وجود هوة كبيرة في التوجه نحو اتفاق اعلان مبادئ للتسوية الدائمة للصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني. ففي حين يطالب الفلسطينيون بالالتزام في تفاهمات أنابوليس بالتوصل الى اتفاق حتى نهاية السنة، تقترح إسرائيل إخراج القدس من الاتفاق وتأجيلها بحثها الى مرحلة أخرى من المفاوضات. وقد ردت السلطة الفلسطينية بغضب على التوجه الاسرائيلي بقولها إنه لا سلام بدون القدس (الشرقية) ووصفت عملية السلام بأنها تحتضر.

واتضح ان رايس تفهمت بعض الحجج الإسرائيلية حول صعوبة التوصل الى اتفاق بسبب المصاعب الداخلية لرئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، واعلان حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين الانسحاب من الائتلاف الحكومي، في حالة بدء التفاوض حول القدس. وقال المقربون من أولمرت ان فتح ملف القدس سيسقط الحكومة على الفور وسيقود الى انتخابات عامة جديدة، تأتي بالليكود اليميني برئاسة بنيامين نتنياهو، مما قد يجهض المفاوضات تماما. وقد حاولت رايس ايجاد صيغة أخرى للتفاهمات. لكن الفلسطينيين رفضوا أي تأجيل لموضوع القدس. وقالوا ان المطلوب الآن التوصل الى اتفاق مكتوب لا ينفذ بالضرورة فورا بل يوضع له جدول زمني مناسب لمصالح الطرفين، على أن يشكل «مرجعية» للحكومات اللاحقة في إسرائيل أو الولايات المتحدة أو السلطة الفلسطينية (على شكل تعهد) حول ما توصلت اليه المفاوضات والى ما ترمي اليه.

ولوحظ ان حماس، التي تدير مفاوضات مع اسرائيل بوساطة مصرية حول التهدئة، طالبت السلطة بوقف المفاوضات التي اعتبرتها غطاء للاستيطان اليهودي. ورد ناطق بلسان الرئاسة الفلسطينية على هذا الطلب باستغراب، وقال ان الغطاء للاستيطان هو في التوصل الى اتفاق تهدئة مؤقت لا يلزم اسرائيل بوقف الاستيطان، بينما السلطة الفلسطينية تفاوض على تسوية دائمة تضع حدا للاستيطان وللاحتلال برمته.

وكان أولمرت دخل في مواجهة مع رايس التي انتقدت اسرائيل بشدة على مشاريعها الاستيطانية المستمرة وقالت انها ترى ان الاستيطان بكل أشكاله وفي كل المناطق، بما فيها القدس، يجب ان يتوقف. وقد رد عليها بالقول «ان الاسرائيليين لا يصادرون مزيدا من الأراضي الفلسطينية ولكنهم يبنون في احياء يهودية في القدس ستظل بيد اسرائيل حسب كتاب الضمانات الأميركي». واضاف «انها كما كانت (سياسة الاستيطان) وقد اوضحنا ذلك لنظرائنا الأميركيين والفلسطينيين معا قبل وقت طويل من مؤتمر أنابوليس ومرة ثانية بعد ذلك». وقال مكتب أولمرت امس انه يقترح ترك القرارات الصعبة بشأن مستقبل القدس خارج أي اتفاق قد يمكن التوصل اليه هذا العام.

وقال مارك ريغف، المتحدث باسم اولمرت، للصحافيين اثناء زيارة للحدود مع قطاع غزة «ما زال الهدف هو التوصل لاتفاق مع الفلسطينيين بحلول نهاية ولاية بوش». لكنه أضاف ان اولمرت يعتقد انه سيكون «صعبا» التوصل لاتفاق بشأن مسألة القدس الحساسة بحلول نهاية العام. واقترح التوصل لوثيقة مشتركة بشأن طرق المضي قدما في المفاوضات حول مستقبل المدينة المقدسة. وأضاف «يمكنكم التوصل الى إطار عمل متفق عليه.. منهجية بشأن كيفية المضي قدما.. بحيث يشار الى القدس لكن يشار اليها بمعنى كيفية المضي قدما».

وتابع ريغف «لا نريد ان نرى هذه المسألة (القدس) تفسد فرص التوصل لوثيقة». وأشار الى ان القدس هي أكثر موضوع مثير للانقسام في المفاوضات. وان اسرائيل تنازلت في القضايا الأخرى، وعلى الفلسطينيين ان يتنازلوا في موضوع القدس. وردت الرئاسة الفلسطينية، امس، في بيان شديد اللهجة وصف علمية السلام بانها تحتضر. وان لا حل بدون «القدس العربية المحتلة» (الشرقية). وقال نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئاسة، إن موقف اولمرت (استمرار الاستيطان) محاولة لتقرير وضع المدينة من جانب واحد، وفرض أمر واقع على المفاوضات وعملية السلام يتعذر تجاوزه، ولا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال.

وأشار بيان الرئاسة «إلى أن جميع العطاءات المعلن عنها من قبل الجهات الرسمية الإسرائيلية لإقامة أو توسيع مستوطنات تقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وبالتالي فإنها جزء لا يتجزأ من هذه الأراضي، وتخضع لقوانين الشرعية الدولية ذاتها التي تعتبرها أراض محتلة يحظر الاستيطان فيها أو تغيير معالمها وتركيبها الديمغرافي». وحذرت الرئاسة من «أن مواصلة الاستيطان في القدس المحتلة ومحيطها يؤدي إلى احتضار عملية السلام، ذلك أنه لا يمكن التوصل إلي أي حل دون عودة القدس العربية المحتلة كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة». وكانت رايس حذرت أثناء زيارتها لإسرائيل من ان استمرار نشاطها الاستيطاني يضر بمفاوضات السلام. الا ان الحكومة الإسرائيلية بحسب مصادر مسؤولة لم تؤخذ كلام رايس على محمل الجد. وذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» ان انتقادات وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس القاسية لخطط اسرائيل مواصلة البناء الاستيطاني في القدس الشرقية لم تقابل بذعر. ونقلت الصحيفة عن مصدر حكومي إسرائيلي ان ذلك مؤشر الى انه مع تبقي اقل من خمسة اشهر حتى الانتخابات الأميركية «فان ما تقوله (الادارة) ليس مهما الى تلك الدرجة».

وقالت مصادر فلسطينية، ان الفلسطينيين يسعون للحصول على اتفاق مكتوب على شكل تعهد بخصوص ما تم الاتفاق عليه وما لم يتم لاتفاق عليه وما هو شكل الدولة الفلسطينية المنتظرة. وذلك قبل غياب الحكومتين الإسرائيلية والأميركية، لكن الاسرائيليين يرفضون ذلك، ولا يبدون معنيين «بالتورط» بتعهدات.