رايس: واشنطن تدعم إيجاد حل لمزارع شبعا وفق القرارات الدولية

أكدت أنهم لم يغيروا موقفهم من «حزب الله» وتشكيل الحكومة يعود للشعب اللبناني

الرئيس اللبناني ميشال سليمان يصافح أمس في قصر بعبدا القائمة باعمال السفارة الأميركية ميشال سيسون فيما وقفت بينهما وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس (أ.ب)
TT

في زيارة مفاجئة الى لبنان استغرقت نحو خمس ساعات امس، التقت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة ورئيس مجلس النواب نبيه بري، كما التقت من اقطاب قوى «14 آذار» النائب سعد الحريري والرئيس السابق امين الجميل والنائب وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية لـ «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع. وقد اكدت، في التصريحات التي ادلت بها «دعم الولايات المتحدة للبنان والحكومة المنتخبة ديمقراطياً» وترحيبها باتفاق الدوحة «باعتباره الخطوة الاولى لحل الازمة الطويلة في لبنان». واذ رأت انه «لا بد من تنازلات في اي تسوية» اعتبرت انه «طالما ان هذا الاتفاق يراعي مصلحة لبنان فهو يصب في مصلحة الولايات المتحدة». واشارت الى ان الولايات المتحدة «تدعم ايجاد حل لقضية مزارع شبعا (المحتلة) وفق القرارات الدولية» معتبرة انه «حان وقت التطرق» الى هذا الموضوع في ما يتعلق بتطبيق القرار 1701. واوضحت ان الولايات المتحدة تنوي ان تطلب من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان يولي هذه المسألة دعمه وجهوده.

واشارت رايس الى ان لبنان وسورية بلدان جاران وان العلاقات بينهما يجب ان تحكمها مبادئ حسن الجوار والند للند. وأملت في «ان تكون للبنان علاقة جيدة مع كل جيرانه» مؤكدة دعم الولايات المتحدة لجهود اسرائيل الهادفة الى «ارساء السلام مع سورية». وقالت رداً على سؤال ان موقف الولايات المتحدة من «حزب الله» لم يتغير بالنسبة الى وضعه على لائحة المنظمات الارهابية. اما تشكيل الحكومة فيعود للشعب اللبناني وسنتابع عملنا مع الحكومة المنتخبة ديمقراطياً».

من جهته، ابلغ الرئيس سليمان الوزيرة الاميركية ان الوصول الى حل شامل ودائم لازمة الشرق الاوسط ستكون له انعكاسات ايجابية على الوضع في لبنان. وطالب الولايات المتحدة بالمساعدة على «استعادة السيادة اللبنانية على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا».

وقد بدأت زيارة رايس السريعة الى لبنان بعد ظهر امس بوصولها الى مطار بيروت آتية من اسرائيل عبر قبرص. وانتقلت فوراً الى القصر الجمهوري يرافقها مساعدها لشؤون الشرق الاوسط ديفيد ولش والقائمة بأعمال السفارة الاميركية في بيروت ميشيل سيسون. وقد استقبلها الرئيس سليمان في صالون السفراء واجرى معها مباحثات استمرت 40 دقيقة.

وبعد اللقاء تحدثت رايس الى الصحافيين فقالت: «كان النقاش بيننا مثمرا للغاية. تحدثنا عن العلاقة بين لبنان والولايات المتحدة. وأعربت باسم الولايات المتحدة، رئيسا وشعبا، عن رغبتنا في دعم لبنان وحكومته ومؤسساته الديمقراطية وشعبه والعمل على بناء لبنان سيد وحر ومزدهر وديمقراطي لجميع أبنائه. وقد سرني كثيرا أن ألتقي فخامة الرئيس وأنا أعلم أن لبنان بذل الكثير لانتخاب رئيس للجمهورية. ولكني أعلم أيضا أن لبنان نجح في اختيار الرجل المناسب. ونحن نتطلع إلى التعاون معه».

وفي رد على سؤال قالت رايس: «في ما يتعلق باتفاق الدوحة، رحبت الولايات المتحدة به باعتباره الخطوة الأولى لحل الأزمة الطويلة في لبنان. لقد تم الاتفاق على منح الثلث المعطل للأقلية لكن أيضا تم الاتفاق على تشكيل الحكومة برئاسة الرئيس المكلف فؤاد السنيورة وانتخاب رئيس للجمهورية. وهذا ما طالبت به الولايات المتحدة مرات عدة. وقد تمت اعادة اطلاق حركة المؤسسات الديمقراطية التي تعمل بالنيابة عن الشعب اللبناني. لا بد من تنازلات في أي تسوية، لكن في هذه الحال كان هناك اتفاق بين الأطراف اللبنانيين. وما دام هذا الاتفاق يراعي مصلحة لبنان فهو يصب إذاً في مصلحة الولايات المتحدة. أما في ما يتعلق بالدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة، فنحن ندعم الحكومة اللبنانية المنتخبة ديمقراطياً».

وتطرقت الى العلاقات اللبنانية ـ السورية، قائلة: «سورية ولبنان بلدان جاران، والعلاقات بينهما يجب ان تحكمها مبادئ حسن الجوار. وأعني بذلك أن يكون البلدان متساويين وأن يكون هناك تبادل للسفراء بحيث تكون العلاقات الدبلوماسية من الند إلى الند، كما هي بين كل البلدان ذات السيادة. وأعني أيضا أنه يجب ترسيم الحدود بين البلدين. وهذا البند أيضا من واجب الأمم المتحدة. وآمل بأن تكون للبنان علاقة جيدة مع كل جيرانه».

وأفادت معلومات وزعها المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية ان الرئيس سليمان ابلغ رايس ان «الوصول الى حل شامل ودائم لازمة الشرق الاوسط، ستكون له انعكاسات ايجابية على الوضع في لبنان». وانه «لكي يكون هذا الحل عادلاً، يجب ان يبدأ من خلال ضمان حق العودة للشعب الفلسطيني الى ارضه» مطالباً الولايات المتحدة بالمساعدة على استعادة السيادة اللبنانية على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

وأشار الرئيس سليمان الى ان وجود الجيش اللبناني في الجنوب، بعد سنوات من الغياب، وفر الامن والاستقرار والطمأنينة للجنوبيين، بالتعاون مع القوات الدولية، لافتا الى ان لبنان «يتطلع الى اقامة افضل العلاقات مع سورية وفق ما حدده في خطاب القسم، بما في ذلك التبادل الدبلوماسي بين البلدين والتعاون في مسألة ضبط الحدود البرية المشتركة». وشكر الولايات المتحدة على المساعدات التي قدمتها الى الجيش اللبناني في اطار البرنامج الذي تم التوصل اليه بين الجانبين، مؤكداً ان «لبنان الآمن ضمان للامن والاستقرار في المنطقة». وقد نقلت رايس الى الرئيس سليمان دعوة من الرئيس جورج بوش لزيارة الولايات المتحدة الاميركية، مقدرة مواقفه الوطنية خلال قيادته الجيش اللبناني في ظروف صعبة وحساسة ومؤكدة انه سيتم تفعيل برامج التعاون العسكري بين لبنان والولايات المتحدة «التي ستقف الى جانب جميع اللبنانيين من دون تمييز». وأكدت للرئيس سليمان ان بلادها تدعم ايجاد حل لمزارع شبعا استناداً الى القرارات الدولية.

وانتقلت رايس الى السرايا الحكومية حيث استقبلها الرئيس السنيورة. وقالت عقب اللقاء: «في محادثاتي مع الرئيس السنيورة، كما مع الرئيس سليمان، اكدت ان الولايات المتحدة تؤمن انه حان وقت التطرق الى موضوع مزارع شبعا ولاسيما في ما يتعلق بتطبيق قرار الامم المتحدة رقم 1701. ونحن ننوي ان نطلب من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان يولي هذه المسألة دعمه وجهوده. واظن انه سيكثف جهوده في هذا الخصوص من اجل احترام القرار 1701. ونحن في الولايات المتحدة نسعى الى العمل مع لبنان...كما اكدت للرئيس السنيورة اننا سوف نحضر مؤتمر الدول المانحة لإعادة اعمار مخيم نهر البارد».

وافادت المعلومات ان مباحثات رايس والسنيورة تركزت على ضرورة العمل على انسحاب اسرائيل من مزارع شبعا لوضعها تحت اشراف الامم المتحدة وان الوزيرة الاميركية وعدت بتكثيف العمل من اجل انجاز هذا الموضوع بالتنسيق مع الامم المتحدة وباقي الاطراف المعنية.

ولاحقاً، استقبل النائب سعد الحريري الوزيرة رايس والوفد المرافق في دارته في قريطم، بحضور الرئيس امين الجميل ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع والنائب السابق غطاس خوري ونادر الحريري والمستشار هاني حمود، وتم خلال اللقاء البحث في الاوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين. وفي الخامسة عصراً زارت رايس والوفد المرافق مقر رئاسة مجلس النواب في عين التينة حيث استقبلها الرئيس نبيه بري. وقالت عقب اللقاء: «كان اللقاء جيداً جداً، كما اللقاء السابق. هنأته بزواج ابنته، كما بحثنا في مستقبل لبنان. وعرضت معه الامور التي بحثتها خلال زيارتي، وشددت على دعم الولايات المتحدة لاستقلال لبنان وسيادته وديمقراطيته». واضافت: «هنأته باتفاق الدوحة وانتخاب رئيس الجمهورية ميشال سليمان واعادة انعقاد مجلس النواب والرئيس بري يعلم أنه يستطيع الاتكال والشعب اللبناني على مساعدة الولايات المتحدة».

وسئلت: هل ما زلتم تعتبرون «حزب الله» منظمة ارهابية؟ وإذا كنتم تعتبرون ذلك، فهل ستدعمون الحكومة التي سيشارك فيها؟ فأجابت: «موقفنا من حزب الله لم يتغير. وان موقف الولايات المتحدة وضع حزب الله على لائحة المنظمات الارهابية لسنوات. اما تشكيل الحكومة فيعود للشعب اللبناني. ونحن سنتابع عملنا مع الحكومة المنتخبة ديمقراطياً. ونأمل في ان يتم تشكيل الحكومة بسرعة. وسنتطلع الى العمل معها».