مصادر إماراتية تستغرب تحذير بريطانيا لرعاياها من تهديد إرهابي

لندن : تقييمنا يأتي من مصادر استخباراتية ومحلية * إسلامي: لا توجد بيئة حاضنة لـ«القاعدة» هناك

العاصمة الإماراتية أبوظبي شهدت يوما اعتياديا آخر، ولم تتأثر الحركة بتحذيرات السفارة البريطانية («الشرق الأوسط»)
TT

استغربت مصادر إماراتية التحذير الذي أطلقته السفارة البريطانية لمواطنيها المسافرين إلى الإمارات العربية المتحدة، وقالت فيه إنها رفعت درجة التحذير من خطر الإرهاب إلى مستوى عال. وقالت المصادر التي تحدثت أمس لـ«الشرق الأوسط»، وطلبت عدم ذكر هويتها، أن السلطات البريطانية لم تخطر الجهات الإماراتية رسميا بهذا التحذير مسبقا، أو بأي معلومات مستجدة في هذا الشأن.

وتشير المصادر الى أن التهديدات الإرهابية تشكل اولوية أمنية لكافة دول العالم، ومن الطبيعي أن تقوم الإمارات، شأنها شأن أي دولة في العالم، بإجراءات أمنية احترازية «قبل وبعد هذا التحذير»، غير أن هذه المصادر أكدت أنه لم يتم التنسيق المسبق بين السفارة البريطانية والجهات الرسمية في الإمارات قبل إصدار هذا التحذير. وتعيش في الإمارات جالية بريطانية يصل تعدادها إلى 100 ألف نسمة، فيما زار الإمارات نحو مليون بريطاني عام 2006 وفق تقديرات بريطانية رسمية.

وردا على سؤال عما إذا كانت هناك أي تهديدات وجهت للإمارات، نفت المصادر الإماراتية حدوث مثل هذه التهديدات، وقالت إن موقف الإمارات واضح باستمرار وسياستها شفافة، وأنه لم يستجد شيء ولم تطرأ أي تغيرات أمنية. ورفضت السفارة البريطانية في دبي ذكر السبب الذي دفعها للقيام بهذا التغيير، قائلة إن درجة التأهب، تحسبا لأي تهديدات، تخضع لمراجعة بشكل مستمر اعتمادا على مجموعة من المعلومات. وكان المستوى السابق «تحذيراً عاماً من الإرهاب». وفيما ضرب الإرهاب عددا من الدول الخليجية خلال الأعوام القليلة الماضية، ظلت الإمارات في معزل عن هذه الهجمات، فيما تشير تقارير غربية إلى أن الإمارات تمتلك معايير أمنية صارمة، قد تكون السبب الحقيقي خلف عجز التنظيمات المتشددة على توجيه أي ضربة إليها، ومنها مرافقها الحديثة، كالمطارات والمرافئ، التي أتاحت لها وضع أفضل أدوات البحث والتقصي فيها، ووجود أجهزة أمنية نشطة يتم الإنفاق عليها بسخاء. وقالت وزارة الخارجية البريطانية في موقعها على الإنترنت «نعتقد أن الإرهابيين ربما يخططون لتنفيذ هجمات في الإمارات»، مضيفة أن الهجمات «يمكن أن تحدث بدون تمييز وفي أي وقت بما في ذلك أماكن يتردد عليها مغتربون ومسافرون أجانب مثل المجمعات السكنية والمصالح النفطية والعسكرية ووسائل النقل والطيران». وذكر أن الهجمات «يمكن أن تحدث في أي وقت» وأن المواطنين البريطانيين «يجب أن يتمتعوا بأعلى درجة من الوعي الأمني». وشكل إصدار السفارة البريطانية تحذيرها هذا مفاجأة للأوساط الإماراتية التي استغربت هذا التحذير في هذا التوقيت تحديدا، بالإضافة إلى غموض التحذير الذي تجنب ذكر أي تفاصيل عن الأسباب التي استدعت إصداره.

وفي لندن امتنعت وزارة الخارجية، كعادتها، عن التعليق مباشرة على هذا التغيير. وقال الناطق باسم الخارجية باري مارسدن: «عادة لا نعطي اسباباً لوصولنا الى هذه القرارات»، موضحاً ان أي تغيير في التقييم البريطاني «يأتي من مصادر عدة، منها المعلومات الاستخباراتية ومعلومات محلية من سفاراتنا والخبراء المعنيين». واضاف رداً على استفسارات «الشرق الاوسط»: «بشكل عام، نناقش هذه القضايا مع السلطات المحلية مع سفارتنا في الدولة المعنية ونعمل على ان تكون نصيحتنا واضحة وشفافة لتفيد من يحتاجها». ولفت ماردسن الى ان نوع النصيحة العامة حول السفر الى الإمارات لم يتغير، قائلاً: «لدينا مستويات عدة في ما يخص نصائح السفر، فهناك مستوى يحذر من السفر إجمالاً او إلا في الحالات الضرورية، ولكن هذا ليس الحال في الإمارات». واوضح: «نحن ننبه الزوار والمقيمين فقط لينتبهوا وحتى لا يعرضوا انفسهم الى مخاطر غير متوقعة»، مضيفاً: «لا نريد ان نبالغ في مستوى التهديد او نعرض علاقاتنا الدبلوماسية والتجارية الممتازة مع الإمارات لخطر غير ضروري».

وفي الوقت الذي كشفت فيه السفارة البريطانية عن تحذيرها هذا لمواطنيها، لم تغير السفارات الغربية الأخرى تقديراتها حول أي تهديدات إرهابية محتملة في الإمارات. وفي شهر أغسطس (آب) من العام 2006، أصدرت بريطانيا تحذيرا مشابها لرعاياها الراغبين في زيارة الإمارات العربية المتحدة، ودعتهم إلى مراجعة تدابيرهم الأمنية بحرص شديد إذا ما قرروا السفر إلى هناك.

وبالرغم من التحذيرات التي أصدرتها السلطات البريطانية بشأن التهديدات المحتملة في الإمارات، إلا أن المدينتين الرئيسيتين في البلاد، وهما العاصمة السياسية ابوظبي، والعاصمة الاقتصادية دبي، لم تشهدا أية مظاهر أمنية غير معتادة، وبدا أن المواطنين والمقيمين لم يكترثوا بهذه التحذيرات وواصلوا حياتهم اليومية المعتادة.

ولوحظ وجود طبيعي للجنسيات الغربية في المجمعات التجارية التي تنتشر في أبوظبي ودبي، كما شوهدت العديد من العائلات تصطحب أطفالها في المجمعات التجارية. الى ذلك تحدثت مواقع اصولية مرتبطة بـ«القاعدة» عن مشاركة القوات الاماراتية ضمن قوات الامن والمساعدة الدولية (ايساف) في الحرب على الارهاب في افغانستان، الا ان اصوليين في لندن قللوا من قدرة تنظيم بن لادن على العمل او الاختفاء في الإمارات. وقال الدكتور هاني السباعي مدير مركز «المقريزي» للدراسات بلندن:«لو استطاع تنظيم القاعدة أن يضرب المصالح الغربية في الإمارات لفعل، لكنه لا يجد فرصة لتنفيذ مثل هذه العمليات، ولا يستطيع العمل داخل حدود الإمارات». وتحدث الاسلامي المصري عن ضعف الحركات الإسلامية في الإمارات ومعظمها له توجهات مختلفة تنظيمياً عن تنظيم «القاعدة» مثل الجماعات السلفية النظرية، مثل جماعة «التبليغ والدعوة» المنتشرة في معظم دول الخليج وهي جماعة ضد كل الجماعات الحركية السياسية في العالم بما فيها بالطبع تنظيم «القاعدة»، «وهكذا لا توجد بيئة حاضنة لتنظيم القاعدة في الإمارات لكي تنفذ عملية على الاراضي الإماراتية».