مولوي حقاني في شريط دعائي: إنها معركة الصبر

أحد قادة طالبان يزيد من تهديده للقوات الأميركية

TT

لم تتم الإشارة بما يكفي لذلك الحادث أثناء وقوعه. فقد وقع تفجير انتحاري يوم 3 مارس (آذار) الماضي قتل فيه جنديان من جنود حلف الناتو ومدنيان أفغانيان كما أصيب 19 آخرون في القاعدة العسكرية الأميركية. وبعد ذلك بأسابيع، نشرت عناصر طالبان أسطوانة دعائية توضح فيها أن نتائج الهجوم أصبحت واضحة. وقد أظهرت الأسطوانة هجوما كبيرا على القاعدة العسكرية. ومع ارتفاع سحابة كبيرة من الغبار، ظهرت صورة وجه مولاي جلال الدين حقاني وهو قائد طالباني يمثل أكبر تهديد لقوات الناتو والولايات المتحدة. ويقول في هذه الأسطوانة: «الآن كما ترون، فإنني ما زلت حيا». ويظهر الهجوم الانتحاري مدى تصميم الجماعات الأفغانية المسلحة وكيفية قيام هؤلاء القادة من أمثال حقاني بالتنسيق مع القاعدة وغيرها من الجماعات الإرهابية الأجنبية. ومع احتدام أزمة الحرب هناك وتواتر التقارير التي صدرت يوم الاثنين والتي تفيد باستيلاء طالبان على مقاطعات جنوبية بعد الهروب الكبير من أحد السجون، تزداد قوة هذه الجماعات المسلحة حسبما يفيد المسؤولون الأميركيون. وقد أفاد مسؤولون أوروبيون في كابل بأن المهاجم الذي قام بالتفجير الانتحاري في شهر مارس الماضي على سبيل المثال، اتضح أنه مواطن ألماني من أصلي تركي حصل على التدريب في باكستان. وفي إشارة على ازدياد غضب الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، هدد يوم الأحد الماضي بأنه سوف يرسل قوات أفغانية إلى الأراضي الباكستانية لضرب قادة العناصر المسلحة الذين تعهدوا بمواصلة الجهاد في أفغانستان. وقد أدت الروابط القوية بين القبائل على جانبي الحدود الأفغانية الباكستانية ودعم العرب والشبكات الجهادية الأخرى، إلى تقوية شوكة القائد مولاي حقاني حيث أصبح يشكل تهديدا قويا لاستقرار أفغانستان. وتحوم الشبهات حول مسؤولية شبكة حقاني عن ثلاث هجمات بسيارات مفخخة في شرق أفغانستان خلال العام الحالي، كان آخرها في الرابع من الشهر الجاري.

وبالإضافة إلى ذلك، يفيد مسؤولو الأمن الأفغان بأن أحد قادة حقاني هو العقل المدبر للهجوم المتزامن على فندق سيرينا في كابل والذي قتل فيه سبعة أشخاص في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي بالإضافة إلى محاولة اغتيال الرئيس كرزاي في شهر إبريل (نيسان) الماضي. ومنذ نحو خمسة وعشرين عاما، كان مولاي جلال حقاني هو الشخص المفضل لوكالات المخابرات الأميركية والباكستانية والمتبرعين العرب الأثرياء بسبب تأثيره على الجماعات الجهادية المسلحة في أفغانستان والدول العربية وغيرها من المناطق حيث كان يقوم بالهجوم على القوات السوفياتية التي قامت باحتلال أفغانستان خلال حقبة الثمانينات. واليوم، يستغل حقاني خبراته في الهجوم على القوات الأميركية وقوات حلف الناتو. ومن قاعدته في شمال غربي باكستان، عقد مولاي حقاني تحالفا مع أسامة بن لادن وغيره من المقاتلين العرب. ومع ابنه سراج الدين حقاني الذي يبلغ من العمر 34 عاما، فإنه وغيره من الحلفاء يشتركون في مهمة واحدة، وهي إخراج القوات الأجنبية من أفغانستان. وفي منطقة وزيرستان القبلية على الحدود الباكستانية، يقوم مولاي حقاني وابنه بإدارة شبكة من المدارس وقواعد التدريب ويقومون بتوفير الحماية للمقاتلين الأجانب والجماعات الإرهابية بما في ذلك القاعدة. كما تقوم هذه القوات كذلك بتوفير الدعم التمويني والاستخباري للهجمات التي يتم تنفيذها في أفغانستان، حسبما أفاد مسؤول الشؤون العامة في الجيش الأميركي السيرجنت تيموثي دانين، الذي يعمل في قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان والذي قام بإعداد بحث عن جماعة حقاني خلال العام الماضي. وقد اتهم متحدث آخر باسم الجيش الأميركي وهو الميجور كريس بيلشير، جماعة حقاني بأنها تعمل على جلب المقاتلين الأجانب من باكستان وأوزباكستان والشيشان وتركيا ودول الشرق الأوسط إلى أفغانستان. وفي هذا الإطار، فإن القوات الباكستانية تبدي ترددا بشأن التحرك ضد جماعة حقاني. وحسبما يفيد المسؤولون الأوروبيون وأحد المسؤولين الباكستانيين الكبار، فإن مولاي حقاني تربطه علاقات قديمة بالمخابرات الباكستانية وما زال يتمتع بحمايتها. وعندما تم توجيه سؤال عام 2006 إلى أحد المسؤولين في المخابرات الباكستانية والذي رفض الإفصاح عن هويته، حول عدم قيام الجيش الباكستاني بأي تحرك ضد جماعة حقاني، أفاد ذلك المسؤول بأن ذلك يرجع إلى أهميته بالنسبة لباكستان. وقد بلغت جماعة حقاني من القوة في معاقلها إلى الحد الذي جعل أحد المسؤولين العسكريين الغربيين ممن عملوا في كل من باكستان وأفغانستان يصرح بأن المشكلة في تعقبه هي أن الجيش الباكستاني ليس قادرا على القبض عليه ويخشي من الفشل إذا قام بمحاولة عمل ذلك. وقد قامت القوات الباكستانية مدعومة بالقوات الأميركية بشن غارة على مسجد يمتلكه حقاني أثناء البحث عنه في منطقة شمال وزيرستان عام 2002، ولكن منذ ذلك الحين لم يتم القيام بأي محاولة للقبض عليه. وقد أفاد أحد العسكريين الغربيين بأن هناك اتفاقا غير رسمي بين المسؤولين الأميركيين والباكستانيين على استخدام الطائرات بدون طيار من نوع بريداتور داخل المناطق القبلية ضد أعضاء القاعدة الأجانب وليس ضد الأهداف الأفغانية أو الباكستانية مثل جماعة حقاني. ويظهر ازدياد معدل الهجمات الانتحارية في أفغانستان التي لم تعرف هذا النوع من الهجمات قبل عام 2001، مدى تحكم القاعدة في حقاني وجماعته وغيرها من جماعات طالبان. ويقول حقاني في الأسطوانة التي قامت عناصر طالبان بنشرها: «سوف نحارب عدونا بالصبر. إنها ليست معركة عاجلة. إنها معركة الصبر. وإذا كان هناك حيوان قوي يحارب حيوانا صغيرا وضعيفا، فإن الحيوان القوي يستغل كل قوته، ليس ضد عدوه الصغير، وإنما ضد نفسه أولا».

* خدمة «نيويورك تايمز»