مطاعم مومباي... ملجأ الفقراء

الفقراء ينتظرون أمام أبوابها حسنة من الأغنياء ليأكلوا

TT

وقفت سيارة من نوع هوندا ذات لون ذهبي أمام أحد المطاعم بعد ظهر أحد أيام الأسبوع الماضي. وبعد إنزال زجاج السيارة، ظهرت ورقة مالية من فئة 100 روبية، تساوي نحو 2.30 دولار، تدفعها سيدة ترتدي غطاء رأس قالت إن اسمها السيدة عباس، وبعد ذلك انطلقت السيارة بهدوء مثلما جاءت. داخل مطعم ماهيم داربار، كان هناك سبعة من الرجال ينتظرون السيدة عباس لتناول الغداء على نفقتها. العالم مليء بالمطاعم المختلفة، فهناك مطاعم الهامبرغر ومطاعم الثلاثة نجوم. وهناك أماكن تذهب إليها بالسيارة وتأخذ الطعام وأماكن تجلس فيها، لكن العالم قد لا يكون معتادا على هذا النوع من المطاعم الموجود في مدينة مومباي: مطاعم الجوعى. ظهر هذا النوع من المطاعم منذ سنوات طويلة، وأمامها تجد صفوفا منتظمة من الفقراء الذين ينتظرون بصبر بالغ للحصول على بعض الطعام الذي يتكلف الطبق الواحد منه نحو 25 سنتا فقط. ولكن عندما يمر أحد الموسرين بسيارته، فإنه يدفع لهم مبلغا، ويأكلون على حسابه. ويصف أصحاب أحد المطاعم عملهم بأنه عمل خيري، لكن عملهم يدر ربحا عليهم وإن كان قليلا. وفي هذه المطاعم، يظهر الفقر في أوضح صوره، فالأمر لا يتعلق بنقص المال فقط، بل بحساسية هؤلاء الناس واعتمادهم على مزاج الآخرين من المتبرعين. فإذا مر أحدهم ونظر إلى عيونهم، قد يشعر بجوعهم ويعطيهم المال ليأكلوا، أما إذا كان يتحدث على الهاتف أو كان مشغولا بشيء ما، فانهم لن يأكلوا، هكذا هي الحياة، في بساطتها، بالنسبة لهؤلاء الفقراء.

الا ان هذا العمل الخيري قد لا يكون ينفذ بالشكل الاسلم. ففي أي مكان في العالم، يجمع القائمون على الأعمال الخيرية المال من أجل المدارس ودور العبادة أو يقومون بتقديم الطعام المجاني في أماكن مناسبة، فعلى أقل تقدير يسمح لهؤلاء الفقراء بالجلوس في مطاعم، وليس على قارعة الطريق. ومن أشهر أعمال الخير في الهند، دفع تكاليف علاج السائقين أو تعليم أبناء الخادمات. ويعتمد الأمر على حاجة الخادم أو شعور السيد بالتزامه الأخلاقي. ولكن في مومباي، أن تدخل أحد هؤلاء الفقراء إلى مطعم، يعتبر أمرا غير مقبول من قبل أصحاب المطاعم. فهم يعتقدون أن هؤلاء الفقراء يجب أن يتركوا على قارعة الطريق يتسولون وينظر إليهم المارون وهم يشعرون بالمهانة، وعليهم أن يعلنوا عن فقرهم حتى يتسولوا الإحسان من غيرهم. يقول شعيب أنصاري الذي يبلغ من العمر 23 عاما وهو يمتلك مطعم ماهيم داربار الذي أسسه عمه منذ أكثر من أربعة عقود: «إذا جلسوا في الداخل، فلن يكون ذلك مناسبا لزبائن المطعم الذين يدفعون المال. ونحن لا ندع أي شخص يدخل المطعم إلا إذا كان هناك من يدفع له».

ولكن جاءت سيارة الهوندا الآن وحان وقت انتقال هؤلاء الفقراء من الخارج إلى الداخل ومن الأرض إلى الطاولة ومن الجوع إلى الشبع. ومن بين رواد هذا المطعم، راجو سوباشان الذي يبلغ من العمر 30 عاما، وهو يرتدي غطاء رأس أحمر اللون، وهو ينتمي إلى فئة رواد المطعم من العاطلين عن العمل. وقد أتى من الشمال وعمل في إحدى شركات الطعام، ثم فقد وظيفته سريعا، وفي هذا اليوم الذي جاء فيه إلى هذا المطعم، تناول وجبة في الظهيرة، ثم بدأ في انتظار الوجبة الثانية التي يعتقد أنها ستكون كافية حتى الصباح، ثم جاءت السيارة الهوندا ذات اللون الذهبي، وجلس يتناول الطعام. جلس وحيدا يتناول الطعام سريعا وبهدوء، وبعد ذلك قام بغسل يديه، ثم اتجه إلى الحرية والوحدة وسط المدينة.

* خدمة «نيويورك تايمز»