الإمارات: المجلس الوطني يرفض قانونا قدمته الحكومة بتعيين غير المسلمين في سلك القضاء

عضو في المجلس يرفض سرية الجلسة.. والحكومة ترد: نستخدم حقنا الدستوري

TT

في جلسة سرية منعت الصحافة من حضورها، رفض المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات العربية المتحدة (البرلمان) أمس، تعديل بعض أحكام القانون الاتحادي بشأن السلطة القضائية، والذي بموجبه يفتح الباب أمام تعيين قضاة غير مسلمين في وظائف القضاء والنيابة العامة للمرة الأولى في تاريخ الإمارات، كما يشمل التعديل السماح للنساء بتولي الوظائف القضائية.

وفيما كان مقررا أن تستمر جلسة المجلس الوطني الاتحادي علنية، بدء المجلس بمناقشة مشروع قانون اتحادي بشأن تعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1983 في شأن السلطة القضائية، إلا أن الحكومة ممثلة بوزير شؤون المجلس الوطني الدكتور انور قرقاش، فاجأت المجلس بالطلب بأن تكون الجلسة سرية، وهو ما استدعى عضو المجلس الدكتور عبد الرحيم شاهين إلى الاعتراض على طلب الحكومة، وقال «يجب أن تكون الحكومة منفتحة ولا يستدعي أن تكون كل جلسة سرية»، مشيرا إلى أن إبعاد رجال الصحافة عن الجلسة ليس شرطا أن يمنع نشر ما سيجري بالجلسة، مضيفا «ثم تتهمونا بالتسريب للصحافة»، غير أن الوزير قرقاش رد بالقول إن تحويل الجلسة إلى سرية «حق دستوري والحكومة ترى أن الموضوع يجب أن يناقش في جلسة سرية»، وزاد «لن نتهمكم بتسريب أخبار الجلسة للصحافة».

غير أن مصادر كشفت لـ«الشرق الأوسط» ما دار بالجلسة السرية، حيث لم يوافق المجلس على القانون المعروض من الحكومة، وأن غالبية الأعضاء اعترضوا على تمرير التعديل الحكومي في مشروع القانون، وفيما لم يكن الاعتراض على تعيين المرأة كقاضية، كان الاعتراض الأشد على تعيين غير المسلمين في هذا السلك. ويتمثل دور المجلس استشاريا لمشاريع القوانين التي تقدمها الحكومة، ولا يلزم الدستور الحكومة بالأخذ برأي المجلس.

والمجلس الوطني الاتحادي هو السلطة الاتحادية الرابعة من حيث الترتيب في سلم السلطات الاتحادية الخمس المنصوص عليها في الدستور الإماراتي، وهي المجلس الأعلى للاتحاد، رئيس الاتحاد ونائبه، مجلس وزراء الاتحاد، المجلس الوطني الاتحادي، والقضاء الاتحادي.

ووفقا للتعديل الجديد الذي طلبته الحكومة على قانون السلطة القضائية بعد خمسة وعشرين عاما من إصداره، فقد ألغي البند الذي ينص على أن يتولى الذكور فقط مهمة القضاء، وهو ما بررته الحكومة بـ«إتاحة الفرصة أمام الإناث لتولي الوظائف القضائية»، كما اعتبرت الحكومة أن هذا التعديل يأتي في ظل الحاجة إلى تعيين قضاة وأعضاء نيابة عامة من المواطنات للفصل في بعض القضايا «وخصوصا في مجال الأحداث والأحوال الشخصية».

كما أضيفت على القانون مادة تنظم تعيين غير المسلمين في وظائف القضاء والنيابة العامة، إذ نصت المادة 19 على جواز أن يعين غير المسلمين في وظائف القضاء والنيابة العامة، إذا استكملوا باقي الشروط المنصوص عليها «وذلك في بعض التخصصات التي تقتضيها المصلحة العامة».

وجاء في المذكرة الإيضاحية الخاصة بمشروع القانون، والتي أعدتها الحكومة «إن تطور الدولة ونهضتها اقتضى الحاجة إلى وجود محاكم لا يمارس العمل فيها قضاة مسلمون».

وتوضح الحكومة موقفها من هذه التعديلات بالحاجة إلى وجود محاكم متخصصة في عدد من المجالات «على نحو يتوافق مع التطورات التي تسهدها الدولة، وفتح المجال أمام المرأة للتعيين في الوظائف القضائية».

لكن لجنة الشؤون التشريعية والقانونية تحفظت على إضافة مادة تنظم تعيين غير المسلمين في وظائف القضاء والنيابة العامة، وبررت تحفظها بأن التعديل الجديد على القانون يسمح بتعيين قاضية من النساء وتكون غير مسلمة، وأنه يشترط أن يتوافر في كل من يعين من غير المسلمين في وظائف القضاة والنيابة العامة أن يكونوا من مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة، وقالت اللجنة «من المعلوم أن غير المسلمين من مواطني دولة الإمارات نادرون بل يكاد يكونون غير موجودين وبخاصة من لديه شهادة دراسية معتمدة في مجال القانون».

ورأت اللجنة التشريعية والقانونية انه لا يوجد مبرر لتعيين قاض غير مسلم «لأن القاضي المسلم يمكنه الحكم في القضايا التي يكون أطرافها غير مسلمين، شأنها في ذلك شأن اختصاصه بالحكم في القضايا التي يكون جميع أطرافها مسلمين وأيضا يكون أحد أطرافها مسلما والطرف الآخر غير مسلم»، ورفضت اللجنة بالإجماع الموافقة على المادة الخاصة بتعيين قضاة غير مسلمين «وذلك لقدرة القاضي المسلم على الفصل في أي أنواع من القضايا حتى إذا كان جميع أطرافها من غير المسلمين».