الجيش اللبناني يطوق اقتتالا في تعلبايا ـ سعدنايل

بعد اشتباكات استخدمت فيها قذائف الهاون والـ«آر.بي.جي» وأوقعت قتلى وجرحى * رئيس الجمهورية والقيادات تتحرك للتهدئة

سيدة من سعدنايل تشير امس الى سيارتها التي احترقت بفعل القصف الذي تعرضت له بلدتها ليل أول من أمس وخلف ثلاثة قتلى واربعة جرحى (إ ب)
TT

أمضت امس بلدتا تعلبايا وسعدنايل في البقاع اللبناني يوماً من الهدوء الحذر بعد اشتباكات عنيفة وقعت ليل الاثنين بين مناصرين لـ«تيار المستقبل» وآخرين مناصرين لـ«حزب الله» وحركة «امل» استعملت فيها مختلف الاسلحة الرشاشة وقذائف الهاون والـ«آر. بي. جي» وامتدت الى محيط البلدتين في البقاع الاوسط، قبل ان يتمكن الجيش فجر امس من «فرض هدنة» بين المتقاتلين ونشر قوة من المغاوير ووحدة دبابات في مناطق اعالي شتورا المطلة على مسرح الاشتباكات.

وتسببت المعارك بسقوط ثلاثة قتلى هم: المدرّسة سميرة شكر مظلوم (40 عاماً) التي اصيبت فيما كانت على شرفة منزلها عند مفرق بلدة بر الياس، حسن علي الطقش (60 عاماً) الذي اصيب داخل سيارته عند مفترق بر الياس ايضا، وبسام غازي. فيما اصيب ستة اشخاص بجروح.

وكالعادة، تبادل الطرفان الاتهامات بالتسبب بالاشتباكات. ونفى ناطق عسكري ان يكون قد حصل اي اشتباك بين الجيش وأحد الاطراف المتورطة في القتال، خلافاًَ لما ذكرته احدى محطات التلفزة.

وأفادت مصادر امنية ان وحدات من الجيش قامت بعملية التفاف من جهة مدينة زحلة باتجاه حوش الامراء وصولاً الى دير يسوع الفادي ومحيط التلال المجاورة. وأقام الجيش مراكز ثابتة له في مناطق الاشتباكات. وسيّر دوريات مؤللة على الطرق لعزل منطقة التوتر عن البلدات المجاورة سواء من جهة بلدتي قمل والتويتي او من جهة بلدات البقاعين الاوسط والغربي. وحلقت مروحية عسكرية تابعة للجيش فوق المنطقة. ولم تسجل على الارض اي مداهمات.

هذا، وأصدرت قيادتا «حزب الله» وحركة «امل» بياناً ردتا فيه على رواية اعلام «المستقبل» لما حصل. وجاء فيه: «في الوقت التي كانت تدور مساع حثيثة وجدية برعاية الجيش اللبناني لجمع رؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات ووجهاء منطقة البقاع الاوسط لتضميد جراح الاحداث التي حصلت في منطقة سعدنايل وتعلبايا...فوجىء الجميع والمواطنون برمايات مشبوهة بكل الاتجاهات». واكدت القيادتان على «ضرورة خضوع الجميع من دون استثناء للقوى الأمنية والجيش لاستتباب الامن في المنطقة وسوق المسؤولين عن ما حدث والقتلة الى العدالة».

وبالتزامن مع اجراءات الجيش لضبط الوضع ميداناً، جرت اتصالات كثيفة شملت قيادات ومرجعيات سياسية ودينية للملمة الوضع ومنع تجدد القتال. وفي هذا الاطار، اجرى رئيس الجمهورية ميشال سليمان سلسلة اتصالات وأعطى توجيهات للاجهزة المعنية لحصر الاشتباكات وفرض الامن والاستقرار في منطقة التوتر.

من جهته، تابع رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري تطورات الوضع الامني في سعدنايل وتعلبايا ومساعي التهدئة المبذولة من جميع الاطراف لاعادة الاستقرار والهدوء الى المنطقة. واجرى، لهذه الغاية، سلسلة اتصالات شملت رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف تأليف الحكومة فؤاد السنيورة وقائد الجيش بالنيابة اللواء الركن شوقي المصري، ركز فيها على «ضرورة تضافر الجهود لوضع حد لما يجري في هذه المنطقة ومنع تكرار الاحداث». وشدد في كل اتصالاته على «وجوب رفع الغطاء عن أي طرف يبادر الى اطلاق النار او يتسبب بأي خلل أمني، والاصرار على ان يتولى الجيش والقوى الامنية الرد على مصادر النيران واسكاتها وملاحقة مفتعليها». وطلب من جميع مناصري «تيار المستقبل» ومؤيديه «التزام الهدوء وضبط النفس وعدم الانجرار الى محاولات الاستفزاز وإشعال الفتنة وتوتير الاجواء». وقال عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب (عن البقاع الغربي) جمال الجراح، في حديث لموقع «ليبانون فايلز» ان «الموضوع الامني يستخدم بشكل بشع لتحقيق مكاسب سياسية» وأضاف «كنا نسمع كلاماً طيباً من كل الاطراف. وفجأة يحصل اطلاق نار من منطقة تسيطر عليها المعارضة وتحديدا حزب الله. والاخبار الاولية ان اطلاق النار كان باتجاه الجيش اللبناني ومن ثم اشتعلت كل الجبهات بالاسلحة الخفيفة والمتوسطة والصاروخية. وقد قمنا بالاتصالات اللازمة مع الجيش والاطراف الاخرين. وتمكنا من التوصل الى وقف اطلاق النار عند الواحدة والنصف ليلا الا ان الاشتباكات عادت وتجددت عند الثالثة والنصف واستمرت حتى الصباح. وتسجل في المنطقة حركة نزوح حيث ترك بعض الاهالي منازلهم لأن سعدنايل وتعلبايا تعرضتا لقصف شديد بالهاونات، وهناك اصابات كبيرة في الابنية كما سقط عدد من الشهداء والجرحى». واستنكر رئيس «التيار الشيعي الحر» الشيخ محمد الحاج حسن حادثة تعلبايا، داعياً الجيش اللبناني والقوى الامنية الى اخلاء الساحات من المسلحين. وحمل على ما سماه «خلايا المخابرات السورية في البقاع وتحديداً في تعلبايا وسعدنايل حيث الاعتداءات المتكررة التي تستهدف حياة المواطنين وامنهم وارزاقهم». وناشد «عقلاء الطائفة الشيعية في لبنان والعالم اتخاذ موقف رافض لتمادي حزب الله على اهلنا في الوطن».

وقال رئيس «الكتلة الشعبية» التي تضم نواب المنطقة، النائب الياس سكاف: «يجب ان يحسم هذا الموضوع بسرعة، لأننا لا نستطيع ان نطلب من الجيش ان يقوم بعجائب. هناك مسؤوليات تقع على عاتق المسؤولين... هذا الامر يجب ان يتم حسمه والمسؤول عنه عليه ان يتحمل نتيجة ما يحصل اليوم لأن من دون حسم الموضوع ومن دون تأليف الحكومة الامور قد تكبر».

وعلق وزير الشباب والرياضة عضو كتلة المستقبل النائب احمد فتفت على احداث البقاع فقال: «للأسف ما يحصل في سعدنايل وتعلبايا ليس اشتباكات. بكل صراحة، ما يحدث هو اعتداء سافر على الأهالي من قبل ميليشيا حزب الله بقصف مدفعي مركز واضح جدا. ويبدو انه يحاول تشديد الضغط الأمني لعله يحصل على مكاسب سياسية لم يحصل عليها حتى الآن، سواء في تأليف الحكومة وربما تحضيراً للبيان الوزاري ولمكاسب سياسية أخرى».