تعاون استخباراتي تركي ـ إيراني ضد الأكراد في كردستان.. يبدأ بـ«الكماشة»

مسؤول كردي إيراني يؤكد مقتل نحو 150 من الاستخبارات والجيش الإيراني في المواجهات

عضو المكتب السياسي في حزب «الحياة الحر» آسو هونر يجلس في منزله بمنطقة قنديل الكردستانية (أ.ف.ب)
TT

قالت مصادر تركية وإيرانية كردية إن هناك تعاونا استخباراتيا وميدانيا وتنسيقا بين إيران وتركيا في المثلث الحدودي بين العراق وإيران وتركيا. وأوضح سيرهات اركمان كبير الباحثين في المعهد الآسيوـ أوروبي للدراسات الاستراتيجية في أنقرة ان التعاون الاستخباراتي والأمني بين تركيا وإيران يتم منذ أكثر من عام وأن لكل طرف هدفا مختلفا من هذا التعاون ضد عناصر حزب العمال الكردستاني في المثلث الحدودي بين العراق وإيران وتركيا. وأوضح اركمان في اتصال هاتفي من لندن لـ«الشرق الأوسط»: «من الصعب بدقة معرفة حجم هذا التعاون وحدوده لكن منذ اسبوعين كشف قائد قوات الجيش التركي شخصيا عن ان هناك تعاونا بين إيران وتركيا في شمال العراق، ومع أنه لم يذكر تفاصيل محددة إلا ان المعلوم هو ان هناك تبادل للمعلومات الاستخباراتية بين البلدين، وتعاون على الارض. لكن مع هذا لا يمكن القول ان تركيا وإيران تقومان معا بالهجوم على الأكراد في شمال العراق، فما يحدث هو ان تركيا عندما تقوم بالهجوم على الاكراد في شمال العراق، فإنهم يفرون الى الحدود الإيرانية على المثلث الحدودي مع العراق وتركيا، وهنا تكون القوات الإيرانية بانتظارهم. والعكس ايضا يحدث، أي أنه عندما تشن إيران هجمات داخل شمال العراق يضطر الأكراد للفرار الى الحدود التركية، فيجدون القوات التركية في انتظارهم». وشدد آركمان على ان «عملية الكماشة» هذه جزء من تعاون أكبر يتضمن بالاساس تبادل استخباراتي بين طهران وأنقرة. ويأتي ذلك فيما قرر مجلس الوزراء العراقي امس وضع منظمة «مجاهدين خلق» الايرانية الموجودة على الأراضي العراقية تحت السيطرة التامة للحكومة العراقية. وقال علي الدباغ، الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية ان مجلس الوزراء منع التعامل مع منظمة «مجاهدين خلق الإرهابية من قبل أية منظمة أو حزب أو مؤسسة أو أشخاص عراقيين أو أجانب داخل العراق واعتبار من يتعامل معها مشمولاً بأحكام قانون مكافحة الإرهاب وإحالته الى القضاء وفق القانون المذكور». ويعد هذا القرار انتصارا كبيرا لإيران التي لطالما دعت الى حظر منظمة مجاهدي خلق. وحول التعاون الأمني بين إيران وتركيا لمواجهة عناصر حزب العمال الكردستاني داخل المثلث الحدودي، قال آسو هونر عضو المكتب السياسي في حزب «الحياة الحر» (بيجاك) الكردي الايراني المعارض، الموجود في العراق، إن عناصر من الأكراد الإيرانيين قتلوا حوالي مائة وخمسين جنديا ايرانيا الشهر الماضي خلال مواجهات داخل اراضي الجمهورية الإيرانية. وحزب «الحياة الحر» تأسس عام 2003 في جبال اقليم كردستان العراق الحدودية وعقد ثلاثة مؤتمرات حزبية حتى الآن جدد في آخرها انتخاب عبد الرحمن حاجي احمدي الذي يعيش في اوروبا رئيسا له.

وقال هونر، المنضوي ضمن حزب العمال الكردستاني ويمثله اكراد ايرانيون، لوكالة الصحافة الفرنسية من معقله في جنوب جبال قنديل الواقعة في المثلث الحدودي بين العراق وتركيا وايران «قتلنا 145 عنصرا ايرانيا خلال هجماتنا على المناطق الكردية الحدودية» داخل الأراضي الايرانية. واضاف «بين القتلى أربعة عناصر تابعين لجهاز المخابرات الايرانية (اطلاعات)». وكانت الشرطة الايرانية اعلنت قبل عشرة ايام مقتل 12 مسلحا واربعة من عناصرها في منطقة حاج عمران قرب بيرانشهر التابعة لمحافظة اذربيجان الغربية، حيث الاقلية الكردية. وأكد هونر «قيام مقاتلي بيجاك اواخر الاسبوع الماضي بمهاجمة مقر للقوات الإيرانية في مدينة مريوان الحدودية ما ادى الى مقتل تسعة منهم والهجوم يأتي ردا على هجمات تشنها الطائرات التركية بالتنيسق مع ايران». وأشار الى «مقتل ستة من مقاتلي حزبنا».

ويؤكد مسؤولون في حكومة اقليم كردستان العراق ان ايران تقصف من حين لآخر عدة قرى داخل العراق يتمركز فيها حزب «الحياة الحر» من دون وقوع خسائر بشرية. وقد طالت عمليات القصف السابقة ناحية زاراوة في قضاء قلعة دزه (160 كلم شمال شرق السليمانية) وهي شناوه وماردو وسوركوله وباستيان واليرش ورزكه. وبدأت القوات الايرانية بقصف المنطقة اواخر سبتمبر (أيلول)2007. وقال هونر بينما كان جالسا وسط مجموعة من المقاتلين قرب قرية ماردو الواقعة شمال قضاء قلعة دزه الحدودي (160 كلم شمال شرق السليمانية) ان «تركيا وايران تنسقان وتتعاونان على الصعيدين المخابراتي والامني». وأضاف «لقد كشف قائد سلاح البر التركي الجنرال اوكلر باشبو للإعلاميين الأسبوع الماضي عن هجمات مشتركة للقوات الايرانية والتركية ضد عناصر حزب العمال الكردستاني وحزب الحياة الحر». وأكد ان «مجموعة من الضباط الاتراك تتولى تدريب عناصر ايرانية لمواجهة حرب العصابات نظرا لخبرة الجيش التركي في هذا المجال عبر تصديه لحزب العمال الكردستاني خلال الاعوام الثلاثين الماضية».

لكن اركمان نفي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» وجود عمليات مشتركة بين تركيا وإيران، موضحا «ليس هناك عمليات مشتركة. انهما يتعاونان فقط عندما يقوم جانب بعملية عسكرية في شمال العراق، فإنه يبلغ الطرف الآخر بحيث يكون هذا الطرف جاهزا لمواجهة الفارين الى داخل حدوده». وتابع «وبسبب هذا التعاون بين إيران وتركيا فإن عناصر حزب العمال الكردستاني (بى كى كي) التركي وحزب بيجاك الكردي الإيراني يتقلصون. وبحسب ما أفهم فإنه اذا استمرت هذه الهجمات فسيكون هناك صعوبة في أن يستمر وجود العناصر الكردية الإيرانية أو التركية في شمال العراق. وطبعا لا تتدخل حكومة شمال العراق في الأمر لأن الهجمات التركية والإيرانية تستهدف تحديدا التنظيمات الارهابية في شمال العراق». وحول الهدف السياسي من تعزيز الهجمات التركية ـ الإيرانية على الأكراد في شمال العراق، قال اركمان: «النتائج السياسية للهجمات ستتوقف على التغييرات في الشرق الأوسط، وليس فقط على التفاعلات بين إيران وتركيا. عندما تشعر طهران وأنقرة بالتهديد من جانب التنظيمات (الارهابية) الكردية فإنهما سيتعاونان في المستقبل، كما يتعاونان حاليا.. فما يريده البلدان هو ألا يريان قيام دولة كردية مستقلة في الشرق الأوسط». ويأتي ذلك فيما قال الجيش التركي انه فتح النار على 21 من مقاتلي حزب العمال الكردستاني كانوا يحاولون دخول تركيا من شمال العراق. وقالت هيئة الاركان العامة التركية في بيان من موقعها على الانترنت ان قواتها فتحت النار على المقاتلين في وقت متأخر من مساء الاثنين على مسافة ثلاثة كيلومترات داخل شمال العراق، وان معظهم جرى «تحييده». ولم تذكر المزيد من التفاصيل، ولكن «تحييدهم» يعني عادة قتلهم.