رئيس البرلمان القبرصي لـ«الشرق الاوسط»: الأمل ضئيل بتوحيد الجزيرة إذا لم يتغير الموقف التركي

مسؤول في الأمم المتحدة يعرب عن تفاؤله على الرغم من اعترافه بوجود عراقيل

TT

على الرغم من التشاؤم الذي يلف قضية توحيد الجزيرة القبرصية، أعرب الامين العام للشؤون السياسية في الامم المتحدة لين باسكو أمس عن تفاؤله بالتوصل الى اتفاق حول توحيد الجزيرة المقسمة منذ ثلاثين سنة. وقال باسكو في مؤتمر صحافي في نيقوسيا مع نهاية زيارته الى الجزيرة المتوسطية: «اظن حقاً اننا على طريق سيؤدي هذه المرة الى تسوية... ستكون هناك عراقيل بالتأكيد وستحصل مشاكل لكن شعوري هو ان الاتجاه العام ايجابي جدا».

وعبر باسكو، الذي التقى خلال زيارته الزعيم القبرصي التركي محمد علي طلعت، ورئيس جمهورية قبرص ديمتريس خريستوفياس، كلا على حدة، عن اعجابه «بتفاني وعزم» الزعيمين على النجاح.

«الشرق الاوسط» كانت قد التقت رئيس البرلمان القبرصي ماريوس غارويان في نيقوسيا قبل جولة باسكو، وبعد فتح معبر ليردا بين شقي الجزيرة اليوناني والتركي، وأجرت معه حديثا مطولا قال فيه انه غير متفائل بحل قريب للأزمة القبرصية اذا استمرت المواقف التركية على حالها. واعتبر ان الازمة هي في انقرة لا في الجانب التركي ـ القبرصي. وحذر من ان القبارصة لا يملكون «ترف» الفشل للمرة الثانية في توحيد الجزيرة «لأننا اذا فشلنا هذه المرة، فسنرسل اشارة سلبية الى المجتمع الدولي مفادها اننا لسنا قادرين على التوصل الى حل للأزمة، وان الحل قد يكون بالتقسيم النهائي. وهذا ما لا نريده». وهنا نص الحوار:

* لقد وضعت القضية القبرصية على نار حامية كما يبدو من التطورات الاخيرة، فهل هناك أمل في نضج طبخة توحيد الجزيرة ؟

ـ هذه التطورات كمثل فتح شارع ليدرا في وسط العاصمة نيقوسيا، لا يعني حل الازمة القبرصية، ما زالت امامنا مسافة طويلة للحل. ما جرى يوفر اجواء ايجابية وظروفا افضل للعلاقة بين القوميتين القبرصيتين. لا اعرف ماذا ستكون الخطوة التالية، لان السؤال الاهم هو ما اذا كانت هناك ارادة سياسية للحل لدى الجانب التركي، لان المفتاح لحل الازمة القبرصية هو في انقرة وليس في الجانب التركي القبرصي. هناك العديد من القضايا التي يجب حلها، كقضية وجود القوات التركية في الجزيرة وقضية المستوطنين. انا لست متفائلا، ولست متشائما ايضا. اعتقد ان هذا الوضع يحتاج الى الصبر، ويحتاج الى الاصرار على مبادئ معينة، فنحن نريد ان يتم توحيد الجزيرة على اساس قرارات الامم المتحدة، وعلى اساس الاتفاقات التي تم التوصل اليها بين شطري الجزيرة عامي 1977 و1979، وتطبيق اتقاقية 8 يوليو (وقع في العام 2006 بين زعيمي الطائفتين في قبرص، وتحت رعاية الأمم المتحدة، أكدا فيه إيجاد دولة فيدرالية ذات منطقتين وذات طائفتين، تكون فيها مساواة سياسية).

وبالاضافة الى هذا يجب ان يأتي الحل وفقا لقوانين الاتحاد الاوروبي وقيمه. ويجب أيضا ان يكون واقعيا وقابلا للتطبيق ويراعي مصالح القوميات المختلفة التي تعيش في الجزيرة، وليس المصالح الاستراتيجية لتركيا. علينا ان نوفر الظروف لقيام دولة قابلة للحياة، وان نعمل بجهد كبير من اجل هذا الهدف.

* خلال افتتاح المعبر رفعت من الجانب التركي شعارات تطالب بـ«السلام»، هل هو سلام بين دولتين؟

ـ كلا، لا اعتقد ان هذا هو المطلوب لحل الازمة القبرصية. نحن نريد اعادة توحيد البلاد في دولة يعيش فيها المجتمعان القبرصيان. لا طريق آخر للسلام في الجزيرة، ولن نقبل بفكرة وجود دولتين، بل نحاول ايجاد تفاهم بينهما.

*هل أنتم امام فرصة حقيقية لإعادة توحيد الجزيرة؟

ـ لقد عملنا من اجل توحيد الجزيرة منذ سنوات طويلة، لسوء الحظ لم يتجاوب الجانب التركي مع تلك الجهود آنذاك. وضعت في العام 2004 الخطة المعروفة بـ«خطة انان» التي اقترحها الامين العام للامم المتحدة كوفي انان ورفضتها غالبية كبيرة في الشارع اليوناني القبرصي بلغت 76 في المائة. لقد اقترفت الامم المتحدة برأيي خطأ فادحا بمحاولتها فرض الحل على القبارصة في الشطر اليوناني. فهذه الخطة لم تراع حاجات هؤلاء وتطلعاتهم الى بناء دولة قوية وفاعلة، كما انها كانت تلبي مطالب تركيا، لا الجانب التركي ـ القبرصي. وكذلك كان هناك اتفاق 8 يوليو، الذي تم التوصل اليه مع الزعيم التركي ـ القبرصي محمد طلعت. هناك الان ضرورة لتهيئة الارض الصالحة للتوصل الى ترجمة هذا الاتفاق عمليا، على ان نضع في أولوياتنا إعادة توحيد الجزيرة وان ننشئ دولة قوية.

* هل هي الفرصة الاخيرة؟

ـ لا نملك «ترف» الفشل للمرة الثانية. لأننا اذا فشلنا هذه المرة، فسنرسل اشارة سلبية الى المجتمع الدولي مفادها باننا لسنا قادرين على التوصل الى حل للازمة، ولا نستطيع تخطي الصعاب التي تعترضنا، وان الحل قد يكون بالتقسيم النهائي، وهذا ما لا نريده. لهذا نحن نتطلع لنرى كيف ستتصرف الحكومة التركية. فاذا كانت تصرفاتها بناءة، فهذا سيعطي الدفع المطلوب لهذه المفاوضات وقد يعطي نتائج ايجابية. اما اذا بقيت انقرة متمسكة بمواقفها السابقة، فهناك أمل ضئيل بالوصول الى الحل.

* هل انتم مستعدون للقبول بحل يرتكز على دولة كونفدرالية؟

ـ كلا، نحن نريد دولة فيدرالية من منطقتين وطائفتين. نريد ان نرى دولة فاعلة تسمح لمواطنيها بالعمل والازدهار وتسهل التطور الاقتصادي والاجتماعي لمواطنيها.

* لكن يبدو أن المطلوب من الجهة الاخرى هو قيام دولة «كونفدرالية»! ـ لا اعتقد ذلك، (الزعيم القبرصي الشمالي محمد) طلعت يقول انه يؤيد دولة فدرالية. نعم كان (الزعيم الشمالي الاسبق رؤوف) دنكطاش يجاهر بالدعوة الى الحل الكونفدرالي، لكن الامر مختلف الان. المسألة الان هي في إيجاد حل فدرالي يتلاءم مع مطالب المجتمعين القبرصيين، وهذا ما نسعى الى مناقشته.

* لديكم الآن مجتمعان ولغتان مختلفتان، فهل تعتقد ان هناك فرصة لتجاوز كل ما جرى بين القوميتين بعد كل هذه السنوات؟

ـ نعم هناك فرصة. لدينا الارادة السياسية للتعاون ولأن نبني معا ازدهارنا. النية موجودة لدينا، واعتقد انه في الجانب الاخر هناك من يريد الوصول الى هذه الدولة والى مستقبل مشترك، لكن ماذا عن الموقف التركي؟ هذا ما نريد ان نراه واعتقد انه المفتاح. ففي العام الماضي كانت القوميتان تقتربان من الوصول الى اتفاق، لكن الجيش التركي تدخل فتوقف كل شيء لان انقرة لم ترد الحل. نحن نحتاج الى ممارسة ضغوط دولية على الجانب التركي من اجل تسهيل الوصول الى حل.

* أنتم تقولون انكم تعاملون القبارصة الاتراك كمواطنين، فلماذا يتم تغييبهم عن البرلمان؟

ـ هناك مقاعد ملحوظة لهم في البرلمان، لكنهم تركوا البرلمان ورفضوا المشاركة في الانتخابات، فاضطررنا لملئها لجعل البرلمان فاعلا. نحن لم نطردهم، هم تركوا البرلمان.