مرتبات زعماء العالم.. تتأثر بمستوى الفساد والقدرة الشرائية

رئيس وزراء سنغافورة على رأس اللائحة وبوش في المرتبة الرابعة

TT

قبل يومين أعلن رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون أنه سيرفض العلاوة على مرتبه هذه السنة، تضامنا مع الشعب البريطاني الذي يكافح الغلاء المعيشي يوميا، وطلب أيضا الى وزرائه رفض العلاوة السنوية التي تبلغ 1.5 بالمائة من مرتباتهم. وهكذا يبقى براون الذي يبلغ مرتبه سنويا 371.324 دولار سنويا، في المرتبة الثانية من حيث المرتبات التي يتقاضاها رؤساء اوروبا، ويسبقه في المرتبة الاولى اوروبيا رئيس وزراء آيرلندا برايان كوين الذي يبلغ مرتبه الشهري 434 ألف دولار أميركي. ويحل بعدهما، في المرتبة الثالثة أوروبيا، الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يتقاضى 346 ألف دولار، بعد الزيادة التي طالب بها بعيد انتحابه رئيسا والتي بلغت 140 في المائة والتي أثارت ضجة كبيرة داخل فرنسا خصوصا من المعارضة. وبرر ساركوزي الزيادة بالقول ان مرتبه لا يزال أقل من زعماء بريطانيا وآيرلندا. إلا ان هذه الزيادة دفعت بالرئيس الفرنسي الى المرتبة الثالثة اوروبيا، فيما دفع بالمستشارة الالمانية أنجيلا ميركل الى المرتبة الرابعة بمرتب يبلغ 318 ألف دولار سنويا. واذا كنت تعتقد ان الرئيس الاميركي جورج بوش، رئيس أقوى اقتصاد في العالم، هو الذي يتصدر رأس القائمة عالميا ويتغلب على نظرائه الاوروبيين، فانت مخطئ. فالرئيس الاميركي يتقاضى مبلغا أكبر من رئيس الوزراء البريطاني، ولكن أقل من رئيس الوزراء الآيرلندي، ويبلغ مرتبه السنوي 400 ألف دولار. ومن يتصدر المرتبة الاولى، هو رئيس وزراء سنغافورة لي هسيان لونغ، وبفارق كبير، بمرتب يبلغ أكثر من مليوني دولار سنويا. قد تثير هذه الارقام استغراب الكثيرين، وقد يظن البعض ان رئيس الولايات المتحدة هو من يجب ان يتصدر القائمة كونه رئيس أقوى اقتصاد في العالم. الا انه اذا أخذنا أمورا عدة في الحسبان، فقد يبطل العجب وتصبح هذه الارقام طبيعية. ويقول الخبير الاقتصادي اللبناني محمد زبيب إن رواتب الرؤساء لا تقاس استنادا الى حجم اقتصاد الدول فقط، بل الى مستوى المداخيل داخل كل دولة، واستنادا الى القيم الثقافية داخل كل مجتمع. فبعض المجتمعات تعتبر أن منصب رئيس الجمهورية هو فخري، وهنا لا يتقاضى الا مبلغا رمزيا. اما حين يضطلع الرئيس بمسؤوليات كبيرة ولا يكون منصبه فخريا، فيحصل على تعويض ببدل مالي جيد له.

وعادة يتقاضى الرؤساء، او رؤساء الدول، مبالغ كبيرة في دول ينتشر فيها الفساد. فيعطى رأس الدولة مبلغا مرتفعا جدا للحد من قبوله الرشوة، ويقول زبيب، إن سنغافورة هي نموذج في هذا الاطار. فسنغافورة هي بلد فيه فساد كبير وفيه نشاط اقتصادي كبير جدا، وكل رئيس لديه امكانيات ان يجمع ثروات طائلة عبر الفساد. واذا اعطي مرتبا جيدا، يخفف ذلك من احتمال ان يكون فاسدا. ويلعب مستوى المعيشة في البلدان دورا كبيرا هنا أيضا. فمستوى المعيشة في سنغافورة مثلا أعلى بكثير من مستوى المعيشة في الولايات المتحدة، وهي من بين أول خمس دول لناحية غلاء القدرة الشرائية فيها. وتدخل في الحساب أيضا الخدمات المقدمة الى الرئيس، اضافة الى معاشه، ففي الولايات المتحدة يتقاضى الرئيس مرتبه ويحصل اضافة الى ذلك على المسكن والنفقات وأمور أخرى كثيرة.

وفي لبنان مثلا، حيث يتقاضى الرئيس اللبناني مرتبا يبلغ 67200 دولار سنويا، انما يحصل اضافة الى ذلك على امتيازات أخرى كثيرة. فيقيم مثلا هو وعائلته في القصر الجمهوري، وتتكفل الدولة بدفع كل تنقلاته واتصالاته حتى الخاصة منها، ويمكنه إدخال سيارات أجنبية من دون دفع رسوم جمركية عليها، وهي رسوم مرتفعة عموما. فمرتبات الزعماء مرتبطة إذاً بالامتيازات الاخرى المقدمة له، واحيانا تتعلق بشخص الرئيس وطباعه. فقد يقرر مثلا ان يسجل مصاريفه الشخصية على حساب الدولة، او يفصلها. فالرئيس الفرنسي السابق الجنرال شارل ديغول مثلا كان يضع خطا أحمر بين حياته الخاصة والعملية. فهو لم يصطحب أبدا طباخ قصر الايليزيه الى منزله، كما انه كان يدفع فاتورة الكهرباء في جناحه الخاص في القصر الرئاسي ووضع عداد فيه لهذه الغاية. وكان يعرف عن الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا ميتران أنه كان يمزق فواتير المطاعم بعد أن يدفعها كي يثبت لمدعويه أنه لا يسجلها على نفقات القصر. ولكن في المقابل كان مقربون منه يقيمون في شقق ملحقة بالإيليزيه.