ألمانيا: جبهة للمغتربين ضد امتحان قبول التجنس

100 سؤال في «العلوم والقيم» تمتحن طالب الجنسية حول معرفته بالوطن الجديد

TT

انتقد زافتر شنار، رئيس اتحاد المهاجرين الأتراك في ألمانيا، امتحان التجنس الموحد الذي أقره وزراء داخلية الولايات الألمانية للراغبين بنيل الجنسية الألمانية. وقل شنار اول من أمس أن اتحاد المهاجرين الأتراك، الذي يمثل 2,2 مليون تركي يعيشون في ألمانيا، سيسعى لإقامة جبهة معارضة للامتحان تضم كافة ممثلي الجاليات المقيمة في ألمانيا.

وقال شنار، إن إقرار الامتحان من قبل مؤتمر وزراء الداخلية يعني أن الحكومة الألمانية غير مهتمة فعلا بدمج الأجانب في المجتمع الألماني، خصوصا أن الامتحان يأتي بعد سن قانون الأجانب الجديد الذي فرض المزيد من القيود على التجنس في ألمانيا. واعتبر شنار الأسئلة الامتحانية تعبيرا عن التمييز الذي تقيمه الحكومة بين المواطنين الأجانب المقيمين في ألمانيا.

وكان مؤتمر وزراء الداخلية الألمان قد أقر في اجتماعه الأخير في الأسبوع الماضي وضع امتحان موحد للأجانب الراغبين في الحصول على الجنسية الألمانية. وستعمل لجنة خاصة من الخبراء على وضع الأسئلة الامتحانية لاحقا مع وجود توقعات بأنها لن تكون أسهل من الامتحانات التي أقرتها الولايات التي يحكمها المحافظون في بادن فروتمبيرج وهيسن. وهي أسئلة تشمل اللغة الألمانية والتاريخ والسياسة ومحتويات الدستور والدين و«التسامح» «المسؤولية الديمقراطية»... إلخ. وتم إقرار الامتحان من قبل وزراء داخلية الولايات التي يحكمها الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الأمر الذي أثار الجدل داخل قيادة الحزب أيضا.

واتفق وزراء الداخلية على أن يتحمل المتقدم للحصول على الجنسية الألمانية تكاليف الامتحان البالغة 25 يورو. وعلى المتقدم أن يخوض بنجاح دورة تأهيلية كلفتها 400-500 يورو، وأمدها 6 اشهر، قبل أن يؤدي الامتحان. وخولت الحكومة الألمانية مؤتمر وزراء الداخلية وضع الأسئلة دون الرجوع إلى البرلمان الاتحادي (البوندستاج). وهناك أسئلة تاريخية تخص تاريخ تأسيس دولة ألمانيا الاتحادية رغم أن الخلاف بين علماء التاريخ حول هذا الموعد وإن كان بعد الحرب مباشرة، أي عام 1945، أو مع انتخاب الحكومة الأولى عام 1953. كما أن هناك أسئلة حول دور المعارضة البرلمانية رغم الخلاف بين الأحزاب الألمانية أنفسها حول مثل هذا التعريف. علما بأن ألمانيا تعاني من وجود نحو 4 ملايين شبه أمي، معظمهم من الألمان، لا تعينهم لغتهم على قراءة واستيعاب الدستور والتاريخ والسياسة.

ومن المحتمل أن تعتمد الحكومة على أسئلة وضعتها جامعة هومبولدت البرلينية في إطار تقييمها لمدى أهلية المواطن للجنسية الألمانية. ووضع أساتذة الجامعة هناك، في مشروع يهم التجنس في ولاية برلين، 30 سؤالا أساسيا، إضافة إلى أسئلة فرعية أخرى، في مختلف المجالات. وينتظر من الأجنبي في العاصمة الألمانية أن يجيب إجابة صحيحة على 16 سؤالا منها كي يحقق درجة النجاح الدنيا. وتقول وزارة الداخلية إنها اختارت الأسئلة المذكورة من بين 310 أسئلة أعدها المختصون.

وعبر شنار عن قناعته بأن الكثير من الألمان، بينهم أبناء الأجانب الذين ولدوا في ألمانيا، لن ينجحوا في هذا الامتحان، رغم وجود إمكانية لإعادته مرة واحدة. ويتفق بذلك مع النائب كريستيان شتروبلة من حزب الخضر الذي دعا لامتحان الألمان بالأسئلة، ومعرفة قدرتهم على النجاح في الامتحان، قبل إخضاع الأجانب لها.

وردت ماريا بومر، مفوضة شؤون الاندماج في البرلمان الألماني، على انتقادات شنار، وقالت إن الولايات المتحدة تخضع أيضا الراغبين في التجنس لامتحان مماثل. وهاجمت بومر، وهي من الحزب الديمقراطي المسيحي، نواب الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذين انتقدوا الامتحان، وقالت إن ممثليهم في مؤتمر وزراء الداخلية أيدوا القرار بالإجماع.

وكانت ولاية هيسن قد أعدت شروطا مشددة لقبول تجنيس الأجانب تتطلب بينها أن يخوض المتقدم دورة تثقيفية حول دستور وتاريخ وجغرافية واقتصاد ألمانيا، وأن يؤدي امتحانا في «العلوم والقيم» يشتمل على 100 سؤال. وأعد مختصون في التربية والقانون 100 سؤال في «العلوم والقيم» تمتحن طالب الجنسية حول معرفته «بالوطن الجديد». وطبيعي، سيقع على المتقدم أن يخوض دورة تثقيفية حول هذه المواضيع قبل تأديته امتحان الـ100 سؤال. واعتبر الوزير هذه الأسئلة ضمانة لدفع المتقدم على الجنسية لدراسة الدستور الألماني والاطلاع على القيم الاجتماعية والسياسية والثقافية.

وسبق لولاية بادن فورتمبيرج أن أثارت الكثير من الجدل مع المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا من خلال «كاتالوك» أسئلتها الذي شمل طالبي الجنسية الألمانية من المسلمين فقط. واعتبر المجلس مبادرة بادن فورتمبيرج استفزازية من ناحية المحتوى ومن خلال تصديها للمسلمين فقط. وتتعرض الأسئلة إلى آراء المتقدم حول قضايا شخصية حساسة مثل الحجاب والقتل غسلا للعار والتزويج القسري للبنات والموقف من المنظمات الإرهابية والعداء للسامية.

ومن المتوقع أن يتضمن الامتحان الموحد الذي أقره مؤتمر وزراء الداخلية معظم نماذج الأسئلة التي صاغها أساتذة جامعة هومبولدت ببرلين وطرحتها ولايتا بادن فورتمبيرج وهيسن. وسيستثنى من الامتحان التلاميذ تحت سن 16 سنة والمسنون الذين لا لا يملكون طاقة عقلية تؤهلهم للتعلم والامتحان.