باريس «غير متأكدة» من حضور الأسد احتفالات العيد الوطني الفرنسي أو لقائه أولمرت

مصادر إسرائيلية: الأسد قد يوافق على لقاء مع بيريس

TT

لم يتأكد حتى الآن ما إذا كانت القمة المتوسطية التي ستنعقد في باريس يوم 13 يوليو (تموز) القادم ستشهد لقاء مباشرا بين الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت. غير أن مصادر فرنسية رسمية واسعة الاطلاع قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن باريس تعمل من أجل ذلك. وبحسب هذه المصادر، فإنه حتى اليوم ليس ثمة ما يؤكد حصول القمة.

والثابت حتى الآن أن الرئيس السوري، كما قال كلود غيان، أمين عام القصر الرئاسي، الذي زار دمشق الأحد الماضي منتدبا من قبل الرئيس الفرنسي برفقة المستشار الدبلوماسي لساركوزي جان ديفيد ليفيت، سيأتي الى العاصمة الفرنسية وسيوجد فيها يومي 12 و13 يوليو. وأول من أمس، قال وزير الخارجية برنار كوشنير أمام النواب إن «الأسد وأولمرت سيكونان حول نفس الطاولة». ووفق المصادر الفرنسية التي تحدثت اليها «الشرق الأوسط»، فإن باريس تعتبر ان اجتماعا بين الأسد وأولمرت سيغير الكثير في الشرق الأوسط، وأن فرنسا حريصة على حصوله لأنها ترى أن ثمة مساحة يمكن أن تتحرك ضمنها الدبلوماسية الفرنسية والأوروبية في الأسابيع والأشهر القادمة، من أجل السلام في الشرق الأوسط. فضلا عن ذلك، ترى باريس أن تقاربا سوريا ـ إسرائيليا يمكن أن يكون عاملا مساعدا لإنجاح قمة باريس ومشروع الاتحاد من أجل المتوسط، الذي يلاقي برودة وتشكيكا من قبل عدة بلدان عربية متوسطية، بينها ليبيا والجزائر وانتقادات لمشروع يقال إن غرضه فتح أبواب البلدان العربية أمام إسرائيل.

وسيكون موضوع السلام والمفاوضات السورية ـ الإسرائيلية، واحتمال الجمع بين أولمرت والأسد محل بحث خلال الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي الى إسرائيل والأراضي الفلسطينية ما بين 22 و24 الجاري. وفي حديثه الى إذاعة «أوروبا 1» أمس، قال غيان، وهو الى حد كبير مهندس التواصل بين الأليزيه ودمشق ويعرف العديد من المسؤولين السوريين منذ أن كان مديرا لمكتب ساركوزي وزير الداخلية انذاك، إن ثمة تحديين لتطبيع العلاقات الفرنسية ـ السورية، «مستقبل لبنان» وما تنتظره فرنسا من سورية هو إقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان، ما يمكن اعتباره اعترافا باستقلاله. وما زالت باريس تقول، إن التطبيع مع دمشق لن يكون بأي حال من الأحوال لا على حساب لبنان وسيادته ولا على حساب قيام المحكمة الدولية، وهو ما يتخوف منه قسم من اللبنانيين. أما التحدي الآخر، وهو تحد كبير فيتمثل في العلاقة بين سورية وإسرائيل. وقال غيان إن «المفاوضات غير المباشرة يجب أن تستكمل»، ما يعني ضمنا انتقالها الى الشكل المباشر. وأشار غيان الى أن أولمرت نفسه قال للفرنسيين إن «القمة المتوسطية يمكن أن تشكل فرصة لاتصالات مباشرة». مضيفا «لا أعلم إذا كان ذلك سيتم. ولكن في كل الأحوال، ثمة تحد وفرنسا لها دور في البحث عن السلام وستسعى ليتم ذلك». ومع اقتراب موعد القمة، ما زالت دعوة الرئيس الأسد الى حضور احتفالات العيد الوطني الفرنسي تثير انتقادات وردود فعل سلبية سياسيا وإعلاميا. وأمس، حرص كلود غيان على نفي خبر يتكرر في الصحافة العربية منذ أيام ويفيد بأن الأسد سيكون «ضيف الشرف» في 14 يوليو. وفي هذا الإطار، نفى غيان ذلك قطعيا، واكد أن الأسد سيكون ضيفا من بين 45 أو 50 ضيفا، وأن ضيف الشرف الوحيد هو أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون. وذهب غيان ابعد من ذلك عندما قال إن الأسد سيكون في باريس يومي 12 و13 يوليو، لكنه لا يعرف ما إذا كان سيحضر احتفالات العيد الوطني والعرض العسكري والغداء الرسمي، الذي سيقيمه ساركوزي لضيوفه في 14 يوليو في قصر الأليزيه. وفي اسرائيل، أكدت مصادر عليمة ان موضوع لقاء قمة بين الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت في باريس، ما زال قيد نقاش بين دمشق وباريس وانه لم يحسم بعد.

وكانت مصادر قد أبلغت ان سورية ترفض في هذه المرحلة لقاء كهذا، لأنها لا ترى ان الظروف ناضجة. وقالت انها مستعدة للقاء قمة، ولكن في مرحلة لاحقة. وفي تقديرات لم تؤكد في رئاسة الوزراء الاسرائيلية، فإن هناك احتمالا بأن توافق سورية على لقاء بين الأسد والرئيس الاسرائيلي شيمعون بيريس، الذي يعتبر رئيسا فخريا ومن دون صلاحيات تنفيذية. فهما سيحضران لقاء في باريس في الشهر القادم، وقد خطط الفرنسيون بالتنسيق مع الطرفين على أن يجلس بيريس والأسد حول مائدة واحدة في ضيافة الرئيس ساركوزي. وكانت مجلة «الأكسبرس» قد نشرت قبل أيام خبرا مفاده أن الأسد سيجيء الى باريس قبل القمة بيوم، على ان يغادرها قبل يوم الاحتفال بالعيد الوطني ما سيقطع باب الجدل ويتفادى إحراج الطرف الفرنسي. وعلمت «الشرق الأوسط» أن رئيسا عربيا آخر على الأقل سيفعل الأمر عينه بسبب الاتهامات التي يتعرض لها نظامه في فرنسا في اطار ملف حقوق الإنسان. و في سياق آخر، نشرت صحيفة «لوموند» المستقلة في طبعتها بعد ظهر أمس تحقيقا يتضمن معلومات حول البرنامج النووي السوري والتعاون بين دمشق وكوريا الجنوبية. ويؤكد التحقيق ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية تمتلك معلومات من مصادر متعددة، تؤكد أن الموقع الذي دمرته الطائرات الإسرائيلية في منطقة الكبر السورية يوم 6 سبتمبر (ايلول) الماضي، كان يأوي مفاعلا نوويا سريا بني وفق نموذج المفاعل الكوري الشمالي في يونغ بيون. واستندت الصحيفة في تحقيقها الى معلومات الوكالة المستقاة من صور أخذت بالأقمار الصناعية من قبل عدة بلدان ومن مصادر أميركية ومن استقصاءات الوكالة نفسها حول النشاطات الكورية وشبكات تهريب التكنولوجيا النووية عبر العالم. وتصف الصحيفة، سورية بأنها ثالث بلد بعد ليبيا وإيران يسعى للحصول على السلاح النووي في المنطقة وبالتالي فإن سورية تنتهك التزاماتها بشأن معاهدة منع انتشار السلاح النووي، التي وقعت عليها في عام 1969. وتعيد «لوموند» بدء بناء معمل الكبر الى عام 2001، لكنها تؤكد أن القرار اتخذه الرئيس الراحل حافظ الأسد. وبعكس إيران وليبيا اللتين توجهتا الى باكستان للحصول على التكنولوجيا النووية، فإن سورية اختارت كوريا الشمالية. وتؤكد الصحيفة أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية وزعت في شهر أبريل (نيسان) الماضي صورة التقطت في سورية وتظهر رئيس الوكالة السورية للطاقة النووية إبراهيم عثمان بصحبة الخبير النووي الكوري الشمالي شون شيبو.