اتفاقا وقف إطلاق نار سبقا «التهدئة» الجديدة

أحدهما في 2003 والثاني في 2006

TT

يعتبر اتفاق التهدئة الذي أعلنت حركة حماس أول من أمس إنها توصلت اليه مع إسرائيل هو الاتفاق الثالث بين تل أبيب والفصائل الفلسطينية في غضون 5 سنوات. لكن الاتفاقين السابقين، اللذين اعلنا في منتصف يونيو (حزيران) 2003 و26 نوفمبر (تشرين الثاني) 2006، يختلفان في الشروط والظروف وتما بمبادرة فلسطينية وبدون رعاية خارجية. فالاتفاق الأول جاء بعد موجة اغتيالات غير مسبوقة شنتها إسرائيل ضد نشطاء حركة حماس في قطاع غزة وفي ظل عمليات تفجيرية داخل إسرائيل. ووصل الأمر بالجيش الاسرائيلي أنه كان ينفذ أربع عمليات تصفية في اليوم الواحد، وكانت معظم عمليات التصفية تتم عبر القصف الجوي التي تتميز بإلحاقها تدميراً كبيراً بمحيط الهدف المرشح للتصفية، حيث لم تكن إسرائيل قد استخدمت بعد الطائرات بدون طيار في عمليات التصفية التي تستخدم صواريخ تقلص إمكانية المس بالمحيط. وجاء هذا الاتفاق بعد أن قام العديد من فصائل المقاومة بشن عمليات تفجيرية في المدن الإسرائيلية، حيث استهدفت مدن القدس وريشون ليتسيون وبئر السبع، الى جانب مواصلة استهداف المستوطنات داخل القطاع بالصواريخ. وخلال تلك الفترة نجحت حركات المقاومة بتنفيذ عدد من عمليات التسلل الناجحة الى داخل هذه المستوطنات التي ادت الى مقتل عدد من المستوطنين والجنود، الى جانب نجاح العديد من عمليات تفجير الدبابات. الاتفاق الذي هندسه الرئيس محمود عباس (ابو مازن) اكتنفه الغموض منذ البداية حيث أن فصائل المقاومة كانت تصر على أن يعني الاتفاق وقف اطلاق النار والاعتقالات في الضفة الغربية. ومع أن اسرائيل بعد ثلاثة أيام من سريان الاتفاق قامت باغتيال ثلاثة من نشطاء حركة الجهاد الاسلامي في بلدة «قباطية» شرق جنين، أقصى شمال الضفة، إلا أن الفصائل الفلسطينية التزمت بالاتفاق، مع انها اعتبرت أن عملية الاغتيال خرق فظ للاتفاق. وواصلت اسرائيل شن عمليات الاغتيال التي تركزت في البداية ضد نشطاء الجهاد وكتائب شهداء الأقصى، ثم انتقلت لاستهداف نشطاء حماس. لكن في تلك الاثناء شعر الناس في غزة بعوائد التهدئة، وهذا ما مثل ضغطاً على الفصائل لدفعها للتجلد. لكن بعد شهر ونصف الشهر على التهدئة نفذت اسرائيل عملية تصفية لأحد قادة سرايا القدس ـ الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي وكان ضريراً، وقد تمت عملية الاغتيال بوحشية، وتحدث شهود العيان عن كيفية قيام كلاب الجيش الاسرائيلي بنهش جثة القتيل. ودفعت هذه العملية حركة الجهاد الى الرد الفوري بإطلاق الصواريخ على المستوطنات في محيط القطاع. وسرعان ما انضمت حماس التي شنت عدة عمليات مشتركة مع الجهاد وغيرها ضد أهداف اسرائيلية، كان ابرزها عملية تفجيرية في ميناء اسدود، اسفرت عن مقتل عشرة اسرائيليين وجرح عدد آخر، وعملية تسلل الى قلب مستوطنة نيتساريم اسفرتا عن مقتل عدد من الجنود.

أما اتفاق التهدئة الثاني الذي رعاه ابو مازن عام 2006 حيث كانت تسيطر حكومة حركة حماس، وبخلاف الاتفاق الأول، فإن حماس فقط التي كانت معنية بإنجاح الاتفاق لوجودها في الحكم، في حين أن بقية الفصائل لم تكن معنية بذلك من باب المناكفة. وسقط هذا الاتفاق بسرعة أكبر من الاتفاق الأول على صخرة خروقات اسرائيل في الضفة الغربية.

ويختلف اتفاق التهدئة الحالي عن الاتفاقات السابقة، من النواحي التالية:

إدراك جميع فصائل المقاومة حاجة الناس الماسة للتهدئة كآلية لرفع الحصار الخانق وغير المسبوق الذي تعرضوا لنتائجه القاسية، وبالتالي هناك احساس بأن عدم منح فرصة للاتفاق يعني المخاطرة بتأييد الجمهور.

ويفترض أن هذا الاتفاق قد تخلص من معضلة الضفة الغربية، إذ أن الفصائل تدرك الآن أن هذا الاتفاق يتم بدون أن يشمل الضفة الغربية، وبالتالي لا يمكن التذرع بعمليات اسرائيل في الضفة الغربية من اجل تبرير شن عمليات ضد التجمعات الاستيطانية في محيط القطاع.