سلة الحوافز الغربية لإيران: دور اقليمي وآلية للتشاور ومؤتمر لأمن المنطقة.. وحوار مباشر

دول المنطقة لم تستشر بشكل مباشر * مسؤول بريطاني لـ«الشرق الأوسط»: طهران لاعب كبير في المشهد السياسي بالشرق الأوسط.. وأخذنا في اعتبارنا ما قاله الإيرانيون

تاجران إيرانيان يدخنان النارجيلة في متجر بمدينة أصفهان امس، فيما بدت صورة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد (رويترز)
TT

كشفت الولايات المتحدة عن الوثيقة التي تتضمن صفقة الحوافز الجديدة المقدمة لإيران، مقابل وقف طهران تخصيب اليورانيوم بشكل دائم. وكان لافتا أن سلة الحوافز تضمنت بنودا جديدة لم ترد في المقترحات الغربية السابقة لإيران، وأغلب البنود الجديدة هذه تتعلق بمشاركة طهران في ترتيبات الأمن الاقليمي وآلية للتشاور حولها. ومن ضمن البنود الجديدة التي اضيفت لسلة الحوافز التي ما زالت الدول الغربية تنتظر ردا رسميا إيرانيا عليها، دعم مؤتمر دولي يبحث خصيصا قضايا الأمن الاقليمي في منطقة الشرق الأوسط بمشاركة إيران، وتشجيع اجراء حوار مباشر بين إيران والدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة الاميركية، ودعم إيران للعب دور بناء ومهم في الشؤون الدولية، وتشجيع الحوار والتعاون في ما يتعلق بقضايا منع الانتشار النووي، والأمن الاقليمي والقضايا المتعلقة باستقرار المنطقة. أيضا من ضمن النقاط الجديدة اللافتة في اتفاق الحوافز، العمل مع إيران ودول أخرى بالمنطقة من أجل تشجيع اجراءات بناء الثقة والأمن الاقليمي، والعمل مع إيران لمساعدة افغانستان، ويتضمن ذلك التعاون لإعادة الأعمار بأفغانستان وحماية الحدود الافغانية – الإيرانية. وفيما يبدو أن سلة الحوافز الجديدة تتضمن بنودا كانت طهران تدعو اليها سابقا، نفى المتحدث باسم الخارجية البريطانية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، ان تكون هناك بصمات أو تأثيرات إيرانية على الاتفاق الجديد. وفيما لم تعلق الخارجية الاميركية لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كانت واشنطن قد اطلعت او استشارت الدول العربية والخليج على سلة الحوافز، قال المتحدث باسم الخارجية البريطانية، إنه لم يحدث اجتماع رسمي مباشر بين مسؤولين من دول مجلس الأمن والمانيا والدول العربية والخليجية لبحث العرض المقدم لإيران، غير أنه أوضح ان بريطانيا ودولا غربية اخرى بحثت مع دول بالامم المتحدة ومنظمة عدم الانحياز الاتفاق الجديد، وان بعض الأطراف العربية على دراية بالموقف الغربي. وفيما أكد مسؤلون اميركيون وبريطانيون تحدثت اليهم «الشرق الأوسط» ان العواصم الغربية ستنتظر ردا إيرانيا رسميا على سلة الحوافز الجديدة، ولن تنظر الى التصريحات المبدئية والأولية لبعض المسؤولين الإيرانيين، قال ممثل ايران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي اصغر سلطانية، ان طهران لن تقبل ابدا بتعليق عمليات تخصيب اليورانيوم كما تطلب القوى الكبرى. واوضحت الوثيقة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أن هذا العرض الجديد للتعاون سلمه الممثل الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا الى طهران، ويقترح على النظام الايراني العودة الى الساحة الدولية بعد سنوات من العزلة بسبب برنامجها النووي. ومن التدابير الاساسية الواردة في هذا العرض، بالاضافة الى الترتيبات الامنية والسياسية، امكانية حصول طهران، اذا وافقت عليه، على مساعدة لبناء مفاعل يعمل بالمياه الخفيفة ويستفيد من التكنولوجيا المتطورة، وضمانات قانونية تلزم الاطراف بتسليمها الوقود النووي اللازم. وسيستفيد النظام الايراني ايضا من دعم على صعيد البحث والتطوير في مجال الطاقة النووية، مع عودة الثقة الدولية بايران تدريجيا. وتؤكد الدول الست في عرضها وهو نسخة منقحة من عرض سابق قدم في يونيو (حزيران) 2006، استعدادها لمساعدة ايران على ان تضطلع بدور مهم وبناء في الشؤون الدولية، ودعم عقد مؤتمر حول القضايا الامنية الاقليمية.

ويؤكد العرض الذي قدمته الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا) والمانيا، ان حل المسألة النووية الايرانية من شأنه ان يساهم في تحقيق الهدف الذي يقضي بقيام شرق اوسط خال من اسلحة الدمار الشامل. ومن التدابير المقترحة ايضا، تقديم دعم لتطبيع العلاقات الاقتصادية والتجارية لايران مع العالم، من خلال مساعدة طهران على العودة الى الهيئات الدولية، ومنها المنظمة العالمية للتجارة. وتهدف بعض الاجراءات الى تمكين ايران من تحقيق الاكتفاء الذاتي على الصعيد الغذائي. كما ينص العرض على امكانية رفع القيود على تصدير الطائرات الى ايران وتقديم مساعدة حتى تتمكن من الحصول على الوسائل التي تعينها لمواجهة الكوارث الطبيعية كالهزات الارضية. وتؤكد الاطراف الستة في وثيقتها استعدادها «للاعتراف بحق ايران في تطوير ابحاث وانتاج واستخدام الطاقة النووية لغايات سلمية طبقا للبنود الملزمة لمعاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية». كما تؤكد استعدادها للتعاطي مع البرنامج النووي الايراني بالطريقة نفسها التي تتعامل فيها مع برامج الدول الموقعة للمعاهدة بعد عودة الثقة الدولية في الطبيعة السلمية حصرا للبرنامج النووي الايراني. وحول هل أطلعت دول مجلس الأمن والمانيا، التي صاغت سلة الحوافز، الدول العربية او منطقة الخليج العربي على سلة الحوافز الجديدة المقدمة لإيران، قال المتحدث باسم الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» ان اتفاقية الحوافز نوقشت وصيغت أساسا بين دول 5 زائد واحد (دول مجلس الامن اميركا وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين، بالاضافة الى المانيا)، غير أنه تابع: «لكن عموما دول مجلس الامن والمانيا تشاورت بشكل موسع حول سلة الحوافز سواء مع دول في الشرق الأوسط أو مع دول أخرى لديها اهتمام بالموضوع، أنها عملية متواصلة. لا أعتقد أن دول مجلس الامن زائد المانيا جلست كلها معا مع الدول المجاورة لإيران لمناقشة سلة الحوافز، لكننا ومنذ عدة شهور في لندن نبحث محتوى الاتفاق مع عدد من الهيئات والمنظمات، من بينها الامم المتحدة والدول الأطراف في معاهدة منع الانتشار النووي ودول عدم الانحياز. حدثت مناقشات كثيرة حول البرنامج النووي الإيراني. وبالامانة لسنا نحن وحدنا في لندن من بحثنا الاتفاق مع أطراف أخرى، فباقي دول مجلس الامن والمانيا بحثت الاتفاق مع اطراف أخرى. وأعتقد ان آراءنا معروفة لشركائنا العرب. فالكثير من الدول العربية جزء من منظمة دول عدم الانحياز التي تهتم كثيرا بقضية منع الانتشار النووي. وكان لافتا أن الكثير من النقاط الجديدة التي أضيفت لسلة الحوافز الإيرانية متعلقة خصيصا بدعم مشاركة إيران في قضايا الامن الاقليمي والدولي، وعقد مؤتمر دولي يخصص لبحث مسائل أمن الشرق الأوسط بمشاركة طهران، وهي كلها شروط كانت السلطات الإيرانية قد قالت إنها أساسية للوصول لأي تسوية لأزمة الملف النووي تتضمن وقفا إيرانيا مؤقتا وليس دائما للتخصيب، غير ان المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية نفي ان تكون سلة الحوافز صيغت تأثرا بالمطالب الإيرانية، أو أن هناك بصمات او تأثيرات إيرانية عليها، موضحا في الوقت ذاته ان سلة الحوافز الجديدة أخذت في اعتبارها ما دار خلال الاشهر الماضية من مفاوضات بين سولانا وسعيد جليلي مسؤول الملف النووي الإيراني الحالي، وعلي لاريجاني مسؤول الملف النووي الإيراني السابق. وأضاف المسؤول البريطاني لـ«الشرق الأوسط»: «أولا لم يتم توزيع سلة الحوافز بشكل واسع، والإيرانيون لم يعرفوا بكل محتويات الحوافز الجديدة إلا عندما سلم اليهم الخطاب الذي يتضمن السلة الجديدة».

وحول كيف يمكن تفسير وجود بنود جديدة في اتفاقية الحوافز تنسجم مع مطالب إيرانية سابقة، من ضمنها مطالب أمنية، أوضح المسؤول البريطاني، غير المخول نشر اسمه: «ليس هناك تأثير إيراني على سلة الحوافز. فسلة الحوافز في نهاية المطاف هى نتاج دول مجلس الأمن زائد المانيا. لكن من الواضح أنه لصياغة سلة الحوافز اخذت الدول المعنية في اعتبارها ما قاله الإيرانيون في مباحثاتهم منذ عام 2006. لكن هذا لا يعني أبدا أن البنود الموجودة في سلة الحوافز اليوم جاءت بتأثيرات إيرانية. فمثلا فيما يتعلق بالترتيبات الأمنية الاقليمية في سلة الحوافز، لا ينبغي ان ننسي أن إيران دولة كبيرة ولاعب كبير في المشهد السياسي بالشرق الأوسط، ولها دور تلعبه في ترتيبات الأمن الاقليمي، لديها جيران في المنطقة، وتعيش في هذا الجوار بالشرق الأوسط. ما نريد أن نراه هو أن يكون نفوذ وتأثير إيران في المنطقة ايجابيا». ويبدو أن سلة الحوافز الجديدة ستحتاج الى مزيد من المناقشات بين دول مجلس الامن والمانيا ودول المنطقة وإيران، إذ ان الكثير من بنودها، خاصة ما يتعلق بالترتيبات الأمنية، كانت عمومية بدون تفاصيل، ومن بين تلك البنود البند الذي ينص على عقد مؤتمر لبحث قضايا الأمن الاقليمي بمشاركة إيران، اذ لم تتضمن سلة الحوافز تحديدا لقضايا الامن الاقليمي هذه، وهل تشمل العراق ولبنان وافغانستان فقط مثلا، أم تتطرف لأمن الخليج والجزر الاماراتية الثلاث. ورفض المتحدث باسم الخارجية البريطانية اعطاء اي تفاصيل حول هذه النقطة، موضحا: «لن أستبق الامر للحديث حول اي موضوع او أي جدول أعمال. ففي هذه المرحلة ما قدمناه هو عرض ما زال ينتظر ردا رسميا إيرانيا عليه. إيران لم ترد علينا بعد، لم توافق عليه، كما لم ترفضه ايضا. الحكمة تقتضي ان نعبر الجسر عندما نأتي اليه، بمعنى اخر سيتم تحديد القضايا الأمنية التي ستناقش مع الإيرانيين عندما يقبلون عرض الدول الخمس زائد واحد». وحول هل تعتقد دول مجلس الأمن زائد المانيا أن طهران سترفض العرض بعد تصريحات مبدئية من عدة مسؤولين إيرانيين، أن طهران لن تقبل اي عرض دولي يقوم على وقف تخصيب اليورانيوم بشكل دائم، قال المتحدث باسم الخارجية البريطانية: «دعونا ننتظر ونرى رد الفعل الإيراني الرسمي. هناك الكثير من التقارير في وسائل الاعلام، وتعليقات نسبت الى مسؤولين إيرانيين، لكن الحقيقي هو أنه لم يصلنا بعد اي رد فعل رسمي من إيران. نأمل في ان تنظر إيران في العرض بشكل جدي وسريع». من ناحيته، قال دانيل ديل كاستيلو نائب رئيس وحدة الشرق الأوسط بالخارجية الاميركية، ان عرض الدول الخمس زائد واحد سلم لإيران يوم السبت الماضي، بحضور المديرين السياسيين بوزارات الخارجية في بريطانيا وفرنسا والمانيا وروسيا والصين، موضحا أن إيران قبلت النظر في سلة الحوافز، وان دول مجلس الامن والمانيا بانتظار الرد الإيراني على المقترحات الجديدة. وأوضح كاستيلو لـ«الشرق الأوسط»، ان سلة الحوافز الجديدة تسمح لإيران بتطوير برنامجها النووي للاستخدام السلمي. وتابع: «نحث الإيرانيين على بحث محتوى صفقة الحوافز الجديدة، التي ستكون مفيدة للشعب الإيراني», مشددا على أن رفض إيران لسلة الحوافز سيعني فرض المزيد من العقوبات.