ردود فعل رافضة لطرح عون تعديل صلاحيات رئيس الحكومة.. من المعارضة والموالاة

كرامي: الافتئات على حقوق الطائفة السنية سيؤدي إلى تفجير الوضع * الحص: الإخلال باتفاق الطائف قد يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها * دندشي: الجنرال لم يستفق بعد من كابوس اعتلاء غيره سدة الرئاسة

TT

أثار طرح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون اول من امس تعديل صلاحيات رئيس مجلس الوزراء كما كرسها اتفاق الطائف، ردود فعل رافضة من شخصيات وقوى سياسية في الموالاة والمعارضة، وكان ابرزها من رئيس الحكومة السابق عمر كرامي، احد اركان المعارضة، اذ اعتبر ان الافتئات على حقوق الطائفة السنية سيؤدي الى تفجير الوضع. وشدد على انه من غير الوارد لدى الطائفة السنية ان يعود رئيس مجلس الوزراء «باش كاتب» عند احد. فيما قال الرئيس السابق للحكومة سليم الحص ان الاخلال باتفاق الطائف قد يؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها. أما عضو كتلة «المستقبل» النائب عزام دندشي فأسف «للدرك الخطير والمستغرب الذي اوصل العماد ميشال عون نفسه اليه» معتبراً انه «لم يستفق بعد من كابوس رؤية شخص غيره يعتلي كرسي الرئاسة الاولى».

عقد الرئيس كرامي مؤتمرا صحافيا في منزله في طرابلس رد فيه على عون. وقال: «فوجئنا بالذي تحدث به (عون) عن صلاحيات رئيس مجلس الوزراء ووجوب تعديلها، لأسباب عدة أولها، هذا الجو الطائفي والمذهبي المحتقن في البلد، وثانيها، مخالفة ذلك لاتفاق الطائف. وثالثها، المس بصيغة العيش المشترك. ونحن نبهنا منذ البداية منذ مؤتمر الدوحة وإقرار قانون 1960 الى ان هذا الأمر سيوجد فيدراليات طائفية وأنه في الانتخابات النيابية ستكون هناك تصريحات لا يتحملها المجتمع اللبناني الطائفي والمذهبي، لأنها ستزيده اشتعالا وتطرفا». وأضاف: «نحن نود أن نقول ان صلاحيات رئيس الوزراء خصوصا في النقطة التي أثارها العماد عون في ما يختص بهيئات الرقابة، يعني المجلس التأديبي والتفتيش المركزي وديوان المحاسبة. ورئيس الوزراء كما نص اتفاق الطائف والدستور، هو الذي يتابع تنفيذ قرارات مجلس الوزراء، وهو الذي ينسق بين الوزارات. وطبعا هو المسؤول الأول باعتباره رئيسا لمجلس الوزراء... وتبين من الكلام (عون) أمس كأنه كلام طائفي. ونحن دائما نسمع في التصريحات من هنا وهناك يوميا عن صلاحيات رئيس الجمهورية واسترجاعها، وعن حقوق المسيحيين. ونحن دائما كنا نقول ان الطائف ليس مقدسا، ومع ذلك لم يطبق بالكامل. وفي التطبيق تبين أن هناك ثغرات يجب تعديلها. ولكن كل ذلك ضمن الحفاظ على حقوق كل الطوائف وعلى التوازنات في كل الطوائف. وأنا أقول صراحة إن هذا الكلام على صلاحيات مجلس الوزراء جاء وكأن كل المطلوب أن يعود رئيس مجلس الوزراء باش كاتب وأن تؤخذ كل الصلاحيات التي اكتسبت من خلال اتفاق الطائف. وأنا أقول بكل صراحة ان هذا غير وارد على الاطلاق... ونحن نريد أن ننبه الجميع، ونكرر إلى هذا الظرف الدقيق الذي نمر فيه وإلى هذه الحساسيات التي باتت واضحة للجميع، وإلى أنه لا يمكن على الإطلاق أن يكون هناك افتئات لحقوق طائفة على حساب حقوق أخرى لأن ذلك سيؤدي إلى تفجير الوضع».

من جهته، اعتبر رئيس الحكومة السابق سليم الحص مطالبة عون بتعديل صلاحيات رئيس الحكومة «كلاما في غير محله لأن هذه الصلاحيات هي نتاج عملية وفاقية شاقة تمت في الطائف، والاخلال بها قد يؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها». واستغرب «التطرق الى هذا الموضوع في وقت يواجه فيه لبنان تعقيدات شديدة نحن في غنى عن المزيد منها».

وقال الحص لـ«الشرق الأوسط»: «ان تعديل الدستور عملية يجب ان لا يستهان بها وخطوة تفتح الباب واسعا امام مواضيع أخرى تشكل عائقا امام السير قدما في تشكيل الحكومة ودخول لبنان في أزمة خطيرة». واعتبر أن «هذا الطرح يشكل اعتراضا على دستور الطائف الذي أناط مهمة السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء بعدما كانت من مهمة رئاسة الجمهورية». وقال: «كأنهم من خلال التطرق الى هذا الموضوع يحاولون القول إن صلاحيات رئيس الحكومة هي كثيرة ولا بد من التقليل منها، مع العلم أن هذه المهمة ليست محصورة فقط بشخص رئيس الحكومة الذي يوقع على قرارات الحكومة، بل بعد موافقة مجلس الوزراء مجتمعا».

وحول الموضوع نفسه، قال عضو كتلة «المستقبل» النائب عزام دندشي انه يأسف «للدرك الخطير والمستغرب الذي أوصل العماد ميشال عون نفسه إليه بسبب التحالفات الكرتونية والدون كيشوتية التي نسجها مع قوى الأمر الواقع في 8 آذار، فمنحها كل ما تبقى له من رصيد سياسي في حين خذلته وتخلت عنه في ظروف حرجة جدا وتركته وحيدا يطلق نيران غضبه يمينا ويسارا لتخريب كل الاتفاقات والحلول بعدما أدرك تفاصيل المخطط الذي جر إليه ليكون واجهة وغطاء يشرع جميع الأعمال المخلة بالأمن والمخالفة للدستور والسلم الأهلي ولكل الأعراف». ودعا كل القوى إلى «استيعاب عون وتقدير الظروف التي أحاطت به» معتبراً «أن الجنرال صاحب المقولة الشهيرة: أنا أو لا أحد، لم يستفق بعد من كابوس رؤية شخص غيره يعتلي كرسي الرئاسة الأولى، في وقت ما زال يستخدم فيه كجسر عبور إلى المكاسب السياسية التي يجنيها حلفاؤه وحدهم ويبقونه بيضة قبان سياسية لحرق اسمه وإظهاره بصورة الرافض والمعرقل لكل الاتفاقات، وذلك بعدما أيقنوا عبئه عليهم وعدم حاجتهم إليه بعد الاجتياح المسلح والإرهابي الذي قاموا به والاعتداءات الجبانة التي مارسوها على البيوت والآمنين والمؤسسات التعليمية والاجتماعية». ونصح دندشي عون بـ«أخذ عطلة قصيرة يعيد فيها حساباته، لأن ما يمارسه من إطلاق سهام على الرئاستين الأولى والثالثة والاستمرار في التهجم عليهما والتكلم عن المس بالصلاحيات وتغيير المواثيق الوطنية، لن يعود عليه سوى بحرق جميع الأوراق المتبقية له شعبيا «.

ورفض «المؤتمر الشعبي اللبناني» دعوة النائب عون الى «تعديل صلاحيات رئيس الحكومة» ودعا الى «تطببيق كامل وشامل ودقيق لبنود هذا الاتفاق. واذا اقتضت الحاجة لأي تعديل، بعد التطبيق، يطرح هذا الموضوع ضمن حوار وطني شامل، وليس في اطار فئوي يستهدف العودة بالنظام اللبناني الى صيغته القديمة التي لم تولد سوى الكوارث».

وقال رئيس مجلس امناء «الانقاذ الاسلامي» محمد علي ضناوي: «ان المعارضة اطلت علينا بما سبق ان طرحته مواجهة او مواربة وهو تعديل دستور الطائف، فلما فشلت استغلت ميثاق الدوحة لتفجير الوضع السياسي في الوقت المناسب. وجرى تفويض الجنرال عون ليعقِّد تشكيل الحكومة بدل ان يحل عقدها». واكد ضناوي «ان صلاحيات رئيس مجلس الوزراء ومهامه ومدة ولايته يجب ان تعزز بدل ان يفتأت عليها».

وابدى رئيس «حركة التغيير» ايلي محفوظ بعد لقائه البطريرك الماروني نصر الله صفير امس، تخوفه من «الاستمرار في عرقلة تشكيل الحكومة بهدف اضعاف موقع رئيس الجمهورية ودوره في الحكم». وقال: «ان نائباً يضع شروطاً على حصة رئيس الجمهورية ويحدد نوعية الوزراء واسماءهم وطائفتهم وقاحة لا حدود لها وخطة واضحة لاضعاف دور رئيس الجمهورية وموقعه». ورأى انه «اذا تشكلت هذه الحكومة كما يريدها هؤلاء وان كانت من موالاة ومعارضة فستشهد صراعاً داخل مجلس الوزراء لا يخدم مصلحة لبنان ابداً». واستقبل البطريرك صفير رئيس «الحركة اللبنانية الحرة» بسام خضر آغا الذي وزع عقب اللقاء بياناً جاء فيه: «نحذر من يريد المس بصلاحيات رئيس الحكومة من انه غير مسموح البحث في هذا الموضوع لا اليوم ولا غداً. وكذلك بالنسبة الى صلاحيات رئيس الجمهورية لان هذا الطرح هو مس باتفاق الطائف الذي اصبح دستوراً».