السودان: بدء محاكمة عناصر «العدل والمساواة» على خلفية الهجوم على أم درمان

استبعاد عنصر إلى محاكم الأطفال.. وحركة العدل تعتبرها محاولة جديدة لإبادة أبناء دارفور

جانب من جلسة إحدى المحاكمات، التي جرت في محكمة الخرطوم شمال («الشرق الأوسط»)
TT

بدأت أمس في العاصمة الخرطوم، محاكمة 39 متهماً بالضلوع في الهجوم الذي نفذته حركة العدل والمساواة المسلحة في دارفور على مدينة ام درمان، في العاشر من مايو (أيار) الماضي، وهو ما اصبح معروفاً في الخرطوم بـ«غزوة ام درمان»، وسط اجراءات أمنية مشددة شاركت فيها المئات من قوات الشرطة، ضربت أطواقا أمنية على ثلاث محاكم تجري فيها المحاكمات تختص بقضايا الارهاب. ورفضت حركة العدل والمساواة هذه المحاكم، ووصفتها محاولة جديدة لإبادة ابناء دارفور.

وأغلقت بعض الشوارع المؤدية للمحاكم التي جرى توزيعها على المدن الثلاث: الخرطوم، ام درمان، الخرطوم بحري، فيما فتحت المحاكمات لأجهزة الاعلام، كما سمح لذوي المتهمين بحضور الجلسات. وأبدى بعض المتهمين رفضهم لتصويرهم من قبل الأجهزة الإعلامية، ووافق القضاة على طلبهم. وبدت جلسات المحاكم الثلاث اجرائية الطابع، وقدمت هيئات الدفاع في القضية خطب الادعاء، طالبت المحكمة بإيقاع أقصى العقوبات على المتهمين، وقالت: ان «أبلغ ما يوصف به المتهمون هو انهم بلا رحمة». وقال بابكر عبد اللطيف رئيس هيئة الادعاء في المحكمة الخاصة، بالخرطوم شمال، ان «المتهمين اقدموا على تنفيذ مشروع اجرامي ارهابي، يدعو الى ترويع الناس والاضرار بالمنشآت العامة.. وابلغ ما يوصف به هؤلاء المتهمون انهم بلا رحمة.. ولكننا رغم بشاعة وغرابة الجريمة، وفرنا لهم كل الضمانات الدستورية للمتهمين».

وكشف عن ان اثنين من جملة 11 من المتهمين في محكمة الخرطوم شمال غير سودانيين: «احدهم تشادي والثاني كاميروني، الى جانب سودانيين جمعت بينهم روح المغامرة والارتزاق». وتعهد مامون مكي حامد رئيس الادعاء في محكمة ام درمان، التي تحاكم 13 متهما بتقديم الوثائق واقرارات المتهين والشهود التي بموجبها يتم توجيه الاتهام للمتهمين في الجلسات المقبلة.

وفي احدى المحاكم أبعدت المحكمة احد المتهمين من القضية، بعد ان ثبت لها انه لم يبلغ الحلم، وامرت بإحالته الى المحاكم المختصة بالأطفال. ورفضت المحكمة طلبا من المحامي كمال عمر وهو أمين الدائرة القانونية في حزب المؤتمر الشعبي بزعامة الدكتور الترابي، للدفاع عن احد المتهمين، بعد ان ثبت للمحكمة انه غير مسجل في سجل المحامين، وفقا لكشف تقدمت به هيئة الاتهام في القضية للمحكمة. وطلب من بعض المتهمين احضار محاميهم في الجلسة المقبلة، فيما وافق متهمون بتعيين محامين لهم من وزارة العدل.

وكانت حركة العدل والمساواة قد شنت هجوما عسكريا على مدينة ام ردمان في العاشر من مايو الماضي، اسفر عن مقتل العشرات وتدمير الكثير من المنشآت. وكان وزير العدل السوداني عبد الباسط، قد كشف امام البرلمان عن وجود 83 مستندا تحمل اسماء المتورطين في الأحداث وخلاياهم النائمة، ستقدم الاسبوع القادم للمحاكم الخاصة التي شكلت للمتهمين. واشار الى ان الاتهام في القضية تسلم اكثر من 57 متهما من جملة 197 متهما، وتم التحري مع 181 منهم، وسيقدمون الى ثلاث محاكم أخرى. وقال ان جهاز الأمن والمخابرات الوطني قد وضع يده على بعض من الخلايا النائمة.

من جهتها رفضت حركة العدل والمساواة بزعامة الدكتور خليل ابراهيم، هذه المحاكمات، ووصفتها بمحاكم لإبادة ابناء دارفور. وقال الناطق باسم الحركة احمد حسين لـ«الشرق الأوسط»، ان «المحاكم غير مؤهلة قانونياً للنظر في تلك القضية»، واضاف «تمثل محاكم ابادة جماعية جديدة وبطريقة عنصرية على ابناء دارفور»، مشيراً الى تعرض الذين تحت قبضة الأجهزة الأمنية الى التعذيب الوحشي وجلهم لا علاقة لهم بعملية ام درمان، التي نفذتها حركته. وتابع «هذا دليل آخر من الادلة التي تثبت حديثنا والمجتمع الدولي بأن القضاء السوداني غير راغب، وليس لديه القدرة في محاكمة الذين ارتكبوا جرائم في دارفور»، وقال ان السلطة القضائية في السودان تخضع الى الأجهزة الأمنية والسلطة السياسية، ولمجموعة صغيرة تقف من الجهة الاخرى ضد ارادة الشعب السوداني. وقال حسين ان حركته «لن تعترف بقرارات المحاكم» التي تم تشكيلها، والتي تصل اقصى عقوبة فيها إلى الاعدام.