نوعم شليط يلجأ للمحكمة العليا لإلغاء «التهدئة» قبل الإفراج عن ولده

أولمرت يؤكد أن قضية الجندي الأسير جزء من الاتفاق

TT

في الوقت الذي دخل فيه اتفاق التهدئة بين اسرائيل وحركة حماس حيز التنفيذ، في الساعة السادسة من صباح أمس، كشف النقاب ان نوعم شليط، والد الجندي الاسرائيلي الأسير في قطاع غزة، جلعاد، قرر التوجه الى محكمة العدل العليا في القدس طالبا منها اتخاذ قرار بإلغاء هذا الاتفاق. فقد اعتبر شليط الاب ان الاتفاق غير قانوني لأنه ينطوي على نكث رئيس الحكومة، ايهود أولمرت، بوعوده له بألا يتم أي اتفاق مع حماس من دون تضمينه بندا حول اطلاق سراح ابنه.

وكان شليط الاب قد استهل اجراءاته القضائية ضد التهدئة، برسالة وجهها باسمه ثلاثة محامين، الليلة قبل الماضية، الى كل من أولمرت ونائبيه، وزيرة الخارجية، تسيبي لفني، ووزير الدفاع، ايهود باراك، يسلسلون فيها قصة وقوع جلعاد شليط في الأسر الفلسطيني في يونيو (حزيران) 2006 وهو جريح في يده اليسرى وكتفه. ويشيرون الى ان والد الأسير اجتمع خلال هاتين السنتين ست مرات مع أولمرت وثلاث مرات مع باراك، وخلال هذه الاجتماعات أكدا له بشكل قاطع انه لا يمكن لهما أن يوافقا على أي اتفاق مع حماس من دون ضمان اطلاق سراح ابنه. وكتب محامو شليط انه يخشى من أن تكرر الحكومة الحالية أخطاء سابقاتها من الحكومات الاسرائيلية، التي أدت الى اختفاء الطيار الأسير في لبنان، رون أراد، الذي لا يعرف ذووه عنه شيئا منذ 21 عاما، رغم انه كان سليما معافى عند أسره، فإنهم لا يعرفون اليوم إن كان ابنهم حيا أو ميتا. وقالوا في الرسالة ان شليط يخشى من مصير مشابه لابنه.

واعتبروا هذا الاتفاق اجراء غير قانوني، إذ انه ينقض تعهدات رئيس الوزراء ويتناقض مع مواقف غالبية الوزراء في الحكومة ويتنكر لأهم مبدأ في الجيش الاسرائيلي ولأهم قيمة في الديانة اليهودية، بذل كل جهد في سبيل تحرير الجنود الأسرى مهما يكن الثمن باهظا.

وأثارت رسالة شليط فزعا في الحكومة من خطر تجاوب المحكمة، خصوصا وان هناك توترا شديدا في العلاقات بين أولمرت وبين الجهاز القضائي في اسرائيل.

فخرج أولمرت بتصريحات «مهرولة» قال فيها ان موضوع شليط هو جزء لا يتجزأ من اتفاق التهدئة. ثم أرسل المفاوض الرئيسي باسم اسرائيل مع حماس، الجنرال عاموس جلعاد، رئيس الطاقم السياسي الأمني في وزارة الدفاع، ليؤكد ذلك. وقال جلعاد في عدة مقابلات صحافية أمس ان هناك شرطا واضحا وضعته اسرائيل في التفاهمات على التهدئة ينص على ان لا يعاد فتح معبر رفح قبل أن يعود شليط الى بيته وأهله. وأوضح الجنرال جلعاد أيضا ان اتفاق التهدئة جاء في الأصل بسبب قضية شليط وبهدف اطلاق سراحه وانه لولا وجود شليط في الأسر لما توصلت اسرائيل الى تفاهمات مع تنظيم ارهابي مثل حماس. واضاف: «لقد توصلنا الى قناعة بأنه فقط بالتهدئة يمكن اطلاق سراح شليط». وانه «كان بالامكان أن يقوم الجيش الاسرائيلي بعملية اجتياح واسعة الى قطاع غزة لتحطيم قوة حماس العسكرية وتصفية قادتها واسقاط حكمها لتحقق انتصارا ساحقا على الاسلام السياسي الفلسطيني، يكون درسا لكل أنظمة العالم الحر ولكل مكافحي الارهاب في العالم، ولكن مثل هذه العملية ما كانت لتضمن اطلاق سراح شليط. وفي سبيل الحفاظ على حياته واعادته سالما الى أهله، فضلت حكومة اسرائيل وجيشها خيار التهدئة، كونه الخيار الأفضل والأقرب لاطلاق سراحه».

وقال أولمرت في تصريحه المذكور انه لا توجد أوهام لدى اسرائيل بأن التهدئة ستدوم طويلا مع حماس، بل يدرك تماما بأنها «قابلة للكسر في أية لحظة». ولكن حماس هي التي طلبتها بسبب الآثار الخانقة للحصار الاقتصادي وللضربات العسكرية التي نفذتها اسرائيل ضدها. وما كان بالإمكان رفض الطلب، أولا بسبب شليط وثانيا لأن اسرائيل تريد أن تثبت للعالم أنها ليست راغبة في استخدام ما لديها من قوة لتنفيذ عمليات حربية. وإنها لا تفوت فرصة لحقن الدماء وتفادي التوتر العسكري. وعاد أولمرت ليهدد حماس وغيرها من التنظيمات الفلسطينية ويحذرها من مغبة خرق التهدئة وحملها مسؤولية أي تدهور يحصل من جراء ذلك. وتواصلت النقاشات الداخلية في اسرائيل حول مدى نجاعة التهدئة، وسط تأكيد أكثرية الوزراء والنواب من الائتلاف والمعارضة على انها تمنح القوة لحماس. ولكن هناك من رآها بصورة ايجابية أيضا، وأبرزهم رجل الدين اليهودي المعتدل، الحاخام ميخائيل ملكيئور، عضو الكنيست عن حزب العمل، الذي دعا الجمهور والسياسيين الى الابتعاد عن التصريحات العربيدة والتهديدات الحربية.