فلسطينيو الضفة مرتاحون للتهدئة ومنقسمون حول «تنازلات» حماس

وزير في حكومة فياض: الحركة تسعى لتثبيت دعائم حكمها

جندي اسرائيلي يحرس في يوم التهدئة في غزة, معتقلين فلسطينيين معصوبي العينيين في مدينة قلقيلية شمال غربي الضفة الغربية امس (ا ب)
TT

ينظر فلسطينيو الضفة الغربية الى اتفاق التهدئة في قطاع غزة بكثير من الارتياح والتفاؤل، اذا ما كان سيرفع المعاناة فعلا عن الشعب المحاصر هناك، وان كان بعضهم يرى في الاتفاق تعزيزا لحالة الانقسام السياسي. وحتى اولئك الذين ينتمون لحركة فتح التي تنتقد بشدة سياسات حماس، فانهم يرون في الاتفاق مكسبا لاهالي القطاع. رغم ان بعضهم هاجم قيادة حماس التي «وقعت اليوم على ما كانت ترفضه وتعطله قبل ذلك». اما السلطة الفلسطينية فانها رسميا ايدت الاتفاق، وقالت انها بذلت جهودا لانجازه. لكن قادتها ما انفكوا يتهمون حماس بانها تسعى سريعا لمصالحة الاسرائيليين من اجل تثبيت حكمها، في الوقت الذي ترفض فيه مصالحتهم. وهي بالضبط نفس التهمة التي توجهها حماس للسلطة الفلسطينية. وفي الضفة الغربية، استمر الجيش الاسرائيلي، امس، في تنفيذ حملات الاعتقال لناشطين ومطلوبين له. وقال الاهالي في تندر، «ان التهدئة لا تشملهم بطبيعة الحال».

ويرى امجد عبد الرحمن، وهو مهندس اتصالات، ان حماس انتصرت بعد عام من الحصار. اذ يعتقد انها بوقفها للاعتداءات الاسرائيلية ورفع الحصار، «تكون قد حققت انجازا كبيرا من دون اي تنازلات مؤلمة تمس الثوابت». وتتفق هبه حمد، اخصائية في علم النفس، مع عبد الرحمن، وترى ان حماس لم تقدم اي تنازل او تعترف باسرائيل، مقابل رفع الحصار. واضافت «اعتقد ان اهالي القطاع تعبوا. ويجب ان يوضع حد لهذه المعاناة الانسانية، وهو ما فعلته حماس». لكن حمد ترى في الاتفاق كذلك، تعزيزا لحالة الانقسام السياسي، قائلة «كأننا في دولتين فعلا.. هناك تهدئة.. وهنا اعتقالات ونار». وبرغم ارتياحها لانتهاء «المعاناة الانسانية»، الا انها تشكك في صمود التهدئة طويلا وتابعت «اليهود ليس لهم عهود وجربناهم قبل ذلك».

وبخلاف عبد الرحمن وحمد، يرى عبد المنعم وهدان، وهو مسؤول في مؤسسات شبابية غير حكومية، ان حماس بهذا الاتفاق «اعترفت باسرائيل» اذ «لا يمكن عقد اتفاق مع جهة لا تعترف بها»، معتبرا ان حماس والقيادة الفلسطينية برمتها، واهمون اذا اعتقدوا انه يمكن عقد صلح مع الاسرائيليين. متهما الحركة الاسلامية بانها «قبلت اليوم ما كانت ترفضه وتعطله قبل ذلك». واضاف «انا مقتنع ان حماس تغيرت، انها حركة براغماتيه وليست دينية كما تقول».

ولا يرى وهدان في الاتفاق انتصارا لحماس، بقدر ما يرى فيه تخبطا اسرائيليا، قائلا «القصة ان الاسرائيليين ليس لديهم برنامج الان». اما حول فرص نجاح التهدئة فيقول «ستسقط، قطعا ستسقط قريبا». وفي الوقت الذي رحبت فيه السلطة بتهدئة القطاع، قائلة انها ستخفف الضغط والعبء عن الشعب المحاصر هناك. الا ان وزير التخطيط والتعاون الدولي سمير عبد الله يرى بان التهدئة كانت «صفقة سعت لها حماس مبكرا منذ نجحت في الانتخابات التشريعية وذلك بهدف تثبيت دعائم حكمها في السلطة التي حاربتها ورفضتها طويلا قبل ذلك». وقال عبد الله لـ«الشرق الاوسط» منذ اول يوم سعت حماس لصفقة طويلة الامد مع اسرائيل لاخذ فرصة لتثبيت حكمها في غزة مقابل هدنة». وبحسب عبد الله فقد كانت هناك «اتصالات مختلفة» بهذا الصدد في مسعى من حماس لتبيت تهدئة. واضاف «الاولية عند حماس هي تثبيت الحكم». ويدلل وزير التخطيط على ذلك، بتوظيف الحركة للالاف من عناصرها في غزة منذ سيطرت عليه قبل عام. ويرى في السيطرة على غزة ترجمة لفشل حماس في تعزيز حكمها قبل ذلك، بطرق غير عسكرية. ولكن برغم قناعاته تلك، فانه يرى في التهدئة مكسبا لاهالي القطاع الذي دفعوا ثمنا غاليا. وبحسبه فان التهدئة وان فسرت على انها «تنازل» فهو «تنازل ايجابي» لمصلحة المحاصرين في القطاع. ودعا صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية امس، حركة حماس إلى المبادرة بإعلان موافقتها على استئناف الحوار الوطني الفلسطيني بعد إبرام اتفاق التهدئة مع إسرائيل. منتقدا ما وصفه «تلكؤ» حماس في التراجع عن سيطرتها العسكرية على قطاع غزة منذ عام، معربا عن أمله بعد دخول التهدئة حيز التنفيذ، «الانصراف إلى تنفيذ بنود المبادرة اليمنية بدون أي تلكؤ وتراجع حماس عن الانقلاب والاحتكام للشرعية الفلسطينية».

وتتهم السلطة حماس بعدم الاستجابة كما يجب لمبادرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن). واعتبر عريقات «أن حماس لم تبد أي مؤشر بأنها استجابت لمبادرة عباس لإجراء حوار وطني فلسطيني». وقال «لم نسمع منها قبول تنفيذ المبادرة اليمنية. وكل ما تريده حماس أنها تريد حوارا لإبقاء الأوضاع على ما هي عليه».