مصدر سوري: انطلاق المفاوضات المباشرة ينتظر وصول واشنطن إلى طاولة المفاوضات

اعتبر أن اثارة المسار اللبناني «تطوع» من رايس والمصافحة بين الأسد والإسرائيليين لم يحن وقتها

TT

قال مصدر سوري مطلع على سير المفاوضات السورية الاسرائيلية غير المباشرة، ان انتقالها الى المرحلة المباشرة لا يزال وقفا على دخول واشنطن الى طاولة المفاوضات، وهو امر لا تزال تتمنع عنه.

واعتبر ان اثارة قضية اعادة مزارع شبعا اللبنانية في الوقت الراهن ودعوة اسرائيل للبنان الى الدخول في مفاوضات سلام مباشرة هو من باب الكيل بمكيالين، ومن منطلق «استعداء الاطراف على بعضها البعض». واعتبر ان أي تسوية لوضع مزارع شبعا يجب ان يتم في اطار اسس عملية مدريد، أي الارض مقابل السلام، متسائلا «أحل مشكلة الاسرائيلي مع لبنان وأقوم بترسيم الحدود مقابل ماذا؟».

ورأى ان أي لقاء بين الرئيس السوري بشار الاسد والمسؤولين الاسرائيليين هو امر «مبكر جدا»، وسيفسر في حال حصوله على انه تخل من جانب سورية عن ورقة الاعتراف بدولة اسرائيل، متحدثا عن محاولات من اطراف دولية «وضع يدها في طبخة» المفاوضات، في حين ان سورية ترفض قطعيا الخروج عن وساطة الطرف التركي او ادخال اطراف اخرى في العملية.

واعتبر ان العملية دخلت مرحلة «شد الحبال»، وسوف تستغرق وقتا طويلا، مشيرا الى ان العملية لا تزال في مرحلة التحضير للدخول في التفاصيل، وهو امر لن يتحقق الا في اطار مفاوضات مباشرة. وبحسب المصدر فان الاجواء الحالية في سورية تعتبر ان «ارضاء الولايات المتحدة اصعب بكثير من اغضابها». مضيفا ان سورية «تطبخ على نار هادئة». وشرح المصدر السوري في اتصال هاتفي مع «الشرق الاوسط» في لندن، ان «الانطباع الاساسي هو ان أي تفاوض مباشر لن يحصل الا بعد حسم واضح تماما لقضية الارض مقابل السلام، والتزام اسرائيل ووضوح موقفها من الآليات، وكما سبق ان قال الرئيس الاسد فان الانتقال الى العملية الكاملة والمفتوحة مع الاسرائيليين يجب ألا يحصل الا عندما يدخل الاميركيون في العملية».

وردا على سؤال حول الدور الاميركي الراهن في عملية التفاوض غير المباشرة، قال انه «حتى الان لا وضوح ولا مسعى اميركي» واصفا تصريحات وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس بالنسبة الى اعادة مزارع شبعا بأنها «تطوع» من جانبها. وقال معلقا: «المهم بالنسبة للاميركيين استعداء الاطراف على بعضها البعض، هل الذي يسعى الى السلام يقبل عليه مع طرف ويرفضه مع طرف اخر؟»، معتبرا ان العرض الاميركي حول مزارع شبعا «يطرح تساؤلات لان الموقف الاميركي غير واضح بما يتعلق بالمسار السوري وهو يطلب بالوقت نفسه من لبنان ان يسير بعملية غير واضحة المعالم ولا ضمانات فيها». واضاف، «التفاوض بين لبنان واسرائيل يجب ان يرتبط بمفهوم مشترك سوري لبناني، هل يعقل ان يطلب من السوريين ان يقبلوا على ترسيم الحدود، ليكون لبنان من جهة، ومن الجهة الاخرى من؟ اسرائيل أم سورية؟ اذا كانت الارض سورية فعلى اسرائيل اذن ان تعيدها، يريدني الاسرائيلي ان اكون لطيفا وان أحل له مشكلته مع لبنان مقابل ماذا؟ مقابل ان تظل ارضي محتلة؟». وفسر دعوة الرئيس السوري للبنان بالدخول في مفاوضات مع اسرائيل بأنها «تأتي في سياق التأكيد على التصور المشترك للحل النهائي في اطار مفهوم الامن الاقليمي كدولتين مستقلتين وسياديتين تواجهان طرفا خصما مشتركا».

واعتبر ان البحث في اعادة مزارع مزارع شبعا «اذا تبين انه جدي فيجب ان يتم في اطار عملية مدريد، وهذا امر للبنانيين جميعا مصلحة فيه فكيف يفاوض لبنان على مزارع شبعا وهو لا يملك أي اوراق على الاطلاق؟». معتبرا ان «وجود المسار السوري الاسرائيلي مهم لانه يفتح الافق، اذ ان أمن المنطقة مترابط اولا واخيرا حتى من ناحية المياه ولا ننسى ان عددا من الانهار الموجودة في المنطقة ومنها اللبنانية جزء منها حوضه في الجولان السوري المحتل والجزء الاخر حوضه في لبنان». وبحسب المصدر نفسه، فان المرحلة دخلت في عملية «شد حبال» في عملية تفاوض «سوف تستغرق وقتا طويلا ولن تحسب على زعيم اسرائيلي بعينه، اولمرت او غيره». وردا على سؤال حول المسعى الاسرائيلي لتنظيم لقاء قمة بين الاسد ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت في باريس، في اطار القمة المتوسطية المرتقبة، أكد ان «الامر لا يزال مبكرا جدا، اذ حتى الان لا مقومات جدية لاي لقاء رسمي مباشر بين مسؤولين سوريين واسرائيليين».

وشدد على ان سورية «لن تقدم على التخلي عن ورقة عدم الاعتراف باسرائيل قبل ان تكون القضية (المفاوضات) صارت واضحة المعالم وتسير على السكة». معتبرا ان أي مصافحة بين الاسد ومسؤول اسرائيلي «سوف تفهم على انها تفتح الافق امام الاعتراف باسرائيل وهذا ما لا يمكن ان يتم الا بعد ان تظهر اسرائيل على الاقل استعدادها بشكل واضح جدا للوفاء بالتزاماتها في عملية السلام».

وبحسب المصدر نفسه، فان فرنسا لا تبذل «ضغوطا» في صدد جمع الاسد والمسؤولين الاسرائيليين، بل ثمة «محاولات من جهات مختلفة»، شارحا الامر بالقول «كل الاطراف تريد ان تسجل نقاطا، لكن السوريين يحترمون الى ابعد الحدود الخصوصية الدقيقة جدا التي يتعامل بها الاتراك مع العملية، وهم حريصون على ألا يدخل احد على الخط على الاطلاق، لان الاتراك يديرون العملية بنجاح كبير وحصافة دبلوماسية وتفهم لكل الاعتبارت عند أي طرف».

ويضيف «الكثيرون يريدون ان يمدوا يدهم الى الطبخة ولا احد الان مؤهل ان يدخل عليها، الجهتان المؤهلتان وحدهما هما الولايات المتحدة وروسيا بحسب اتفاقية مدريد ونحن ننتظر دخولهما». اذن ما المطلوب من سورية من وجهة النظر الاميركية؟ نسأله فيجيب «في سورية نعتبر ان ارضاء الولايات المتحدة احيانا يكون اصعب بكثير من اغضابها، بحسب التنازلات المطلوبة، من الافضل ان نغضب اميركا على ان نرضيها». وبحسب المصدر نفسه، فان الشق الاقليمي لم يدخل بعد في عملية التفاوض، باعتبار ان «الاميركيين ليسوا موجودين حول الطاولة لا يمكن ان نتفاوض معهم من وراء ماكرفونات وزارة الاعلام، او الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية، نحن لا نشتغل على هذا الشكل». ويشدد على ان العملية التفاوضية لم تدخل الامور التفصيلية بعد قائلا: «طالما لم ندخل مرحلة المفاوضات المباشرة وطالما ان السوريين يطرحون تساؤلات يعني ذلك ان الامور لم تسر بعد على السكة». واصفا المرحلة الراهنة بأنها «مرحلة التحضير للدخول في مفاوضات مباشرة وجدية وعملية»، باعتبار ان «السوريين يطبخون عادة على نار هادئة».