وزير الخارجية السوداني: لسنا في حرب مع تشاد.. ونطلب من فرنسا تسوية النزاع

كوشنير بعد لقاء ألور: لم نتدخل عسكريا في أي معارك بين المتمردين والقوات التشادية

أفراد من الجيش الشعبي السوداني خلال تدريبات عسكرية (إب أ)
TT

طلب السودان من فرنسا رسميا التدخل للمساعدة على حل النزاع الدائر في دارفور، وعلى تبريد العلاقة المتوترة بين الخرطوم وانجامينا، على خلفية الاتهامات التشادية للسودان بالمشاركة في المعارك التي دارت في الأيام الأخيرة في شرق تشاد وتسليح وتدريب المتمردين على السلطة التشادية.

ونفت باريس بقوة أن تكون قد قدمت دعما عسكريا للنظام التشادي، أو أنها عازمة على تقديمه. لكنها بالمقابل قالت إنها ملتزمة بالعمل بنص اتفاق التعاون القائم بينها وبين تشاد منذ عام 1986، الذي ينص على مجموعة من الالتزامات الفرنسية تجاه انجامينا.

وجاء التعبير عن هذه المواقف على لسان وزيري الخارجية الفرنسي برنار كوشنير والسوداني دينغ ألور، في لقاء صحافي أمس في باريس، أعقب اجتماعا مطولا شارك فيه مستشار الرئيس السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل. وكانت زيارة الوفد السوداني مقررة في مايو (ايار)، غيرا أنها أجلت الى يونيو (حزيران).

وشكل الاجتماع فرصة لباريس التي تلعب دورا رئيسيا في مثلث السودان، تشاد، أفريقيا الوسطى، بسبب حضورها السياسي والعسكري في البلدين الأخيرين، لتوجه للخرطوم مجموعة من الرسائل، أولها دعوة السودان لتقديم تسهيلات إضافية من أجل انتشار القوة الهجينة الدولية ـ الأفريقية المكلفة حماية مخيمات اللاجئين الذين هربوا من الحرب في دارفور.

وحتى الآن، لم تنتشر سوى قوة من 9500 رجل من أصل ما مجموعه 26 ألف رجل. ودعا كوشنير السودان الى العودة الى طاولة المفاوضات مع متمردي دارفور، وشدد على أهمية الإسراع في إحلال السلام. وفي ما يخص الوضع الداخلي السوداني، طالب الوزير الفرنسي الحكومة بأن تضمن نزاهة وشفافية الانتخابات العامة التي ستجرى العام القادم. غير أنه اعترف بأن «الوضع بالغ التعقيد» بسبب الأعمال العسكرية الجارية دوريا على جانبي الحدود السودانية ـ التشادية. وبالمقابل، وعد الوزير الفرنسي بزيادة المساعدة للسودان لإعادة إعمار منطقة دارفور، والتزام باريس بذلك لعدة سنوات.

غير أن كوشنير استغل المناسبة للتأكيد مجددا على «حياد» فرنسا في المواجهات العسكرية بين المتمردين والنظام التشادي. وقال كوشنير: «لدينا اتفاق تعاون مع تشاد وسوف نحترمه ولا يتضمن تدخلا عسكريا من قبل القوات الفرنسية، ونحن لم نتدخل لا في المرة الماضية (عندما وصلت القوات المتمردة الى العاصمة التشادية) ولا هذه المرة». وحصر كوشنير المساعدة بالجانب السياسي، مشددا على دعم السلطات الشرعية (أي) البرلمان والحكومة والرئيس ادريس ديبي، والدعم اللوجستي، بما في ذلك تقديم المحروقات. ونفى كوشنير اتهامات المتمردين الذين أكدوا تدخل الطوافات الفرنسية في المعارك الأخيرة، وقال: «نحن ندعم (السلطات التشادية) ولكن لا نتدخل عسكريا».

غير أن كلام كوشنير ليس دقيقا إذ أن القوات الفرنسية لعبت دورا حاسما المرة الأخيرة عندما زودت القوات التشادية المحاصرة في انجامينا بالمعلومات والصور الجوية والمحروقات، وقامت الطائرات الفرنسية بنقل الذخائر من ليبيا الى القوات الحكومية. وأبعد من ذلك، شدد كوشنير على أن القوة الأوروبية المنتشرة على الحدود السودانية ـ التشادية ـ الوسط أفريقية لا تحمي حدود أي بلد، بل إن مهمتها محصورة في حماية اللاجئين. أما الوزير السوداني فقد أشار الى أن بلاده ليست في حال حرب مع تشاد، وأن البلدين ليسا متوجهين الى إعلان الحرب. غير أن الأهم في كلام دنغ ألور أنه أكد طلب مساعدة فرنسا للتدخل لتسوية العلاقات المتوترة بين السودان وتشاد. وقال الوزير السوداني، إن باريس بما لها من دور مركزي في أفريقيا وفي العالم، وبما لها من علاقات مع كل الأطراف قادرة على المساعدة، وان الوزير كوشنير قبل الطلب السوداني. ولم يعرف ما سيكون عليه شكل الوساطة الفرنسية. وبدوره، نفى الوزير السوداني أي دور لبلاده في ما يحصل شرق تشاد لجهة المشاركة في العمليات القتالية أو دعم وتدريب وتسليح المتمردين. وأبدى الوزير السوداني استعداد بلاده للمساعدة في انتشار القوة الهجينة، لا بل إنها لا تجد غضاضة في استقبال وحدات غير أفريقية في إطار القوة الهجينة.