أحمد السعدون مهندس الأجندة النيابية ومنظم العلاقة بين البرلمان والحكومة

TT

كان خبر نقل النائب أحمد السعدون أمس من البرلمان إلى المستشفى بسيارة إسعاف، وعلى سرير طبي، هو الخبر الأول في الكويت، فهذه المرة تحول السعدون إلى «الخبر» بدلا من أن يكون هو صانعه أو مساهما فيه.

أحمد السعدون هو اللاعب الأول على المسرح السياسي، وهو قائد فريق التصدي للدفاع عن الدستور وحماية المؤسسة البرلمانية، إلى جانب إشرافه على الفريق المراقب لأداء الحكومة داخل البرلمان، والفريق الملاحق لمؤسسة الفساد، التي كبرت من شخص حتى أصبحت مؤسسة، كما قال السعدون في إحدى الجلسات.

ويحسن أبو عبد العزيز، أو الرئيس السابق لمجلس الأمة، الاستفادة من امكانياته، فهو يملك صوتا جهوريا، ويدعمه بمعلومات ووثائق وأدلة، والأهم المواد الدستورية والقوانين وتاريخ السوابق البرلمانية، ومتى ما أعطي الكلام، فمن البديهي أن يسود الصمت قاعة عبد الله السالم، حيث يجتمع النواب في جلساتهم البرلمانية.

وخلال مسيرته السياسية التي بدأت بفوزه بالمقعد النيابي عام 1975، عمل أحمد السعدون على أن يكون هو «المرجع» في العمل النيابي، إذ يعتبر أكثر النواب تنظيما في الأرشفة، ويمتلك شبكة علاقات، تقود المعلومات إليه في أحيان، دون أن يسعى هو لملاحقتها، قبل أن يخضعها لسلسة طويلة من الإجراءات بغرض التحقق من مصداقيتها، ليدخلها في سلسلة التوثيق، وعليه تعود الوزراء حينما يصلهم سؤال من النائب المخضرم، بأن يقدموا المعلومة كما هي، فمن المؤكد أنها موجودة لديه، لكنه يحتاج لتوثيقها، خاصة متى تعلق الأمر بملف الفساد.

خلال السنوات التسع الأخيرة، أسس تجمعا نيابيا، أسماه كتلة العمل الشعبي، وضم أطيافا ومتناقضات كويتية، فهناك نواب قبليون وآخرون شيعة، جامعهم أنهم يعملون مع السعدون في كتلته، التي اختير لها النائب مسلم البراك متحدثا رسميا، وأبقى فيها بقية المناصب دون تسمية.

وتعرض السعدون للانتقاد بشكل شخصي أحيانا، أو من خلال انتقاد كتلته، بداعي رفع السقف التشريعي للمطالبات الشعبية، كزيادة الرواتب للموظفين والمتقاعدين، مقابل محاولة عرقلة إصدار قوانين اقتصادية مهمة كالخصخصة واستغلال أراضي الدولة، إلى جانب فرضهم أجندة على النواب، تحرجهم أمام الشارع من جهة والحكومة من أخرى، ما يعني سحبه البساط من تحت النواب، لتكون كتلة العمل الشعبي هي صاحبة المبادرة.

وتعرضت كتلة أحمد السعدون خلال السنوات الأربع الأخيرة لأكثر من هزة، فهناك عمليات تصويت جرت، وكشفت تضاربا في الآراء والتوجهات بين أعضائها، كما تعرضت الكتلة لضغط سياسي على خلفية مشاركة النائبين عدنان عبد الصمد وأحمد لاري في تأبين القيادي في حزب الله عماد مغنية، وهو ما أدى إلى انقسام الكتلة وسحب عضوية النائبين الشيعيين.

وتشير المسيرة السياسية للنائب المخضرم أحمد السعدون إلى أنه يستحق لقب عميد النواب الكويتيين، وربما العرب، إذ جلس على المقعد النيابي للمرة الأولى عام 1975، وانتخب وقتها نائبا للرئيس، ومنذ ذاك وهو على موعد متكرر مع الفوز، الذي حوله إلى أسطورة، لتمكنه من الفوز في ثلاثة أنظمة انتخابية مختلفة منذ 1975، مع العلم بأن أول نزول له كان عام 1967 إلا أنه حل سابعا، فيما كان النظام يقوم على اختيار خمسة مرشحين لعضوية البرلمان، مع الإشارة إلى تزوير الحكومة ذلك العام نتائج الانتخابات لمنع معارضيها من الفوز.

وربما يكون قدر «أبو عبد العزيز» وهكذا يعرفه الكويتيون، أن يصادق لقب «الأول في التاريخ الكويتي»، فهو إلى جانب فوزه المتكرر، يعد أول رئيس للبرلمان يجلس على مقعده ثلاث دورات على التوالي، واستمرت منذ 1985 وانتهت بخسارته أمام غريمه جاسم الخرافي عام 1999، مع الإشارة إلى تعطل الحياة البرلمانية في الفترة 1986 – 1992، كما كان من ضمن الموقعين على أول طلب لاستجواب رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد صيف 2006، على خلفية تضارب الموقف الحكومي من تعديل النظام الانتخابي.

ويبلغ أحمد عبد العزيز السعدون 74 عاما (مواليد 12/11/1934)، وهو يعمل على المحافظة على صحته بممارسة الرياضة، والابتعاد عن التدخين، وتناول وجبات غذائية صحية. ودخل العمل السياسي من باب الرياضة، إذ كان من مؤسسي نادي كاظمة الرياضي عام 1964، وشغل منصب أمين السر للنادي منذ التأسيس حتى عام 1968، ليكتفي بعضوية مجلس إدارة النادي، حتى عام 1982، كما شغل منصب رئيس مجلس إدارة الاتحاد الكويتي لكرة القدم في الفترة من 1968 وحتى 1982، ونائبا لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم في الفترة من 1974 وحتى 1982.

ومهنيا تدرج في العمل الحكومي حتى انتهى به الحال وكيلا مساعدا لشؤون البرق والهاتف بوزارة البريد والبرق والهاتف، قبل أن تحمله ثقة الناخبين إلى كرسي البرلمان، والتي لولاها لكان للعمل البرلماني طعم يختلف كثيرا عما هو عليه الآن.