تعثر ولادة الحكومة اللبنانية يصعّد السجالات السياسية

الرئيس سليمان يرى في تشكيلها مدخلا للمصالحة الوطنية

مواطن لبناني يسير أمس في احد شوارع بيروت قرب ملصق يشكر قطر على توسطها في الازمة السياسية اللبنانية (أف ب)
TT

يدفع عدم تلاقي فرقاء المعارضة والموالاة في لبنان على ما يسهل ولادة الحكومة العتيدة الى تصعيد الخلافات حول مجمل المواضيع التي يتنازعون حولها، سواء لجهة التوترات الامنية المتنقلة، أو ما دار في الأيام القليلة الماضية من سجال حول صلاحيات رئاسة الحكومة اطلقه اقتراح النائب ميشال عون تعديلها، وخصوصاً ان المدافعين عن هذه الصلاحيات يرون في ما اثاره رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» لهذه الجهة نسفاً لاتفاق الدوحة وخروجاً على اتفاق الطائف واخلالاً بالتوازنات الطائفية «تفترض الحكمة عدم طرحه».

هذا، ويترقب الوسط السياسي القمة الدينية المقرر ان تعقد في القصر الجمهوري الاسبوع المقبل تلبية لدعوة رئيس الجمهورية ميشال سليمان وباشرافه على ان يؤدي اجتماع رؤساء الطوائف اللبنانية حول الطاولة الرئاسية الى تبريد التشنجات السياسية وبالتالي دعم الاجهزة الامنية الرسمية في سعيها الى وضع حد للاشتباكات الامنية المتنقلة بما يؤدي الى عدم اضافتها المزيد من التعقيدات التي تعيق المسار السياسي ولاسيما بالنسبة الى الوضع الحكومي.

وقد اكد الرئيس سليمان، امس، على «اهمية ان يكون تشكيل الحكومة الجديدة مدخلاً للمصالحة الوطنية، وليس سبباً للخلاف بين اللبنانيين». كما اكد تمسكه بميثاق العيش المشترك، مشيراً الى ان «اتفاق الطائف حمى المقاومة التي هي نهج». واشاد بأهمية «تضامن الشعب اللبناني ووقوفه في مواجهة اعداء لبنان».

وجاء موقف الرئيس سليمان خلال استقباله امس نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان، على رأس وفد من المجلس زار القصر الجمهوري للتهنئة. على صعيد آخر، وصف مفتي الجمهورية اللبنانية، الشيخ محمد رشيد قباني، الكلام عن تعديل صلاحيات رئيس الحكومة بأنه «هرطقة تنم عن نوايا لإلهاء اللبنانيين عن محاولات تعطيل تشكيل الحكومة لأغراض باتت معروفة وغير اصلاحية». وأهاب بجميع الاطراف «تسهيل مهمة الرئيس المكلف فؤاد السنيورة في تشكيل الحكومة».

الى ذلك، كان الوضع الحكومي والتحضيرات لإعداد قانون جديد للانتخابات موضوع بحث بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ووفد من تكتل «التغيير والاصلاح» ضم النواب ابراهيم كنعان ونعمة الله ابي نصر وغسان مخيبر.

وبعد اللقاء، قال النائب كنعان: «الزيارة هي للبحث مع دولة الرئيس في قانون الانتخاب وخصوصا اتفاق الدوحة والتقسيمات الانتخابية التي تم التفاهم عليها، وكتلتنا أعدت إقتراح قانون معجل مكرر. ونتيجة الاجتماع كانت إيجابية، بمعنى انه تم التفاهم مع دولته على تحضير نهائي واستكمال لهذا الاقتراح وتقديمه، وبالتالي تفعيل آلية إقراره في المجلس النيابي». وأضاف: «دولة الرئيس، كان واضحا في أن هذه المسألة لا تنتظر ولا ترتبط بأي أمور أخرى لا بحكومة ولا بغيرها».

ورداً على سؤال حول ما اثاره اقتراح النائب عون تعديل صلاحيات رئيس الحكومة، قال كنعان: «ان الردود جاءت خارج سياق ما طرحه العماد عون. فهو تحدث عن إصلاح وليس صلاحيات. فإذا كان الرد مذهبيا او طائفيا، فيمكن فصل هذه الأدوار وهذه الصلاحيات وان تكون صلاحيات الرقابة مع الطائفة السنية الكريمة، وهذا الأمر لا يطرح من منطلق طائفي، بل من منطلق إصلاحي، أي أن تكون الصلاحيات او الأعمال التنفيذية مفصولة عن الأعمال الرقابية او الوظيفة الرقابية».

من جهته، بحث رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة العقبات امام تشكيل الحكومة مع وفد من «الجماعة الاسلامية» برئاسة رئيس مكتبها السياسي علي الشيخ عمار الذي قال «لمسنا لدى الرئيس السنيورة كل العزيمة والصبر والقدرة على التعاطي مع المسألة بما يتوجب وصولا الى تشكيل الحكومة «.وتطرق الى مسألة السلاح، فقال: «نحن نرى انه طالما هناك سلاح في يد بعض الأطراف اللبنانيين ونتيجة حالة الارتباك التي حصلت مع أحداث بيروت والجبل وبعض المناطق ـ الإرباك الذي حصل لدى الجيش والقوى الأمنية وإحساس اللبنانيين بأنهم مضطرون لحماية أنفسهم بالطريقة الملائمة ـ نقول انه ما دام السلاح في يد بعض الأطراف اللبنانية فان الآخرين سيعملون على ان يؤمنوا لأنفسهم الحماية الذاتية، أكان على مستوى الطوائف او المدن او المناطق او الاطراف السياسية. والكلام عن ان هناك موجة تسلح في بعض المناطق في الشمال او غيرها يرد عليه بانه ربما من الطبيعي ان يفكر بعض اللبنانيين بهذه الطريقة».

وفي سياق المواقف، قال وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الاعمال احمد فتفت: «هناك تصعيد امني تدريجي متنقل وتصعيد سياسي عنيف بدأ به قبل عون النائب نبيل نقولا الذي طالب السنيورة بالاستقالة. من هنا انا غير مرتاح بل قلق. وأسأل عن نية المعارضة في تطبيق اتفاق الدوحة، فكلام (الرئيس) بري ايجابي في اوساطه يقابله كلام شرس من عون وحزب الله. وقد يكون هناك توزيع ادوار. فالبعض يريد مكاسب اكثر مما حصل عليه في اتفاق الدوحة. وقد يستمر الانقلاب لإقصاء الاكثرية منذ الان. اذ بعد ما جرى في بيروت كل شيء اصبح ممكنا من قبل المعارضة».