اتساع دائرة الرفض لمقترحات عون تعديل صلاحيات رئيس مجلس الوزراء

الحكومة اللبنانية.. تولد مطلع الأسبوع المقبل أم ترحّل إلى تموز؟

TT

في وقت تستمر مسألة الحكومة اللبنانية العتيدة موضع توقعات متباينة تراوح بين متفائل بولادة تشكيلتها في غضون ايام قليلة، ومرحِّل لهذه الولادة الى تموز (يوليو) المقبل، تتسع دائرة المواقف السياسية الرافضة لما طرحه رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون حول تعديل صلاحيات رئيس الحكومة خلافاً لما كرسه اتفاق الطائف.

وعلى الصعيد الحكومي، تحدث النائب غسان تويني (قوى الاكثرية)، عقب لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري امس، عن «وجود تفاؤل في الجو». لكنه اخذ على رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة انه «يعمل برواسب العهد السابق. وهو لا يستطيع تأليف حكومة في عهد جديد برواسب السابق». ودعاه الى الاعتذار اذا لم يتمكن من تأليف الحكومة بعد القمة الدينية المقرر عقدها في القصر الجمهوري مطلع الاسبوع المقبل.

وقال تويني للصحافيين: «كنت خائفاً هذه المرة الا استطيع ان اقول لكم ان هناك تفاؤلاً في الجو. ولكن يوجد تفاؤل في الجو ككل مرة وثقة. والكلام الذي قاله الرئيس (بري) له مستنداته. وله الحق في ان يتفاءل. وانا شخصياً لفت دولته الى اننا وقعنا اسرى. فالرئيس السنيورة يعمل برواسب العهد السابق. وهو لا يستطيع ان يؤلف حكومة جديدة في عهد جديد برواسب العهد السابق».

وسئل عن المطلوب من الرئيس السنيورة، فأجاب: «المطلوب من الرئيس السنيورة: إما ان يقتنع بانه لا يستطيع ان يؤلف حكومة في هذه المتاريس وهو يأسر نفسه داخل هذه المتاريس ويحاول ان يوفق بينها. ولا يمكن التوفيق في ما بينها الا اذا اعتبرها متاريس رمل وأزالها ووضع كل الرمل في أكياس ورماها. وشعوري الشخصي ـ وقد قلته في اليوم الاول وقلت للرئيس السنيورة في الاستشارات وقبلها ـ ألا يأتي الى الحكومة. وقد قلت ذلك ايضا عند رئيس الجمهورية».

وعما اذا كان يدعو السنيورة الى الاعتذار، قال: «فلينتظر 48 ساعة انعقاد القمة الدينية الثلاثاء المقبل كتاريخ مفصلي. واذا لم يتمكن من تأليف الحكومة فليعتذر بعد ذلك. وهذا اشرف له».

الى ذلك، تطرق نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان، في خطبة الجمعة امس، الى الاوضاع السياسية والامنية ولاسيما الوضع الحكومي، فقال: «نحن نريد المساواة في القانون والمشاركة في الحكم والاعتدال. فلا يجوز ابداً تصويب الاتهامات الينا. نحن نريد الخلاص ونريد تشكيل حكومة وحدة وطنية. ونطالب رئيس الجمهورية بأن يبادر الى تشكيل الحكومة وان لا يخرج رئيس الحكومة المكلف عن إنصافه».

على صعيد المواقف الرافضة لاقتراح عون تعديل صلاحيات رئيس الحكومة، قال امس وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون (كتلة المستقبل): «ان هذا الطرح ليس في مكانه ولا في توقيته. واليوم لا نستطيع الدخول في بازار صلاحيات رئيس الحكومة او صلاحيات رئيس الجمهورية أو حتى صلاحيات رئيس مجلس النواب، لأننا بذلك نكون نساهم في عرقلة تنفيذ اتفاق الدوحة والابتعاد عن التوافق وتحصين السلم الأهلي». وإذ أكد ان «ليس من الملائم الكلام على تعديل الدستور في هذه المرحلة الدقيقة» أشار إلى ان «رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أبدى كل ايجابية في مسألة تسهيل تأليف الحكومة. لذلك نأمل أن نعود إلى طرح المطالب المنطقية لتسهيل عملية تأليف الحكومة وإلى حل العقد بالتفاهم وبالتشاور، بحيث لا يكون هناك انطباع عن وجود أدوار أمنية او سياسية تقف عقبة أمام مسيرة العهد الجديد».

وقال حزب «الكتلة الوطنية» في بيان اصدره في ختام اجتماع لجنته التنفيذية امس: «ان خلفية كلام العماد ميشال عون الاخير ما هو الا بداية حملة هدفها التجييش الطائفي والمذهبي وتقسيم اللبنانيين من اجل ابعاد الشبهات عن محاولته الحد من صلاحية رئيس الجمهورية وعرقلة تشكيل الحكومة ومن اجل حصد اصوات ناخبيه المسيحيين في الانتخابات المقبلة. وما الرد عليه من حلفائه في المعارضة الا خطة محكمة وكأنهم يتبادلون التمريرات لاحراز اكبر عدد من النقاط كل لدى طائفته. ان خطاب العماد عون الممزوج بالكراهية والحقد والذي استعمله منذ فترة ولايزال ليس لمصلحة طائفته التي يدعي حمايتها. فالتطرف هو عدو الجميع والخطر الاول على الوجود المسيحي في هذا المشرق».

وقال مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس، في خطبة الجمعة امس: «يجب ان تشكل الحكومة في اسرع وقت ممكن وعدم اطلاق العنان لبعض المعارضة للعرقلة واضاعة الوقت وطرح قضايا خلافية مستعصية لا جدوى من طرحها الا لغرض التعطيل، وخصوصا تعديل صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، الامر الذي سيفتح الباب امام طروحات مضادة او مطالبة بحقوق ثابتة تعيد خلط الاوراق وتعود بالوضع اللبناني الى فترة الحرب الاهلية او ما قبل الطائف». ودعا الى «انصاف الرئيس السنيورة بتمكينه واعانته على تشكيل الحكومة وانقاذ البلد وسحب كل الذرائع والطروحات الجوفاء التي لا يقصد منها الا تحقيق الفوضى الامنية والفراغ الدستوري».

من جهته، رأى مفتي صور ومنطقتها، الشيخ محمد دالي بلطة، ان «طرح العماد ميشال عون يقصد منه اثارة الفتنة وعرقلة الحلول في وقت نحن احوج ما نكون الى الخروج من المأزق». وسأل: «هل كتب على لبنان ان يخرج من فراغ ليقع في آخر. فبعد اقفال مجلس النواب والفراغ في رئاسة الجمهورية، هناك من يسعى الى افراغ موقع رئاسة الحكومة».

وجاء في بيان اصدرته «حركة التنمية والتجدد» برئاسة النائب محمد كبارة: «عجيب هذا الزمن. والأعجب منه هذا الانقلاب الكبير في المواقف والمبادئ من أجل مصالح ذاتية انتخابية، ولو أدت إلى خراب الوطن. فإذا بالطروحات المذهبية والطائفية تحل محل المبادئ الوطنية، وإذا بالحقوق والواجبات التي يفترض أن تساوي بين اللبنانيين تصبح هدفا للانتهاك تحت شعار الدفاع عن حقوق الطائفة». وقالت الحركة: «لقد طالعنا صاحب الفخامة الضائعة والذي يبدو إلى اليوم انه لم يهضم هذا الأمر، بطرح عبقري جديد يضاف إلى عبقرياته السابقة يريد به المس بصلاحيات رئيس الحكومة. ويبدو أن الحلم الرئاسي جعل البوصلة تزداد انحرافا عند العماد عون، فتحول خطاب الجنرال من خطاب وطني شامل إلى خطاب طائفي ضيق، كأنه يريد أن يعوض الخسائر التي لحقت به بسبب تقلباته السياسية الكبيرة بخطاب انتخابي غرائزي طائفي يتعرض فيه لرئاسة الحكومة ليصور نفسه المدافع عن الطائفة المارونية».

هذا، وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري، في تصريح له امس: «اربعون يوماً مرَّت على غزوة بيروت. وواضح أنهم لا يريدون الاعتذار من بيروت واهلها، فقد حرمهم الله تعالى هذه الفضيلة ضمن ما حرمهم. وواضح انهم وكلما اختلفنا معهم بالرأي، ينوون تكرار جريمتهم بحق بيروت واهلها وبحق الوطن قتلا وانتهاكا للكرامات واعتداء على الاملاك العامة والخاصة سرقة ونهبا وتشبيحا. وواضح أنهم لم يدركوا بعد حجم الجريمة التي ارتكبوها فلازالوا يفلسفون حيثيات الجريمة بأعذار ساقطة». وأضاف: «بمناسبة مرور أربعين يوما على غزوة بيروت، نقول لبيروت وأهلها: أنتم أهل الشرف والكرامة والصبر، وهم من تعلمون ونعلم، أن من اعتدى على بيروت والوطن أثبت كذب كل ادعاءاته خصوصا حين يرفض الاعتذار، هذا الاعتذار الذي أصبح مقززا حتى لو أتى، فما كتب قد كتب، والأجيال ستتوارث تفاصيل فعلتهم عنها».

من جهة اخرى، زارت امس القائمة باعمال السفارة الاميركية في لبنان ميشال سيسون مؤسس حزب «الانتماء اللبناني» احمد الاسعد الذي دان الاعتداء بالحجارة على موكب سيسون في النبطية الاربعاء الماضي اثر زيارتها منزل نائب رئيس الحزب عبد الله بيطار في بلدة ميفدون المجاورة للنبطية.

وحمَّل الأسعد «حزب الله» مباشرة «مسؤولية أي أذى قد يلحق ببيطار أو أي زميل آخر». وسأل: «لماذا لا نرى ولا نسمع تلك الهتافات المناوئة أو المواقف المسيئة ضد الولايات المتحدة حين زيارة أي مسؤول أميركي للأستاذ نبيه بري، بمن فيهم وزيرة الخارجية (كوندوليزا) رايس؟ هناك دجل ونفاق وكيل بمعيارين فما يحق لهم لا يحق لنا».

وأضاف: «مهما اختلفت وجهات النظر، هذا التصرف ليس من قيمنا نحن الشيعة، ولا من شيم أهلنا في الجنوب. نحن على علم تماما أن الذين قاموا بهذه الأعمال هم متفرغون لدى حزب الله. وعلى الحزب أن يعلم أن لبنان مازال وسيبقى متسعا للتنوع وللرأي الآخر، ولم يتحول بعد ولن يتحول أبدا إلى إيران».