الجيش التركي ينفي وجود خطة لتشويه سمعة الحزب الحاكم

صحيفة تركية تنشر وثيقة قالت إن القوات المسلحة أعدتها للنيل من الحكومة

تركيتان تنتظران بداية مبارات تركيا مع كرواتيا في فيينا أمس (رويترز)
TT

نفى الجيش التركي أمس ان يكون قد وضع خطة تحرك لمحاربة الحكومة المنبثقة عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، كما نشرت امس صحيفة تركية مستقلة. وقالت قيادة الاركان في بيان نشر على موقعها الالكتروني: «لا توجد وثيقة رسمية او خطة من هذا النوع أقرتها القيادة المركزية في ارشيف قيادة الأركان». واضاف البيان: «ان القوات المسلحة التركية المكلفة بمهمة حماية الجمهورية التركية الى الأبد قوية بما يكفي بحيث لا تتأثر بالدعاية الرخيصة لبعض الدوائر». وكانت صحيفة «ترف» المستقلة قالت في عددها الصادر امس انها حصلت على نسخة الكترونية لهذه الخطة التي تقضي باستخدام اعضاء الهيئة القضائية وصحافيين وجامعيين واعضاء المجتمع المدني، لتشويه صورة الحكومة في نظر الرأي العام. واضافت الصحيفة ان الجيش بدأ في تنفيذ هذه الخطة في سبتمبر (أيلول) الماضي ونشرت صورا للوثيقة المعنية لا تظهر فيها اشارة تدل على مصدرها.

وأضافت الصحيفة أن الخطة فصلت في مذكرة داخلية من 11 صفحة تخص مكتب رئيس هيئة الاركان العامة للجيش واتهمت الحكومة بأنها «المسؤولة عن التحركات الدينية الرجعية». وأوضحت ان الخطة تقضي باتهام حزب العدالة والتنمية الحاكم بالقيام بانشطة معادية للعلمانية وباستخدام المدارس والادارات للترويج لاسلوب حياة اكثر تدينا. وتعتبر الخطة مشروع الدستور الجديد الذي يعده الحزب الحاكم بانه يتعارض مع المصلحة الوطنية.

كما تشجع على ابعاد اعضاء حزب المجتمع الديمقراطي، اكبر الاحزاب الكردية في البلاد، التي تصفه بـ«الارهابي» وتدعو الى القيام بعمليات عسكرية متعددة في جنوب شرقي البلاد لتظهر لسكان المنطقة الاكراد بانه لن يتم التساهل مع اي دعم يقدم للمتمردين الانفصاليين، وفقا للصحيفة.

وفي عقيدة الجيش التركي تعتبر النزعة الانفصالية القومية والنزعة الاسلامية اكبر خطرين على البلاد. وللعسكريين نفوذ كبير بين التيار المؤيد للعلمانية المتجذر في الجهاز القضائي وفي ادارة الجامعات والذي يتهم حزب العدالة والتنمية بالعمل على تحجيم النظام العلماني.

وينفى حزب العدالة والتنمية هذه الاتهامات، لكنه يواجه تهديدا بحله بسبب انشطته المعادية للعلمانية بعد ان رفعت ضده دعوى قضائية امام المحكمة الدستورية.

ويأتي هذا التقرير وسط أزمة سياسية في تركيا حيث يخوض حزب العدالة والتنمية معركة قضائية لتجنب اغلاقه بسبب مزاعم بممارسة أنشطة اسلامية وللحيلولة دون منع شخصيات بارزة في الحزب من ممارسة السياسة.

وستعقد اولى الجلسات المتعلقة بحظر حزب العدالة والتنمية والحاكم منذ حوالي ست سنوات، في الاول من يوليو (تموز) بمرافعة المدعي الاول في البلاد. وفي الثالث من يوليو (تموز) سيقدم ممثلو الحزب الى المحكمة مرافعاتهم الشفوية التي ستحدد بعدها المحكمة موعدا للمداولات واعلان الحكم.

واكد حزب العدالة والتنمية في وثيقة للدفاع عنه سلمت الاثنين الماضي الى المحكمة، انه لا يسعى الى تحويل تركيا التي يشكل المسلمون غالبية سكانها، الى دولة اسلامية. لكن سبب هذه المواجهة بين السلطة السياسية والنظام القضائي هو بالتحديد خلاف عميق حول تعريف العلمانية من قبل كل منهما.

وفي مرافعته، عرف مدعي محكمة التمييز عبد الرحمن يالجينكايا الذي يقف وراء الدعوى، العلمانية بانها «اسلوب لحياة حديثة». لكن حزب العدالة والتنمية يرفض هذا التعريف، مؤكدا ان تبني العلمانية او رفضها ليس اكثر من خيار شخصي. ويمكن ان تمنع حوالي 71 شخصية سياسية بينها الرئيس عبد الله غل ورئيس الوزراء رجب طيب اردوغان من ممارسة نشاطات سياسية لخمس سنوات. ويرى المحللون ان احتمال حظر الحزب تزايد منذ قرار المحكمة نفسها في يونيو (حزيران) الغاء تعديل دستوري اجرته الحكومة يسمح بارتداء الحجاب في الجامعات وهو مشروع يواجه معارضة شديدة من قبل الاوساط المؤيدة للعلمانية.

ونقلت الصحف التركية عن نواب قولهم ان اردوغان يتوقع صدور حكم في نهاية يوليو بينما كانت قضايا من هذا النوع تستغرق عادة سنة ان لم يكن اكثر. وقال رئيس محكمة التمييز هاشم كيليج من جهته انه لا يستطيع التكهن بموعد لانتهاء هذه القضية.

ويأمل نواب حزب العدالة والتنمية في صدور قرار بسرعة للتخفيف من انعكاسات هذه التقلبات السياسية على القطاع الاقتصادي. وقد تأثرت الاسواق المالية أصلا إذ ان مراقبين عبروا عن مخاوف من تهديد للاصلاحات السياسية والاقتصادية في البلاد. واعترض الاتحاد الاوروبي الذي تطمح تركيا للانضمام اليه، على القضية ورأى ان الاتهامات الموجهة الى حزب العدالة والتنمية يجب ان تناقش في البرلمان وتحسم عن طريق صناديق الاقتراع بدلا من القضاء. لكن المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان ابرمت في الماضي صادقت على اجراءات من هذا النوع مثل حل حزب الرفاه الاسلامي، سلف حزب العدالة والتنمية.

وطلب اردوغان من نواب الحزب عدم مغادرة العاصمة حتى صدور الحكم بينما لن يبدأ البرلمان عطلته مطلع يوليو، خلافا لعادته. وقال مصدر قريب من الملف لوكالة الصحافة الفرنسية: «بقدر ما يصدر القرار في وقت قريب يكون الامر افضل لاننا سنستطيع بذلك ان نستشرف المستقبل بشكل اوضح». وذكرت الصحف ان حزب العدالة والتنمية عمل بجد لوضع خطة بديلة للعودة الى السلطة بشكل آخر وعلى رأسه اردوغان الذي سينتخب هذه المرة على لائحة مستقلة مستفيدا من انتخابات تشريعية مبكرة قبل نهاية السنة الجارية.