التمثيل الدبلوماسي في أربيل: تزايد الحضور الأجنبي واختفاء الوجود العربي

رئيس وزراء إقليم كردستان يحث أميركا والعرب على فتح قنصلياتهم .. ودبلوماسي ألماني: نتابع أحوال اللاجئين الأكراد العائدين من بلادنا

القنصل الفرنسي في أربيل يمسك بيد رئيس وزراء إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني ووزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أثناء مراسم افتتاح القنصلية الفرنسية مطلع الشهر الحالي (رويترز)
TT

سجل التمثيل الدبلوماسي الأجنبي فقط منذ مطلع العام الحالي حضورا ملموسا في أربيل عاصمة اقليم كردستان العراق، إذ توالى فتح القنصليات الايرانية والبريطانية ثم الفرنسية فالروسية في اربيل خلال اشهر قليلة لتنضم الى عدد من مكاتب فرعية لسفارات دول أجنبية في الاقليم. ويقتصر التمثيل الدبلوماسي في الإقليم على الدول الاجنبية دون العربية. ويتراوح التمثيل الدبلوماسي للدول الاجنبية بين قنصليات رسمية يديرها دبلوماسيون أجانب معتمدون لدى الاقليم مثل القنصليات الروسية والبريطانية والفرنسية والإيرانية، وبين مكاتب فرعية لسفارات الدول المعتمدة لدى بغداد ويديرها صغار الموظفين كمكاتب ممثليات كل من ألمانيا وكوريا الجنوبية التي تحتفظ ايضا بلواء من قواتها العسكرية في أربيل يسمى بلواء الزيتون في اطار القوات المتعددة الجنسيات المرابطة في العراق. وتوجد كذلك قنصليات فخرية يديرها موظفون اكراد من شخصيات اجتماعية معروفة يمثلون دولا مثل هولندا وإسبانيا، لكنهم لا يتمتعون بأي صفة دبلوماسية، بالاضافة الى مكتبين لتنسيق الاعمال وتنظيم العلاقات يمثلان كلا من جمهورية الجيك وايطاليا ويديرهما ايضا موظفون محليون مجردون من أي صفة دبلوماسية. وينفي نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة اقليم كردستان ان يكون فتح القنصليات «تمهيدا» لاستقلال الاقليم في المدى البعيد، ويقول «لا استطيع الجزم بذلك لأن الاقليم هو جزء من الدولة العراقية وبموجب الدستور الدائم للبلاد فان من حق الدول الصديقة اقامة ممثليات دبلوماسية لها في هذا الإقليم». وأضاف بارزاني في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» قائلا «بما ان الإقليم جزء هام من العراق فان الواقع يستدعي من الدول الصديقة إقامة ممثليات دبلوماسية وسياسية لها في هذا الاقليم، وهو أمر يبعث على السرور والارتياح، ونحن نأمل في ان تبادر الدول الاوروبية الاخرى والولايات المتحدة والدول العربية ايضا الى فتح قنصليات لها في الإقليم».

من جهته، سلط كورنيليوس هوبرتس السكرتير الاول للمكتب الفرعي في اربيل والتابع للسفارة الالمانية في بغداد، الاضواء على طبيعة العلاقات الدبلوماسية بين بلاده واقليم كردستان والأسس التي تقوم عليها تلك العلاقات، قائلا «أولا أود التأكيد على ان العلاقات الدبلوماسية بين ألمانيا والعراق جيدة جدا وان الحكومة الألمانية تتابع عن كثب وباهتمام شديد الأوضاع والمستجدات على الساحتين العراقية والكردستانية، وبما ان إقليم كرستان هو جزء مهم من العراق فانه من البديهي ان تمتد العلاقات الدبلوماسية الجيدة لألمانيا الى هذا الجزء من العراق الذي يشهد استقرارا واضحا في اوضاعه الامنية، اضف الى ذلك العلاقات الودية المتينة اصلا بين الشعبين الصديقين الألماني والكردستاني، خصوصا وان هناك اكثر من 80 ألف مواطن كردي عراقي مقيم في ألمانيا، ويحظى جميعهم بدعم ورعاية الحكومة الألمانية التي احتضنتهم عندما كانت المنطقة تعاني من أوضاع أمنية واقتصادية سيئة»، وأضاف هوبرتس في حديثه لـ«الشرق الاوسط» ان «احتضان ألمانيا لأولئك اللاجئين الكرد على مدى نحو عشرين عاما خلق عندهم شعورا بأن ألمانيا غدت بلدهم الثاني وبناء على ذلك نشأت علاقات حميمة ووثيقة الأواصر بين الكرد والألمان وفي ضوء تلك الاسباب مجتمعة ارتأت الحكومة الالمانية فتح ممثلية دبلوماسية لها في هذا الاقليم».

وأكد الدبلوماسي الألماني أن بلاده تسعى لخلق علاقات مثالية مع الاقليم في جميع المجالات، وستبدأ خطوتها الاولى في هذا الميدان من خلال تنفيذ برنامج تربوي يدعى «برنامج التعاون المستقبلي»، ويتمثل في انشاء ثلاث مدارس للغة الألمانية في الاقليم لاحتضان اطفال اللاجئين الكرد الذين عادوا من ألمانيا والذين تلقوا هناك تعليما باللغة الألمانية، الى جانب اقامة مركز ثقافي الماني لتمكين العائدين من مواصلة التعاطي مع الثقافة الألمانية ومواكبتها، وبموازاة ذلك تدعم الحكومة الالمانية نشاط القطاع الخاص في اقليم كردستان، عبر حث الشركات الالمانية على الاستثمار وتوسيع نطاق نشاطاتها الاقتصادية في المنطقة. وتابع هوبرتس قائلا «اما على الصعيد السياسي فان علاقاتنا مع الجانب الكردي كانت وما برحت ممتازة، والحكومة الألمانية تثمن عاليا جهود ومساعي حكومة الإقليم والقيادة الكردية من اجل تحقيق المصالحة الشاملة في العراق».

ونفى هوبرتس ان يكون التمثيل الدبلوماسي لبلاده في اربيل محاولة من برلين للاعتراف الرسمي بإقليم كردستان ككيان مستقل وقال «الحكومة الألمانية تدعم فقط جهود حكومة الاقليم على صعيد تحقيق المصالحة العامة في العراق وتثمن دورها عاليا في العمل لتحقيق التعايش السلمي المشترك في البلاد».

بدوره، أوضح غازي خيلاني مسؤول قسم العلاقات التجارية في مكتب اربيل التابع للسفارة الجيكية في بغداد، أن الغاية من فتح المكتب الذي استحدث في اربيل منتصف عام 2005 هي «تعزيز العلاقات التجارية بين الاقليم وجمهورية الجيك من خلال حث الشركات الجيكية على الاستثمار في الاقليم»، مؤكدا في الوقت ذاته أن العلاقات الدبلوماسية بين براغ واربيل في مستوى «جيد جدا».

وأضاف خيلاني، وهو موظف محلي، ان مكتبه يتولى فقط ادارة الشؤون التجارية بين الاقليم والشركات الجيكية، اما العلاقات الدبلوماسية فيتولاها السفير الجيكي المتعمد لدى بغداد من خلال زياراته الشهرية المنتظمة لأربيل، حيث يقوم بتمشية معاملات وإجراءات السفر ومنح تأشيرات الدخول الى الراغبين في السفر الى جيكيا، لأن الاوضاع الامنية غير المستقرة في بغداد تحول دون ذلك هناك. وحول ما اذا كانت الجيك تنوي تعيين قنصل لها في اربيل قريبا قال خيلاني «لم يتخذ قرار بهذا الشأن بعد بشكل رسمي».