المصريون مسلمين ومسيحيين يستخدمون عبارة «إن شاء الله» في كل تصرفاتهم

أصبحت لازمة لغوية في الإجابة عن كل سؤال

TT

تحمل سلسلة مطاعم ماكدونالدز هنا نفس الشعار الذي تحمله في كل مكان في العالم. ويعد الطعام نفس خط الإنتاج أيضا. ولكن هناك عنصرا غير مرئي، وعلى وجه الدقة ديني، في إحضار ساندوتش البرغر في الصحن، وقد يكون مفاجأة لمن لا يعرفه.

«إن شاء الله»، هذا ما قاله نادل المطعم الذي يتلقى الطلبات أثناء ذهابه لإحضار ساندوتش برغر بدون بصل في مطعم ماكدونالدز في طريق الإسكندرية الصحراوي، الذي يبعد 30 ميلا عن وسط القاهرة.

لطالما كان المصريون متدينين، منذ العصر الفرعوني وحتى الآن. ويشير أي دليل سياحي عن مصر إلى استخدام المصريين المتكرر لعبارة «إن شاء الله» في الحديث عن أحداث في المستقبل، كإشارة لإيمانهم العميق وعقيدتهم في أن كل شيء يحدث، أو لا يحدث، بمشيئة الله. فغالبا ما تتبع مقولة «أراك غدا» مصحوبة بابتسامة وعبارة «إن شاء الله». ولكن وصل استخدام عبارة «إن شاء الله» إلى حد المبالغة. فقد أصبحت مرتبطة الآن بالإجابة على أي سؤال. فعلى سبيل المثال إذا سألت شخصا: «ما اسمك؟»، فقد يجيبك: «محمد، إن شاء الله».

«أقول لهم»، «هل أنت محمد بالفعل، أم أنك ستكون محمدا؟» هكذا علقت عطيات الأبنودي، مخرجة الأفلام التسجيلية في القاهرة.

لقد أصبحت عبارة «إن شاء الله» المعادل اللغوي لحجاب الرأس الذي ترتديه النساء، وعلامة الصلاة على جباه الرجال. كما أصبحت مظهرا للتقوى ورمزا للإيمان. وأصبح استخدامها لا إرادي، حيث أصبحت لازمة لغوية ترتبط بكل سؤال. ولكنها ذات مغزى قوي، سواء قصد بها ذلك أو لا.

ويقول المعلقون السياسيون والاجتماعيون هنا إن استخدامها المتكرر يعكس درجة استعانة الأشخاص بإضافات دينية في حياتهم اليومية أو يزيد منها، أو كلاهما معا. هل ستقلني سيارة الأجرة إلى المكان المقصود؟ هل سيقدم لي ساندوتش البرغر بدون بصل؟ ما اسمي؟ الإجابة على ذلك تأتي دوما مصحوبة بعبارة «إن شاء الله».

«تستخدم عبارة «إن شاء الله» الآن على نطاق أوسع مما كانت عليه منذ 20 عاما»، هكذا قال الكاتب المسرحي المصري علي سالم.

«كنا دوما معتادين على قول إن شاء الله فيما يتعلق بما نخطط له في المستقبل. والآن هي مظهر من مظاهر التقوى».

تنبع هذه العبارة من الإيمان، ولكن كما زاد انتشار الحجاب وعلامة الصلاة، يعكس انتشار استخدام هذه العبارة زيادة موجة التدين في المنطقة.

وتقول غادة شهبندر، وهي ناشطة سياسية درست اللغويات في الجامعة الأميركية في القاهرة: «طوال العقود الثلاثة الماضية، اتسع دور الدين ليشمل كل شيء في حياتنا».

أصبح الالتزام الديني رد فعل عام، وعادة لازمة، مثل إطلاق نفير سيارات الأجرة في مصر باستمرار، حتى وإن لم يكن هناك سيارات أخرى في الطريق.

يملك سامر فتحي، 40 عاما، كشكا صغيرا لبيع الحلوى والسجائر وبطاقات الهاتف في وسط المدينة. عندما طلبت منه بطاقة هاتف فئة مائة جنيه، أجاب بلا وعي «إن شاء الله»، وأخذ يبحث عن واحدة وسط البطاقات.

وفي 19 شارع إسماعيل، فتح باب المصعد، وكان السؤال: «هل ستنزل؟» فأجاب الراكب: «إن شاء الله». وبينما أصبحت العبارة صيغة مكررة، تعتبر أيضا وسيلة للمراوغة المفيدة لتجنب الالتزام. فلن تحتاج إلى أن ترفض شيئا. فإذا لم يحدث الشيء، فمعنى ذلك أن الله لم يرده أن يحدث. وتقول نازلي شاهبندر، ابنة غادة، إنه على سبيل المثال إذا دعيت إلى حفلة، ولم تكن ترغب في الذهاب، فلن تقول لا ابدا.

سأقول «إن شاء الله»، هكذا أجابت نازلي شاهبندر، 24 عام. وتشير أيضا إلى أن «إن شاء الله» ليست هي العبارة الدينية الوحيدة التي دخلت في القاموس اليومي. فقد اعتادت الابنة، مثل كثير من الأشخاص هنا، على استخدام شهادة الإسلام كتحية يومية، فبدلا من «كيف احوالك .. جيدة» تقول لصديقتها: «لا إله إلا الله».. وتكمل الصديقة «محمد رسول الله». ويجيب الأشخاص على الهاتف الآن بنفس الطريقة متجنبين العبارة التقليدية وهي كلمة ألو. «المصريون شعب متدين جدا»، هكذا وصفهم مصطفى سعيد، 25 عاما، الذي كان يخبر صديقه أنه يأمل في إصلاح مؤشر سيارته الأسبوع المقبل، إن شاء الله. «نحن نؤمن أن الله يقدر كل ما يحدث، حتى في السيارة».

ويثبت عيسى المسيحي الديانة أن استخدام عبارة «إن شاء الله» ليست ظاهرة منتشرة بين المسلمين المصريين فقط. ويقول: «لا فرق في أن تكون مسيحي أو مسلم».

«سوف أقلك إلى منزلك، والوصول إلى هناك في وقت معقول معجزة. فطبعا سأقول إن شاء الله».

(ساهم في التقرير نديم عودة)

* خدمة «نيويورك تايمز»