أولمرت إلى القاهرة لشكر مبارك على التهدئة.. ودفع مفاوضات تبادل الأسرى مع حماس

هنية: لم نعط التزامات بوقف التهريب والإفراج عن شليط.. وحركة البضائع ستعود إلى طبيعتها خلال 10 أيام

طوابير الغاز في رفح بجنوب قطاع غزة استعدادا للتمويل (إ.ب.أ)
TT

يتوجه رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، بعد غد الى القاهرة للاجتماع بالرئيس المصري، حسني مبارك، وتقديم الشكر له على دور مصر في احراز التهدئة بين اسرائيل وحماس، والطلب منه تكثيف الجهود لانجاح المحادثات حول صفقة تبادل أسرى تفضي الى اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الأسير، جلعاد شليط، مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين.

وسيرافق أولمرت في هذه الزيارة، العميد عوفر ديكل، المفاوض الاسرائيلي الرئيسي حول ملف الأسرى، الذي سيجتمع مع وزير المخابرات المصرية، عمر سليمان، مطلقا بشكل رسمي عملية استئناف المفاوضات بين حماس والحكومة الإسرائيلية (بالوساطة المصرية)، حول هذه الصفقة. وقالت مصادر سياسية في مكتب أولمرت، أمس، انه سيطلب من الرئيس مبارك أن يسعى لدى حماس لكي تدار المفاوضات هذه المرة بشكل مختلف عن المرات السابقة. وسيطلب اجراءها بشكل مكثف من دون توقف وسيبلغه بأنه مستعد لابقاء عوفر ديكل عدة أسابيع في مصر بشكل متواصل في سبيل انجاز هذه المهمة.

وفي الوقت نفسه، أصدر مكتب أولمرت بيانا قال فيه ان هذه الجهود تعتبر استكمالا للتفاهمات بين اسرائيل ومصر من جهة وبين مصر وحماس وبقية التنظيمات العسكرية الفلسطينية في قطاع غزة من جهة ثانية، حول التهدئة. وأكد ان اسرائيل لن توافق على فتح معبر رفح ورفع الحصار بالكامل عن قطاع غزة، إلا إذا تمت صفقة تبادل الأسرى وعاد الجندي شليط الى ذويه.

ويرى المراقبون ان هذه النشاطات لا ترمي فقط الى تدعيم موقع أولمرت ورفع مكانته الجماهيرية المتدهورة فحسب، بل انها محاولات منه لمجابهة الجهاز القضائي الاسرائيلي الذي يتوقع أن يتخذ موقفا سلبيا من الصفقة. فكما هو معروف، فإن والدي الجندي الأسير، شليط، ستوجهان الى المحكمة بطلب استصدار أمر احترازي لتجميد التهدئة والتوقف عن أية ممارسات لفك الحصار عن غزة طالما ان حماس لا تحرر ابنهما. وهما يستندان في هذه الدعوى الى وعود كان قد قطعها أولمرت لهما سبع مرات بأن لا يعقد اتفاق تهدئة من دون تحرير شليط. تجدر الإشارة الى ان اليمين الاسرائيلي وعددا كبيرا من وزراء أولمرت، هاجموا اتفاق التهدئة لأنه لا يتضمن اتفاقا حول شليط. ولكن الرأي العام يساند الحكومة في قرارها تنفيذ الصفقة. ومع ان 64 في المائة من الاسرائيليين قالوا في استطلاع رأي نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، انهم لا يصدقون ان الهدنة سوف تصمد وقال 55 في المائة ان وقف اطلاق الصواريخ عن بلدات الجنوب الاسرائيلي لا تستحق وحدها التوصل الى تهدئة مع حماس، إلا ان 56 في المائة من المستطلعة آراؤهم قالوا انهم يؤيدون الاتفاق بصيغته الحالية. ورفض غالبية الجمهور الاسرائيلي الادعاء اليميني بأن أولمرت أقدم على هذا الاتفاق لأنه يخدم مصالحه الشخصية ويعزز حكمه، وقال 79 في المائة ان هذا الاتفاق لم يغير نظرتهم الى أولمرت، وقال 11 في المائة انهم غيروا رأيهم وأصبحوا أكثر نفورا من أولمرت (8 في المائة قالوا أنهم غيروا رأيهم في أولمرت للأفضل بسبب هذا الاتفاق).

من جهة أخرى يشيد الاسرائيليون بالالتزام الدقيق باتفاق التهدئة من جميع الفصائل الفلسطينية المسلحة، حيث مر يوم أمس أيضا بهدوء تام، وقد أعلن ناطق بلسان وزارة الدفاع انه ابتداء من يوم غد الأحد، سوف تزيد اسرائيل من كمية الشاحنات التي تدخل المواد الغذائية والأدوية وغيرهما من الاحتياجات الضرورية، بنسبة 50 في المائة (من 60 الى 90 شاحنة في اليوم). وفي حالة استمرار الهدوء على هذا النحو، فإن الزيادة ستستمر باطراد وسيتم توسيع دائرة البضائع أيضا لتشمل مواد البناء والأدوات الصحية والأجهزة وغير ذلك من متطلبات الناس. ولكنه أكد هو الآخر انه طالما لم يطلق سراح جلعاد شليط، فإن الحصار على قطاع غزة سيستمر ولو بشكل جزئي. وأضاف ان المخابرات الاسرائيلية تراقب ما يجري على الحدود الفلسطينية المصرية أيضا، فإذا وجدت ان تهريب السلاح الى حماس لن يتوقف، فإن اسرائيل ستعيد النظر في استمرار تطبيق الاتفاق.

المعروف ان مفاوضات تبادل الأسرى أصبحت في مراحلها الأخيرة. فقد اتفق الطرفان على ثمن اطلاق سراح شليط، بأن يطلق سراح 450 أسيرا فلسطينيا نوعيا (مرضى، مسنين، نساء وأطفالا وأسرى من الدرجة الخطيرة، حسب التعبير الاسرائيلي) وعلى شكل اطلاق سراحهم (يسلم شليط الى مصر وتطلق اسرائيل سراح 350 أسيرا، ثم يطلق سراح شليط الى اسرائيل مقابل اطلاق سراح المئة المتبقية منهم). ولكن هناك خلافا حول أسماء 30 أسيرا تطلبهم حماس، وترفض إسرائيل اطلاقهم.

من جهته قال اسماعيل هنية، رئيس الوزراء الفلسطيني المقال، ان حماس رفضت مطالب اسرائيل بوقف تهريب الأسلحة والافراج عن شليط ضمن صفقة التهدئة الأخيرة. معتبرا أن «الاحتلال الإسرائيلي لأول مرة يقر بمبدأ التبادلية في التهدئة». وقال هنية في خطبة صلاة الجمعة في مسجد فلسطين بغزة، أمس «طلبنا وقف العدوان وفك الحصار وفتح المعابر مقابل الهدنة، وهذا ما تم»، مؤكدا ان مدى نجاح التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي «مرهون بمدى التزام الاحتلال الإسرائيلي بالتهدئة وعدم خرقها».

وكشف هنية عن ان الحصار التجاري سوف يرفع كليا عن قطاع غزة بعد 10 أيام من سريان التهدئة التي بدأت الخميس، قائلا «انه بعد 72 ساعة ستبدأ حركة البضائع بالدخول عبر المعابر، وخلال 10 ايام يرفع الحصار كليا وتفتح المعابر وتدخل كل البضائع كما ونوعا وهذا الأمر مثبت في التفاهم برعاية مصرية».

ولم يتضح من حديث هنية متى يمكن فتح معبر رفح، اذ تقول مصادر اسرائيلية انه لن يفتح الا بالإفراج عن الجندي الاسرائيلي المأسور في غزة جلعاد شليط. وقال هنيه ان مصر ستقوم بدعوة الأطراف المعنية «الحكومة في غزة، والسلطة الفلسطينية في رام لله والأوروبيين، للقاء في القاهرة للتباحث في آليات فتح معبر رفح البري» مشيراً إلى أن الوفد سيلتقي خلال الأيام القليلة القادمة لمناقشة الموضوع». اما حول شليط، فقد رفضت حماس وفق هنية، الاستجابة لمطالب اسرائيل بالافراج عن الجندي الاسير جلعاد شاليط. ووقف التهريب. وقال «قالوا على حماس ان توقف ما يسمونه بالتهريب عبر الحدود برا وبحرا، وقالوا لا بد أن يكون شاليط ضمن صفقة التهدئة.. هذه المطالب لم نستجب لها لأنها مطالب ظالمة، وخارجة عن حدود تفكيرنا وقدراتنا وخارجه عن قدرات هذه الحكومة وهذا أمر لا نعطي به التزامات».

الا ان هنيه اكد ايضا، «إننا كفلسطينيين نريد إنهاء قضية شاليط اليوم قبل الغد حتى نكسر القيد عن أسرانا في السجون الإسرائيلية، لكنه اوضح «أن استحقاقات التهدئة تختلف عن استحقاقات شليط وهي إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي». وبين هنية، أنه تم تقديم لائحة للمصرين «تضم 450 اسم من أصل ألف أسير فلسطيني مقابل الجندي شليط وعلى الإسرائيليين الموافقة عليها لإنهاء القضية»، مؤكداً أن «الإسرائيليين وقادتهم هم من يقفون في وجه إنهاء هذه القضية من خلال رفضهم للمطالب الفلسطينية».

برنامج التهدئة

* الأحد: تبدأ مصر المحادثات التمهيدية مع حماس حول التقدم في المفاوضات حول صفقة تبادل الأسرى والبحث في الاقتراح الاسرائيلي لمفاوضات مكثفة.

ترفع اسرائيل عدد شاحنات المواد الغذائية والأدوية من 60 الى 90 شاحنة في اليوم.

* الاثنين:

محادثات مصرية مع السلطة الفلسطينية للتنسيق حول صفقة التبادل وحول اعادة فتح معبر رفح بإدارة الحرس الرئاسي الفلسطيني واشراف مراقبي الاتحاد الأوروبي ومصر ومشاركة شرطة حماس في نقطة داخل قطاع غزة.

* الثلاثاء:

أولمرت يصل الى القاهرة للقاء الرئيس مبارك.

المفاوض الرئيسي الاسرائيلي حول قضايا الأسرى يبدأ المفاوضات غير المباشرة مع حماس حول صفقة التبادل، بالاجتماع الى الوزير المصري، عمر سليمان.

* الأربعاء:

المجلس الوزاري الأمني المصغر في الحكومة الإسرائيلية يلتئم للبحث في كيفية تطبيق التهدئة، فإذا توصل الى القناعة بأنه ناجح، يتم توسيع حلقة فك الحصار عن قطاع غزة ليشمل زيادة البضائع المسموح ادخالها الى القطاع، بالتدريج، لتشمل مواد كمالية، مثل الشوكولاته والبسكويت.

صفقة تبادل الأسرى إطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الأسير، جلعاد شليط، مقابل 450 أسيرا فلسطينيا، على النحو التالي:

* اسرائيل تطلق سراح 350 أسيرا فلسطينيا الى الضفة الغربية وقطاع غزة، وحماس تسلم جلعاد شليط الى السلطات المصرية لتنقله هذه بدورها الى القاهرة.

* اسرائيل تطلق سراح 100 أسير فلسطيني آخر، وفي الوقت نفسه تسلم مصر الأسير الاسرائيلي الى السلطات الإسرائيلية.

* الخلاف الأساسي في تحديد من هم المستفيدون من هذه الاتفاقية حيث تصر إسرائيل على استبعاد أسماء بعينها، وتصر عليها حماس.