الإمارات تتجه لإغلاق ملف أطفال الهجن بتعويضات مباشرة لإعادة تأهيلهم

وفد إماراتي رسمي يتجه اليوم إلى السودان بعد باكستان وموريتانيا

TT

ستكون السودان المحطة الثالثة التي يتجه إليها وفد إماراتي رسمي اليوم، لإغلاق ملف أطفال سباقات الهجن السابقين، أو ما يعرفوا بـ«الركبية»، عبر تقديم تعويضات مادية مباشرة للمتضررين من أطفال الهجن لإعادة تأهيلهم في المجتمعات التي ينتمون إليها.

ويبدأ اليوم وفد رسمي إماراتي برئاسة العميد ناصر المنهالي رئيس اللجنة الخاصة للأطفال الركبية الذين عملوا سابقاً في سباقات الهجن، وذلك لمتابعة مستوى التقدم على صعيد دعم دولة الإمارات للبرامج التي أطلقتها بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» في الدول المعنية بهدف مساعدة الأطفال الذين تم استخدامهم في سباقات الهجن في الإمارات قبل أن تعمد إلى حظرها عام 2005.

وتأتي هذه الزيارة إلى السودان في اعقاب زيارات عدة مماثلة قامت بها بعثة وزارة الداخلية في دولة الإمارات وشملت باكستان وموريتانيا، حيث قدمت إلى الجهات المعنية في الدولتين تعويضات مباشرة للمتضررين من أطفال الهجن السابقين لإعادة تأهيلهم. وكانت وزارة الداخلية في الإمارات قد أبرمت مع منظمة اليونسيف في يونيو (حزيران) 2007، اتفاقا يمنع استخدام الأولاد في سباقات الهجن. وبموجب الاتفاقية يتم توفير ما يقارب 2.7 مليون دولار لمساعدة هؤلاء الفتيان في العودة إلى ديارهم والانخراط في مجتمعاتهم. وجاءت الخطوة لتضع حدا لتقليد قديم يقع ضحيته آلاف الذكور الأحداث الذين يخطفون في سن مبكرة من دول في جنوب آسيا، وخصوصا باكستان وبنغلادش، للقيام بهذا العمل.

وشملت هذه الاتفاقية إجراء مراجعة للخطوات اللازمة لحظر استخدام الأطفال في سباقات الهجن ومكافحة الظروف القاهرة التي تدفع الأسر الفقيرة في هذه البلدان إلى إرسال أطفالها عبر الحدود للعمل. وقد اعتبرت «اليونيسيف» هذه المبادرة نموذجاً فريداً «يجب على باقي الدول اتباعه لإنهاء كافة أشكال استغلال الأطفال». وخلال الزيارة التي تبدأ يوم الاحد، سيلتقي الوفد الاماراتي مع مسؤولي اليونيسيف والمجلس القومي لرعاية الطفولة في السودان ويقوم بزيارة مراكز إعادة تأهيل الأطفال الذين شاركوا في سباقات الهجن ويلتقي عددا من المستفيدين من البرنامج وأفراد عائلاتهم. وتتضمن الزيارة مشاركة الوفد في افتتاح المركز الجديد لوحدة حماية الطفل والأسرة في القضاريف والتقاء الأطفال الذين كانوا يشاركون سباقات الهجن في قريتي مستورة وابو داحان. كما سيشارك الوفد في احتفالات يوم الطفل الافريقي في قرية ابو طلحة بعد لقاء والي كسلا. يذكر أن دولة الإمارات حظرت استخدام الأطفال في سباقات الهجن وعملت على إعادة حوالي 1100 من أطفال الهجن السابقين إلى بلدانهم. كما أبرمت البلدان المعنية اتفاقية تحدد آلية للتعويض تعتمد على لجنة مشتركة يسند إليها تدارس طلبات الأطفال ممن شاركوا سابقاً في سباقات الهجن في دولة الإمارات العربية المتحدة في الفترة بين العامين 1992 و2005. كما تم تشكيل فريق فني عهد إليه بالبحث عن هؤلاء الأطفال والتحقيق في طلباتهم. وقال العميد المنهالي «يسعدني أن أكون بين إخوتنا في السودان لنرى مدى استفادتهم من البرنامج الذي وضعناه بالتعاون مع اليونيسيف للمساهمة في تحسين مستوى معيشة الأطفال عموماً، وأولئك الذين كانوا يعملون في بلادنا في سباقات الهجن». وأضاف «ان توجيهات القيادة الرشيدة واضحة حول تسخير كافة الإمكانات في سبيل إنجاح برنامج التعويض على جميع الذين عملوا سابقا كركبية للهجن في الامارات، ونحن على ثقة بأن القيمين على تطبيق نظام التعويضات يبذلون قصارى جهدهم في هذا المجال».

من جهته، نوه غسان خليل رئيس برنامج حماية الطفل في مكتب منظمة اليونيسيف في دول الخليج العربية بما تقوم به الامارات قائلا «تعتبر زيارة الوفد الاماراتي الى السودان استكمالا للشراكة المتينة التي تم ارساؤها بين دولة الامارات العربية المتحدة واليونيسيف، بهدف ضمان اعادة دمج الاطفال الذين عملوا في سباقات الهجن سابقا، في عائلاتهم ومجتمعاتهم. وان الوفد سيتعرف ايضا الى الجهود المرتبطة بحماية الاطفال وسبل التدخل في المجتمعات المحلية لحمايتهم». وكانت دولة الإمارات قد خصصت مبالغ لمساعدة الأطفال الذين تم استخدامهم في سباقات الهجن، وذلك في إطار دعم خطة التدخل المجتمعية لحماية الأطفال في البلدان الأم بالتعاون مع منظمة «اليونيسيف». ويوفر البرنامج المشترك الذي تقوم به الإمارات ومنظمة «اليونيسيف» التعليم للأطفال الذين تعرضوا سابقاً للاستخدام في سباقات الهجن، إضافة إلى الرعاية الطبية والتدريب المهني. وقد خصصت الامارات اكثر من 11 مليون دولار في الدول التي تمت اعادة الاطفال الركبية اليها لمساعدتهم والمساهمة في تنمية مجتمعاتهم المحلية، بما في ذلك تدريب المعلمين وإقامة المدارس التي يستفيد منها جميع الاطفال المقيمين في تلك المجتمعات. كما تساهم مبادرة الامارات مع اليونيسيف في بناء الصفوف الدراسية وتركيب مضخات المياه وتجهيز دورات المياه، بالاضافة الى العديد من المشاريع. واحتج عدد من المنظمات الدولية على استخدام ما يقدر عددهم بأكثر من 20 ألفا من الأطفال غالبا ما يكونون من دول شبه القارة الهندية في سباقات الهجن بعد أن يقوم سماسرة بشرائهم من أهلهم وتهريبهم إلى دول الخليج. ووفقا لهذه المنظمات، يتم إدخال هؤلاء الأطفال وأغلبهم من بنغلادش وسري لانكا وباكستان والسودان خلسة إلى الخليج. غير أن السلطات الإماراتية صرحت ذات مرة أن هذه الارقام فلكية، وان «الركبية» في الإمارات لا يتجاوزون الثلاثة آلاف طفل.