باريس تتعهد بتزويد الجزائر بمفاعلات نووية وتطهير الصحراء من تلوث تجاربها

رئيس الوزراء الفرنسي وصل إلى الجزائر وتباحث مع نظيره بلخادم

TT

وقعت الجزائر وفرنسا أمس، اتفاقا نوويا وعسكريا ستستفيد الأولى بموجبه من مفاعلات نووية موجهة للاستعمالات السلمية. وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون عن موافقة حكومته على تطهير مناطق بالصحراء الجزائرية، ملوثة بسبب التجارب النووية التي أجرتها باريس مطلع ستينيات القرن الماضي.

ينهي فيون اليوم زيارة للجزائر، بدأها أمس حيث تباحث مطولا مع رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم حول قضايا ثنائية وإقليمية، ووقع معه على اتفاق عسكري ونووي، يسمح بتزويد الجزائر بثلاثة مفاعلات نووية تتكفل شركة «أريفا» الفرنسية بإنجازها. أما الشق العسكري في الاتفاق، فيتعلق بتطوير برامج التكوين لفائدة ضباط جزائريين.

وأوضحت مصادر مطلعة على الاتفاق، لـ«الشرق الأوسط» أن مجموعة «أريفا» التي تنتج المفاعلات والمكونات التقنية المستعملة لأغراض تتعلق بالذرة، تعهدت أيضا بتكوين موظفي ومستخدمي «مركز البحوث حول الطاقة النووية» بالعاصمة الجزائرية. وأشارت إلى أن سفير فرنسا لدى الجزائر برنار باجولي، هو مهندس الاتفاق النووي الذي تم تصميمه، حسب نفس المصدر، من طرف وزير الطاقة والمناجم شكيب خليل ووزير البيئة والتنمية المستدامة الفرنسي جان لوي بورلو، خلال زيارة الأخير الجزائر في 29 مايو (أيار) الماضي. لكن يجهل متى ستستلم الجزائر المفاعلات الفرنسية. ويعد الاتفاق مع فرنسا الثاني من نوعه، تبرمه الجزائر مع دولة أجنبية بعد اتفاق التعاون مع مخابر الذرة بالولايات المتحدة الموقع في يونيو (حزيران) 2007. وكشف الوزير شكيب خليل حينها عن رغبة الجزائر في بناء مفاعل نووي ثالث، وقال إنها «ترغب بتطوير قدراتها في انتاج الكهرباء النووية مع شركاء يريدون الاستثمار في الميدان ويبدون استعدادا لتأهيل منشآتها النووية». ويقصد الوزير تطوير قدرات المفاعلين «نور» بالعاصمة و«سلام» اللذين أقامتهما الجزائر في ثمانينيات القرن الماضي. وأبدى خليل رغبة في أن تتكفل المختبرات الاميركية بتمويل برامج نووية جزائرية موجهة للأغراض السلمية، وتعهد بأن يفتح مجال مراقبتها للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال فيون في حوار نشرته صحيفتا «الوطن» و«الخبر» أمس، إن الاتفاق النووي «يسمح بمساعدة الجزائر على بناء منشآت ضرورية لتطوير الطاقة النووية المدنية، ولكن قبل إعداد برنامج إلكترونووي بمعنى الكلمة، نحتاج إلى إقامة مساعدة فنية في مجال البحث والتكوين والتنظيم».

وأوضح رئيس وزراء فرنسا في نفس السياق، أن بلده «يملك قدرات وخبرة كبيرتين في ميدان الطاقة النووية، وهو مستعد لوضعها تحت تصرف بلدان أفريقيا الشمالية والشرق الأوسط (..) وفرنسا ليس لها اي موقف مسبق تجاه هذه الدول عكس ما تروج له إيران، شرط أن تحترم ما تعهدت به بخصوص معاهدة حظر أسلحة الدمار الشامل». وكشف فيون عن طلب جزائري، مساعدة فنية لتحديد درجة تلوث مواقع بجنوب البلاد جرت فيها تجارب نووية فرنسية بين 1962 و1966، وقال إن بلده وافق على تطهيرها من مخلفات الاشعاعات. يشار إلى أن المئات من ضحايا هذه التجارب يطالبون السلطات الفرنسية بالتعويض. ويلتقي فرانسوا فيون اليوم بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لبحث موضوع أساسي يتعلق بمشروع «الاتحاد من أجل المتوسط» الذي سيطلق رسميا في اجتماع لقادة الدول المتوسطية بباريس في 13 من الشهر المقبل. وقال فيون إن باريس «تحرص على إشراك الجزائر في بلورة الأفكار التي تبني هذا المشروع (..) وقد أبلغتنا بمجموعة من التساؤلات خاصة ما تعلق بمحتوى وهيكلة المشاريع التي سيتضمنها المشروع». وقالت مصادر مطلعة أن فيون سيحاول إقناع بوتفليقة بالتخلي عن تردده في المشاركة في الاجتماع.