وزير خارجية المغرب السابق: بدون سلام يصعب منع دول الشرق الأوسط من امتلاك أسلحة نووية

بن عيسى: استعمال الطاقة النووية في حيز محدود يعني انتحارا جماعيا

TT

دعا محمد بن عيسى، وزير خارجية المغرب السابق، إلى اعتبار مسألة عدم انتشار الأسلحة النووية، ذات أسبقية حيوية بالنسبة للمجتمع الدولي، مضيفا أنها إذا نوقشت في سياقات الشرق الأوسط وأوروبا وحوض البحر الأبيض المتوسط، فإن المسألة تأخذ بعدا سياسيا حادا، بالنظر إلى عدم الاستقرار ومشاكل الأمن القائمة في المنطقة منذ عشرات السنين.

وأضاف بن عيسى، الذي كان يتحدث اول من امس في ندوة نظمها بباريس معهد الدراسات الاستراتيجية حول الأمن في الاتحاد الأوروبي، أن إشكالية عدم الانتشار النووي، يجب النظر إليها كذلك في ظل الاحتياجات المتزايدة لبلدان الشرق الأوسط ودول جنوب حوض المتوسط، في مجال الطاقة، مبرزا أنه لكي تتمكن بلدان مثل مصر والأردن وتونس والجزائر والمغرب من تلبية حاجياتها، فإنها تجد نفسها مضطرة لمواجهة اختيار إنشاء محطات نووية لإنتاج الكهرباء، بل إن دول العالم برمته، وطبقا للتوقعات، لا مفر لها في المستقبل المنظور من اللجوء شيئا فشيئا إلى الحصول على الطاقة الكهربائية ذات المصدر النووي. وبعبارة أخرى، يقول بن عيسى، فإن ذلك الخيار، أصبح أمرا حتميا. ولاحظ بن عيسى ان مستوى استهلاك السكان للطاقة الكهربائية، في منطقة الشرق الأوسط، وكذا الدول المطلة على ضفة المتوسط الجنوبية، يقل عشر مرات عن نظيره في الدول الأوروبية، ما يعني أن الاستهلاك سيرتفع في غضون السنوات المقبلة، بالنظر إلى الحاجيات الاقتصادية التي تتطلبها التنمية في جنوب المتوسط، من دون نسيان مناطق أخرى في العالم، مثل دول جنوب الصحراء حيث ستكون الحاجة مرتفعة أكثر فأكثر.

ولم يستثن بن عيسى دول الخليج النفطية من احتمال لجوئها إلى التقنية النووية كوسيلة لإنتاج الطاقة، على اعتبار أنها أقل كلفة من الناحية المالية، كما أن ذات الدول تسعى قدر الإمكان إلى التقليل من تصدير ثروتها النفطية. واستعرض الوزير المغربي السابق، الوضع المتأزم في منطقة الشرق الأوسط، والناتج في جزء منه، عن القدرات النووية المتعاظمة لدولة إسرائيل، البلد الوحيد الذي لم يوقع على معاهدة عدم الانتشار النووي، والذي لا تخضع منشآته النووية للمراقبة، هذا إضافة إلى عوامل أخرى تتمثل في الأسئلة القائمة حول البرنامج النووي الايراني، وجوار المنطقة لدول أصبحت تمتلك السلاح النووي مثل الهند وباكستان، فضلا عن كون المظلة النووية للحلف الأطلسي تمتد لتغطي تركيا واليونان، مستنتجا أن كل ذلك من شأنه أن يسائل مجموع بلدان الشرق الأوسط حول طبيعة استعمال الطاقة النووية.

وقال بن عيسى انه بدون سلام لا يمكن الوقوف في وجه لجوء الدول في المنطقة الى امتلاك اسلحة نووية وغيرها، مشيرا الى ان الطريق الى السلام الشامل والعادل والدائم في كل ربوع الشرق الاوسط يبدأ من الوصول الى حل للصراع العربي ـ الاسرائيلي، وخاصة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة. وتطرق بن عيسى إلى الكيفية التي يمكن بها، في ظل السياق المذكور، تصور إطار للتنمية والتعاون في مجال محاربة انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط والدول الأوروـ متوسطية، انطلاقا من فرضية أن استعمال الأسلحة النووية في حيز جغرافي محدود، يساوي بكل بساطة انتحارا جماعيا، لا يمكن التحكم في انعكاساته مثلما يمكن أن يتسبب في مأساة عالمية لا تحتمل. ومن ثمة فإن إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل تخص كل الدول الدائرة في ذلك الفضاء الجغرافي، هو هدف حيوي وممكن التحقيق، إذا ما توفرت الإرادة السياسية الضرورية قبل معالجة هذا الموضوع.

وكاجراء ثان، يرى بن عيسى ضرورة تقوية دور فعالية الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حتى تستطيع وفي إطار الاتفاقيات القائمة، الولوج إلى كافة المنشآت النووية الموجودة في دول المنطقة، لتأكيد الضمانات الضرورية.

وكاقتراح ثالث، حث بن عيسى القوى العظمى، وخاصة النووية لكي تقوم بدورها في الالتزام بإنشاء منطقة منزوعة من اسلحة الدمار الشامل، بمقتضى التعهدات التي التزمت بها خلال اجتماعات مراجعة معاهدة عدم الانتشار، بناء على الفصل السادس فيها.