مهاجرون أفارقة يحاولون اقتحام مركز حدودي مغربي للوصول إلى مليلية

عددهم تراوح بين 50 و70 وحملوا العصي والحجارة في مواجهة رجال الأمن

TT

شهد الشريط الحدودي الفاصل بين مدينة مليلية المحتلة والأراضي المغربية، ابتداء من فجر أمس، أحداثا عنيفة، مماثلة لتلك التي عاشتها المنطقة الحدودية في خريف 2005. وقالت وكالة الانباء المغربية ان 58 مهاجرا سريا من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء حاولوا تجاوز الحواجز الأمنية الموجودة بمعبر بني أنصار بالناضور عنوة، والتسلل إلى مليلية، الثغر المغربي المحتل. وأوضح بيان لمديرية الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية المغربية، أنه تم إجهاض هذه العملية بفضل يقظة عناصر الأمن التي كانت تحرس المركز، مشيراً إلى أنه تم تسجيل سبع حالات إغماء، نقلت إلى مستشفى الناضور حيث تلقت علاجات خفيفة. وأضاف البيان أن السلطات المغربية ستواصل التصدي بدون هوادة لشبكات الاتجار في البشر.

وقالت مصادر صحافية وأمنية إسبانية متطابقة، إن عدد المهاجرين من دول جنوب الصحراء، الذين حاولوا فجر أمس الدخول عنوة إلى مليلية، يتراوح بين 50 و70 مهاجرا، وانهم لم يعمدوا إلى طريقة تخطي حاجز الأسلاك المتشابكة، البالغ ارتفاعها 6 أمتار، بل سلكوا الطريق العادي، حاملين معهم العصي والحجارة، مستعملين أساليب العنف ضد قوات الأمن على جانبي الحدود، محطمين وعابثين بكل ما وجدوه في سبيلهم أو اعترضهم، ما أسفر، حسب شهود عيان أسبان، عن إصابة عدد من قوات الأمن الإسباني بجروح خفيفة.

وذكرت مصالح الأمن المحلي في مليلية المحتلة، أنه جرى اعتقال المهاجمين الذين استعملوا كل الوسائل للوصول إلى بر مدينة مليلية، بعد أن اختبأوا فوق الأشجار وتحت السيارات، وكذا حتى في مستودعات القمامة أو تفرقوا في أماكن متباعدة، لكن محاولات الفرار والتسلل باءت بالفشل، بالنظر إلى التعزيزات الأمنية التي استقدمتها السلطات الإسبانية لعين المكان. واقتيد المعتقلون إلى مراكز الشرطة للتأكد من هوياتهم قبل أن يودعوا في مراكز الإقامة المؤقتة في مليلية، في انتظار اتخاذ قرار ترحيلهم وإعادتهم إلى بلدانهم، بدون أن يعرف ما إذا كان سيتم الإبعاد، عبر المغرب الذي تسللوا من أراضيه، أو سيجري ترحيلهم بواسطة النقل الجوي. وتدل المحاولة الجديدة اليائسة التي قام بها المهاجرون، على أن صيف العام الحالي، سيكون أكثر سخونة على جانبي الحدود المصطنعة بين المغرب وإسبانيا، على الرغم من الجهود المتواصلة التي قام بها البلدان للتحكم في الهجرة السرية، عن طريق إحكام المراقبة على الحدود التي تفصل المغرب عن المدينتين المجتزأتين من ترابه.

ويقول المغاربة إنه في ظل غياب تنسيق أمني وتعاون بين سلطات البلدان المعنية بالهجرة، فإنه يستحيل التحكم وإيقاف الأمواج البشرية التي تغادر أوطانها. وكانت الجزائر قد قامت في المدة الأخيرة بالإكثار من نقاط المراقبة على الحدود مع المغرب، لمراقبة الهجرة السرية، وتحرك العناصر المشتبه تورطها في أنشطة إرهابية، إضافة على مراقبة تهريب البضائع التي يمكن أن تغطي المتاجرة في الأسلحة. ويأتي حادث أمس، في وقت أظهرت فيه إسبانيا تشددا إزاء الهجرة السرية، كون الحكومة الاشتراكية الحالية تتعرض لانتقادات من الحزب الشعبي المعارض الذي جعل شعار التخلص من المهاجرين السريين، شعار حملته الانتخابية التشريعية الأخيرة في مارس (آذار) 2008، كما لا يحظى الموقف المتعاطف مع المهاجرين الذي طالما عبر عنه الاشتراكيون الإسبان، مع السياسات الأوروبية الرسمية التي تطالب مدريد بالتشدد حيال ظاهرة الهجرة السرية.

وتقوت جبهة رفض المهاجرين في الاتحاد الأوروبي، بنجاح اليمين الإيطالي بقيادة سيلفيو برلسكوني، رئيس الوزراء الحالي، في العودة إلى السلطة على أنقاض حكومة اليسار، التي ترأسها رومانو برودي، كما أن فرنسا في ظل رئيسها الجديد نيكولا ساركوزي، تسير على نفس خطى اليمين الإيطالي، مع فارق في الخطاب وأسلوب الغضب حيال المهاجرين.

وفي نفس السياق، قالت تقارير من سبتة إن الوضع هادئ على الحدود مع المغرب، وتستبعد السلطات الإسبانية قيام المهاجرين بعمل مماثل للذي جرى في مليلية، حيث أن عدد المختبئين في ضواحي سبتة لا يتعدى خمسين مهاجرا، يتحينون الفرصة للقيام بمحاولات فردية للوصول إلى سبتة بواسطة السباحة في مياه البحر، أو على متن قوارب صغيرة قادرة على قطع المسافة القصيرة بين المغرب وسبتة، لكن المحاولات تبوء في غالب الأحيان بالفشل، وخاصة بعد أن عزز الإسبان مراقبة الشواطئ بالدوريات الأمنية وبالأجهزة المتطورة.