التحقيق مع شيخ محمد: أساليب أشبه بالتعذيب تلحقها جلسات نقاش مرطبة بالتمور

صحيفة أميركية ترفض طلباً رسمياً بحماية هوية المحقق الرئيسي

TT

يدور جدلاً واسعاً في الولايات المتحدة وخارجها حول اساليب التحقيق التي استخدمها محققو وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) مع المشتبه بتورطهم في قضايا ارهاب، ولكن ما زالت تفاصيلها غامضة بعد اصرار ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش على عدم الكشف عن 7 آلاف وثيقة متعلقة ببرنامج استجواب الـ«سي آي ايه» المثير للجدل. وعلى الرغم من السرية حول اساليب التحقيق، التي يقترب بعضها من اساليب تعذيب بدنية ونفسية، ظهرت بعض التفاصيل حول طريقة استجواب المتهم الرئيسي من تنظيم «القاعدة»، خالد شيخ محمد، الذي مثل أمام محكمة عسكرية بداية الشهر الجاري. وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» الاميركية في تقرير مفصل امس ان غالبية الأدلة ضد شيخ محمد التي استخرجت منه اثناء اعتقاله في أحد معتقلات «سي آي ايه» في بولندا جاءت نتيجة لاستجواب محقق مختص بمكافحة تجارة المخدرات انتقل الى استجواب متهمين بقضايا ارهاب رفض استخدام اساليب التعذيب مثل الايحاء بالغرق وإجلاس المتهمين في اوضاع صعبة بالاضافة الى منعهم من النوم. وبحسب الصحيفة، فان المحقق ديوس مارتينيز تعرف إلى شيخ محمد خلال فترة احتجازه. وكان يتحدث معه عن مواضيع مختلفة، بينها شوق المتهم لعائلته. واستطاع مارتينيز النجاح في مهمة استخراج المعلومات من شيخ محمد على الرغم من انه لم يجد اللغة العربية ورفض عرضاً من «سي آي ايه» لتعلم اساليب استجواب قسرية، متمسكاً بأساليب استجواب معتمدة على الصبر والاستعداد للاستماع الى شيخ محمد حتى عندما كان يتحدث عن امور بعيدة عن التحقيق. واعتمدت «نيويورك تاميز» على افادات من موظفي «سي آي ايه» على الرغم من رفض مارتينيز الادلاء بتصريحات لها لشرح طريقة استجواب شيخ محمد. ويظهر ان أساليب مارتينيز ساهمت بالحصول على اعترافات من شيخ محمد، منها قتل الصحافي الاميركي من صحيفة «وال ستريت جورنال» دانيال بيرل. وبحسب الصحيفة، فان مارتينز «جاء بعد الاشياء الصعبة»، أي بعد استخدام محققين آخرين اساليب تعذيب ضد شيخ محمد. وبعد محاولات فاشلة من استخراج المعلومات بشكل قسري من المتهم الرئيسي من «القاعدة»، كان يترك شيخ محمد ليوم او يومين قبل ان يأتي مارتينيز ويقضي ساعات معه في نقاشات مطولة. وكان مارتينيز يأخذ وجبات طعام صغيرة لشيخ محمد، غالباً التمور، ليتناولها المتهم اثناء جلسات التحقيق. وبحسب موظف سابق في «سي آي ايه»، ولدت علاقة شخصية غريبة بين المحقق والمتهم، ادت الى كتابة شيخ محمد ابيات شعرية لزوجة مارتينيز.

وشرح المسؤول الثالث في الـ«سي آي ايه» بين عامي 2001 و2004 أي بي كونغراد ان الوكالة كانت محتارة في الاول كيف تدير السجون السرية التي اصبحت جزءاً اساسياً من «الحرب على الارهاب» بعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001. واضاف: «لم نقم بالاشراف على سجن في السابق، لم تكن لدينا المهارات اللغوية ولا المحققون» المختصون.

ويعتبر الكشف عن طريقة استجواب شيخ محمد دليلاً على فشل «سي آي إيه» باختيارها اساليب قسرية في استجواب المتهمين بقضايا ارهاب. فبالاضافة الى الاساءة الى سمعة الولايات المتحدة، يظهر ان هذه الاساليب لم تكن العامل الاساسي في استخراج المعلومات الحساسة من المعتقلين في سجون «سي آي إيه» خارج الولايات المتحدة، وخاصة في بولندا. ولكن من غير الممكن التوصل الى قرار نهائي حول فعالية اساليب التحقيق مع إبقاء الوثائق المتعلقة ببرنامج تحقيق «سي آي إي» سرية في الوقت الراهن. وكشفت الصحيفة عن هوية المحقق مارتينيز الذي ترك العمل مع «سي آي إيه» قبل اربع سنوات ليلتحق بشركة استشارية تختص بنصيحة «سي آي إيه» حول اساليب الاستجواب، مما جعله يعود للعمل مع المؤسسة الحكومية من جديد بعقد خارجي. وكانت «سي آي إيه» قد طلبت من «نيويورك تايمز» عدم نشر اسم مارتينيز حفاظاً على خصوصيته وأمنه خوفاً من استهداف متطرفين له. إلا ان الصحيفة قررت نشر هويته ونشرت مع المقال شرحاً من رئيس التحرير لهذا القرار، اذ اوضح: «بعد نقاش مع مسؤولين من وكالة «سي آي إيه» ومحامي مارتينيز، رفضت الصحيفة الطلب، مشيرة الى ان مارتينيز لم يعمل بشكل سري، وان آخرين عملوا في الحملة ضد «القاعدة» ذكروا باسمائهم في مقالات وكتب». وأضاف: «المحررون قرروا بأن الاسم ضروري لمصداقية المقال».