سلة الحوافز لإيران: خطاب تطمين موقع من رايس.. وطهران تدرس جدولا زمنيا للتفاوض

3 تفسيرات لتسريب البنتاغون مناورات إسرائيل ووزير الدفاع الإيراني يقول: الأنباء حول المناورات «حرب نفسية»

ايرانيتان عند قبر الإمام الخميني في طهران (أ.ب)
TT

فيما أعلن الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني سعيد جليلي ان المسؤولين الايرانيين يدرسون «جدولا زمنيا» قدمه الممثل الاعلى لسياسة الاتحاد الاوروبي الخارجية خافيير سولانا لاستئناف المفاوضات حول الملف النووي، قال مسؤول بريطاني لـ«الشرق الأوسط» إن سلة الحوافز التي قدمت لإيران الأسبوع الماضي تضمنت لأول مرة خطاب تطمين موقعا من وزراء خارجية اميركا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والصين وروسيا، بالاضافة الى سولانا. وأوضح المسؤول البريطاني ان سلة الحوافز تضمنت منح طهران «ضمانات قانونية» لتزويدها بالوقود النووي اللازم لتشغيل المفاعلات النووية. ويأتي ذلك فيما سادت 3 تفسيرات من تسريبات وزراء الدفاع الاميركية «البنتاغون» لصحيفة «نيويورك تايمز» الاميركية لأنباء المناورات العسكرية التي قامت بها اسرائيل مطلع هذا الشهر فوق البحر المتوسط. وحول «الجدول الزمني» الذي قدمه سولانا لإيران لبدء المفاوضات النووية، قال جليلي عند خروجه من اجتماع مع اعضاء البرلمان الايراني امس «لقد قدموا عرضا (اعضاء مجموعة 5+1) وقدموا اقتراحات، وجدولا زمنيا من عدة مراحل» لبدء المفاوضات. وكان سولانا قد سلم ايران في 14 يونيو (حزيران) باسم مجموعة 5+1 (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن: الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا، الى جانب المانيا) عرض تعاون جديد بهدف الحصول على تعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم.

ولم ترد ايران بعد رسميا على العرض لكن عدة مسؤولين استبعدوا أي تعليق لتخصيب اليورانيوم. وردا على سؤال حول تصريحات سولانا التي قال فيها الاسبوع الماضي ان على طهران تعليق تخصيب اليورانيوم، قال جليلي ان «هذه المسالة ليست جزءا من المحادثات». وأضاف «لقد قدموا عرضهم وقدموا اقتراحات حول طريقة بدء المفاوضات. لقد قلنا ان النقاط المشتركة بين العرض والرزمة الايرانية يمكن ان تشكل اساسا جيدا لبدء المفاوضات». وأضاف جليلي ان ايران تدرس حاليا اقتراحات مجموعة 5+1 لبدء المفاوضات. وتحدثت بعض وسائل الاعلام الغربية عن جدول زمني مع فترة تسبقه من ستة اسابيع لبحث طريقة تنظيم المفاوضات. وخلال هذه الفترة تجمد ايران نشاطات تخصيب اليورانيوم على مستواها الحالي وفي المقابل تعدل القوى الكبرى عن اتخاذ قرار حول فرض عقوبات جديدة ضد طهران. وبعد ذلك تعلق ايران برنامجها لتخصيب اليورانيوم خلال فترة المفاوضات.

من جانبه، قال مسؤول بريطاني لـ«الشرق الأوسط» إن سلة الحوافز لإيران تضمن لإيران مواصلة برنامجها النووي للاستخدام السلمي. وأوضح المسؤول بالخارجية البريطانية الذي لا يستطيع الكشف عن هويته: «السلة تتضمن مقترحات محددة لمساعدة إيران في امتلاك كل شيء تحتاجه من اجل برنامج نووي صناعي حديث، بما في ذلك مساعدات تقنية ومالية، وضمانات قانونية لتزويد طهران بالوقود النووي، وتعاون للتخلص من النفايات المشعة». وتابع: «تغطي السلة ايضا قائمة طويلة من المنافع الأخرى لطهران، من تحسين كبير في العلاقات السياسية والتعاون المشترك، الى الحوار حول القضايا الامنية الاقليمية». وقال المصدر البريطاني إن الجديد ايضا في سلة الحوافز الجديدة الى إيران هى أنها تضمنت «خطاب تطمين» موقعا من وزراء خارجية دول مجلس الامن زائد المانيا، موضحا ان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس من ضمن الموقعين على الخطاب الذي أرفق بسلة الحوافز لإيران. وأوضح المسوؤل أن خطاب التطمين الذي وقع عليه ايضا سولانا «شدد على التزام دول مجلس الأمن وألمانيا بالتفاوض مع الإيرانيين، إذا ما وفوا بالتزاماتهم». وتابع: «الخطاب يتضمن نقاطا أساسية من بينها أننا لا نسعى لحرمان إيران من حقوقها في الاستفادة من الطاقة النووية، فيما مواصلة طهران برنامجها لتخصيب اليورانيوم، التي لا تحتاجه للداوعي المدنية، يشكل تهديدا محتملا للسلم الدولي والأمن. الخطاب يؤكد ايضا ان الخيار في النهاية هو خيار إيران». وكشف المسؤول البريطاني ان دول الاتحاد الاوروبي تنظر حاليا في لوائح جديدة للعقوبات ضد طهران تحسبا لرفض طهران لسلة الحوافز المقدمة من الغرب، موضحا: «اذا وفوا بالتزاماتهم، فإن منافع حقيقية ستعم على جميع الأطراف، لكن اذا رفضوا عرضنا مجددا، وواصلوا تجاهل مطالب الامم المتحدة، فإنهم لن يتركوا لنا خيارا سوى زيادة التكلفة على النظام الإيراني، بفرض مزيد من العقوبات من قبل الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي. مجلس الامن كان واضحا في رسالته وهي أنه إذا لم توف طهران بالتزاماتها، فإنه سيتم فرض المزيد من العقوبات. دول مجلس الأمن وألمانيا أعطت إيران بالفعل المزيد من الوقت للنظر في سلة الحوافز، لكن اذا رفضوا او ماطلوا فإننا يجب ان نتصرف». وشدد المسؤول البريطاني على ان نظر مجموعة 5 زائد واحد في سلة المقترحات الإيرانية التي قدمتها طهران في مايو الماضي، مرهون بوقف طهران تخصيب اليورانيوم وبدء مفاوضات فورية. وكانت ايران في مايو (أيار) الماضي قدمت مجموعة اقتراحات «لتسوية مشاكل العالم» تتضمن 4 محاور أساسية هى التعاون في مجال الطاقة النووية، والهجرة، ونشر الديمقراطية، والتعاون الاقتصادي والأمن الدولي. الى ذلك، راجت 3 نظريات لتفسير كشف البنتاغون عبر تسريباته لصحفية «نيويورك تايمز» الاميركية، ان اسرائيل قامت بتدريبات عسكرية مطلع الشهر الحالي فوق البحر المتوسط. ففيما رأت مصادر ان التدريبات العسكرية تأتي في اطار خطط اسرائيل حقيقية لمهاجمة ايران اذا واصلت رفض وقف تخصيب اليورانيوم، رأت مصادر اخرى ان الكشف عن التدريبات بمثابة رسالة اميركية غير مباشرة الى إيران، عبر اسرائيل، لإقناع طهران بالموافقة على سلة الحوافز الغربية، فيما رأت مصادر اخرى ان التدريبات العسكرية اختبار نفسي وحرب اعصاب لإيران. وهو ما يبدو ان الجانب الإيراني مقتنع به. إذ وصف وزير الدفاع الايراني مصطفى محمد نجار المعلومات التي تحدثت عن مناورات عسكرية اسرائيلية قد تمهد لقصف المواقع النووية في ايران بـ«حرب نفسية». ونقلت وكالة فارس للانباء عن وزير الدفاع الايراني قوله أمس «يبدو ان سلسلة من الحروب النفسية يجري شنها حاليا لترهيب الجمهورية الاسلامية ودفعها الى التخلي عن حقها المطلق والشرعي» في المجال النووي. واضاف المسؤول الايراني «إلا ان هذه التهديدات التي لا اساس لها من الصحة لن ترهب ايران ولن تدفعها الى التخلي عن حقها» في المجال النووي. وتابع وزير الدفاع الايراني «ان ايران لن تكون المبادرة في اي نزاع الا انها ستؤدب بقوة اي معتد». وأضاف «سنرد بكل تصميم وبشكل مدمر على اي عمل معاد عبر استخدام كل الخيارات من دون اي تحديد لا في الزمان ولا في المكان».

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلت الجمعة عن مسؤولين اميركيين ان اسرائيل باشرت في بداية الشهر مناورات عسكرية تبدو استعدادا لهجوم محتمل للجيش على المنشآت النووية الايرانية. لكن وسائل اعلام اسرائيلية رأت ان المناورات العسكرية الاسرائيلية تشكل تحذيرا حقيقيا لإيران، الا انها لا تنذر في الوقت نفسه بهجوم وشيك على منشآتها النووية. وقال المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت احرونوت»: «عندما هاجمت اسرائيل المفاعل النووي العراقي (تموز) عام 1981 اجرى سلاح الجو قبلها مناورة ضخمة والفارق ان اسرائيل في حينه لم تهدد بل ضربت». وتابع «الأمر نفسه بالنسبة للغارة على سورية (في سبتمبر الماضي) لم نوجه اي تهديد قبلا. اليوم اننا نقوم بذلك. وبامكان الايرانيين ان يطمئنوا ان الكلب الذي يعوي لا يعض».

في المقابل رأى يوسي ميلمان الاختصاصي في اجهزة الاستخبارات في صحيفة «هآرتس» ان هذه المناورات الضخمة والتحذيرات الاسرائيلية المتكررة بشأن البرنامج النووي الايراني تعني ان اسرائيل «تستعد للسيناريو الأسوأ». ورأى ميلمان أن اسرائيل «ليست على وشك شن هذا الهجوم. والواقع ان اي قرار لم يتخذ بعد والمسألة لم تناقش بعد داخل اي هيئة حكومية». وتابع «من غير المؤكد ان تكون اسرائيل قادرة على ضرب ايران بشكل يوقف لسنوات عدة العملية الجارية حاليا للتسلح النووي». واعتبر ان اي عملية عسكرية اسرائيلية لن تكون سوى «الحل الاخير» وبعد الحصول على موافقة واشنطن.

من جهته، قال ايتان بن الياهو القائد السابق لسلاح الجو الاسرائيلي في مقابلة مع الاذاعة الاسرائيلية العامة، ان المناورات الاخيرة «رسالة الى الايرانيين والى المجتمع الدولي مفادها ان اسرائيل مستعدة للضرب في حال لم تعط الضغوط التي تمارس على طهران النتيجة المرجوة». وتابع «من البديهي القول ان على سلاح الجو ان يتدرب للقيام بعمليات بعيدة المدى وهو لا يستطيع القيام بها إلا في المتوسط». وشاركت مروحيات في هذه المناورات اضافة الى طائرات للتزود بالوقود حلقت لمسافة نحو 1500 كلم اي تقريبا نفس المسافة التي تفصل بين اسرائيل ومفاعل تخصيب اليورانيوم الايراني في نطنز. من جهته، قال متحدث باسم الجيش تعليقا على المناورات ان «القوات الجوية الاسرائيلية تتدرب بشكل دوري على مهمات متنوعة لمواجهة اي تحديات» محتملة.

وفي اشارة الى القلق المتزايد لدى اسرائيل ازاء البرنامج النووي الايراني، مدد رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود أولمرت لمدة سنة ولاية رئيس جهاز الموساد مئير داغان والذي لا يزال في هذا المنصب منذ عام 2002 حسب ما اعلن مكتب أولمرت. وتفيد وسائل الاعلام الاسرائيلية ان داغان يعنى مباشرة بالملف النووي الايراني. وقال اولمرت امس «لست بحاجة لاقول لكم ان المخاطر والتهديدات التي قد تمس امن اسرائيل لم تتبدد بل اصبحت في بعض جوانبها اخطر مما كانت عليه في السابق»؛ في إشارة الى البرنامج النووي الايراني. وحرص اولمرت على الاضافة «مع ذلك الجيش قوي ونعرف كيف ندافع عن أنفسنا».

ويأتي ذلك فيما قال محللون آخرون ان التسريب الاميركي (عبر صحيفة «نيويورك تايمز») لأنباء التدريبات يمثل «تحركا مقصودا لزيادة الضغط على طهران لوقف نشاطها النووي الحساس». وكتب ألكس فيشمان مراسل الشؤون العسكرية في «يديعوت احرونوت»: «حين تفشل دبلوماسية الضغط الاقتصادي والسياسي في تحقيق نتائج يحدث تحول لدبلوماسية السفن الحربية». وأضاف «في حين يبحث النظام الايراني احدث عرض من ممثل الاتحاد الاوروبي لوقف برنامجه النووي مقابل مزايا واسعة، اختار الاميركيون اضافة بعض الضغط في صورة القوة الجوية الاسرائيلية». فيما كتب المعلق أمير رابابورت في صحيفة «معاريف» الاسرائيلية اليومية ان تسريب البنتاغون كان محاولة «لردع ايران وزيادة الضغط عليها كي تتعاون» مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

من ناحيته، قال سام جاردنر وهو كولونيل متقاعد بسلاح الجو الاميركي يشرف على تدريبات للعديد من الوكالات الحكومية في واشنطن، ان المنشآت النووية الايرانية نائية ومتعددة ومحصنة بدرجة لا يمكن لاسرائيل بمفردها التعامل معها. وأضاف أن «الولايات المتحدة تعتقد بوجود حوالي ألف نقطة مستهدفة، في حين أن ضربة جوية إسرائيلية ستكون ضد حوالي 100 نقطة مستهدفة فقط»، وقال ان مثل هذه الضربة ستكون «معطلة»، اكثر من كونها «مدمرة». وقال وزير النقل الاسرائيلي شاؤول موفاز وهو قائد سابق للجيش لصحيفة «يديعوت» قبل أسابيع «إذا واصلت ايران برنامجها لتطوير اسلحة نووية فسوف نهاجمها». ولم يصل رئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود أولمرت الى حد التهديد صراحة بضرب ايران، ودعا الى استخدام «كل الطرق الممكنة» لوقف نشاطاتها النووية.